هنيئا لهذا الدهر روح وريحان
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
هنيئا لهذا الدهر روح وريحان | وللدين والدنيا أمان وإيمان |
بأن قعيد الشرك قد ثل عرشه | وأن أمير المؤمنين سليمان |
سمي الذي انقاد الأنام لأمره | فلم يعصه في الأرض أنس ولا جان |
وباني العلا للمجد غاد ورائح | وحلف التقى في الله راض وغضبان |
به رد في جو الخلافة نورها | وقد أظلمت منها قصور وأوطان |
وأنقذ دين الله من قبضة العدى | وقد قده للشرك ذل وإذعان |
وقام فقامت للمعالي معالم | وللخير أسواق وللعدل ميزان |
وجدد للإسلام ثوب خلافة | عليها من الرحمن نور وبرهان |
وأكدها عهد لأكرم من وفى | بعهد زكت فيه عهود وإيمان |
به شد أزر الملك وابتهج الهدى | وفاض على الإسلام حسن وإحسان |
فتى نكصت عنه العيون مهابة | فليس له إلا الرغائب أقران |
يهون عليه يوم يروي سيوفه | دما أن يوافيه الدجى وهو ظمآن |
سمي النبي المصطفى وابن عمه | ووارث ما شادت قريش وعدنان |
وما ساقت الشورى وأوجبت التقى | وأورث ذو النورين عمك عثمان |
وما حاكمت فيه السيوف وحازه | إليك أبو الأملاك جدك مروان |
مواريث أملاك وتوكيد بيعة | جدير بها فتح قريب ورضوان |
ودوحة مجد في السماء كأنما | كواكبها منها فروع وأغصان |
لئن عظمت شأنا لقد عز نصرها | بكرات فرسان لأقدارها شان |
قبائل من أبناء عاد وجرهم | لهم صفو ما تنميه عاد وقحطان |
بنو دول الملك الذي سلفت به | لآبائهم فيها قرون وأزمان |
هم عرفوا مثواك في هبوة الردى | وقد راب معهود وأنكر عرفان |
وللموت في نفس الشجاع تخيل | وللذعر في عين المخاطر ألوان |
فأعطوك واستعطوك في السلم والوغى | مواثيق لو خانتك نفسك ما خانوا |
كأن السماء بدرها ونجومها | سراك وقد حفوك شيب وشبان |
وقد لمعت حوليك منهم أسنة | تخيل أن الحزن والسهل نيران |
أسود هياج ما تزال تراهم | تطير بهم نحو الكريهة عقبان |
وأقمار حرب طالعات كأنما | عمائمهم في موقف الروع تيجان |
دنت بهم للفتح تحت عجاجة | كأن مثيريها علي وهمدان |
يوم اقتحام الحفر أيقنت أنهم | يريدون فيه أن تعز ولو هانوا |
بكل زناتي كأن حسامه | وهامة من لاقاه نار وقربان |
وأبيض صنهاج كأن سنانه | شهاب إذا أهوى لقرن وشيطان |
وقد علموا يا مستعين بأنهم | لربهم لما أعانوك أعوان |
ولولاك والبيض التي نهدوا بها | لما قام للإسلام في الأرض سلطان |
ولاستبدلت قرع النواقيس بالضحى | منار وقامت في المحاريب صلبان |
وهم سمعوا داعيك لما دعوتهم | وهم أبصروا والناس صم وعميان |
تصاوير ناس مهطعين لصورة | يكلمهم منها سفيه وميان |
فلله عزم رد في الحق روحه | وأودى به في الأرض زور وبهتان |
وقلت لعا للعاثرين كأنه | نشور لقوم حان منهم وقد حانوا |
وأصبح أهل الحق في دار حقهم | ونحن لهم في الله أهل وإخوان |
فحمدا لمن رد النفوس فأصبحت | لهم كالذي كنا وهم كالذي كانوا |
وأنس شمل بالتفرق موحش | وحن خليط بالصبابة حنان |
ورد جماح الغي من غرب شأوه | وبرد قلب بالحفيظة حران |
وقد أمن التثريب أخوة يوسف | وأدركهم لله عفو وغفران |
وأعقب طول الحرب أبناء قيلة | زكاة ورحما فيه أمن وإيمان |
وحنت لداعي الصلح بكر وتغلب | وشفعت الأرحام عبس وذبيان |
وفازت قداح المشتري بسعودها | وسبا بهرام وأعتب كيوان |
وعرف معروف وأنكر منكر | وطار مع العنقاء ظلم وعدوان |
وأغمد سيف البغي عنا وعطلت | قيود وأغلال وسجن وسجان |
وما كان منا الحي في ثوب ذله | بأنهض ممن ضم قبر وأكفان |
ومن على المستضعفين وأنجزت | مواعيد تمكين وآذن إمكان |
بيمن الإمام الظافر الغافر الذي | صفا منه للإسلام سر وإعلان |
مجرد سيف الإنتقام لمن عتا | فمال به في الدين زيغ وإدهان |
فمن سره المحيا فسمع وطاعة | ومن يحسد الموتى فكفر وعصيان |