إلى أي ذكر غير ذكرك أرتاح
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
إلى أي ذكر غير ذكرك أرتاح | ومن أي بحر بعد بحرك أمتاح |
إليك انتهى الري الذي بك ينتهي | ولاح لي الرأي الذي بك يلتاح |
وفي مائك الإغداق والصفو والروى | وفي ظلك الريحان والروح والراح |
وكل بأثمار الحياة مهدل | وبالعطف مياس وبالعرف مياح |
فأغدق للظمآن محيا ومشرب | وأفصح بالضاحي غصون وأدواح |
تغني طيور الأمن فيها كأنما | بعلياك تشدو أو بذكرك ترتاح |
فألحانها في سمع من أنت حزبه | أغان وفي أسماع شانيك أنواح |
وكم قدت للأعداء من حزن ليلة | ضحاها لمن والاك غنم وأفراح |
سموت لها باسم وفعل كلاهما | بسيفك في الهيجاء أزهر وضاح |
جهاد وفت آيات فعلك باسمه | كما شرح المعنى بيان وإيضاح |
وكالجيش إذ أعلقته منك نسبة | بعزتها تعلو الجيوش وتجتاح |
أبوة آباء لأبناء ملكه | مشابه يحدوهن صدق وإفصاح |
فما ظلموها قائمين بشبهها | إذا غوروا تحت السنور أو لاحوا |
سوابغ لم تخلل بصبغ جسومهم | إذا ما غدوا في لبس نعماك أو راحوا |
ولا أسهكتهم في سبيلك لبسة | بإسهاكها طابوا ومن ريحها فاحوا |
وكم من فتى أعديته منك شيمة | يشم بها ريح العداة فيرتاح |
ويزجي من الخطي أشطان ماتح | إلى قلب وسط القلوب فيمتاح |
وبدر إذا ما غم في رهج الوغى | تجلى به قرن من الشمس لماح |
وقرم لشول الحق إن حال وسقها | تجللها منه ضراب وإلقاح |
جعلت عليه البر والبحر إسوة | ففي البر طيار وفي البحر سباح |
وأقبسته من نور هديك فاهتدى | إلى حيث لا يهدى شراع وملاح |
بفلك كأفلاك السماء نجومها | كمي ونبال وشاك ورماح |
وغر إلى الغايات هيم نوازع | تهيم بها في لجة البحر أشباح |
قرعت بها أمواج بحر تركته | وأمواجه تحت الكلاكل أطلاح |
مفاتيح أقفال الفتوح التي نأت | وأنت بها في طاعة الله فتاح |
وصابحة للمسلمين بغارة | غنائمهم فيها تمور وتنساح |
حكمت برد الحق عنها فأسمحت | ولولا ظباك الحمر ما كان إسماح |
غداة طمست الغي منهم بوقعة | وما قدر مصباح إذا لاح إصباح |
مآثر لم يعطل بها قرن ناطح | وكيف وقرن الحق عنهن نطاح |
قد اكتتبت في اللوح فخرا مؤيدا | صدور الدنا منها سطور وألواح |
وآمالنا فيها بضائع متجر | سجاياك أموال لهن وأرباح |
مساعي أبقين الدهور كأنها | جسوم لها منه نفوس وأرواح |
محاسن تتلوها الليالي كأنها | علوم إليها تستهل وترتاح |
فلو أعطيت غيد الكواعب سولها | لصيغ لها منها عقود وأوضاح |
وبأس لو استعطى الكماة فضوله | لقد لهم منه سيوف وأرماح |
إليها حدتني حادثات كأنها | بوارح يحدوهن برح وأبراح |
على غول بحر من هموم عبابه | برحلي إلى غول المتالف طواح |
إذا رام تغريقي فلج وغمرة | وإن مد في ظمئي فآل وضحضاح |
وحسبي منه في الهواجر والسرى | جناح له من حسن ظني وإنجاح |
وشأو مدى في مورد النجح شارع | وزند هدى في فحمة الليل قداح |
إذا مد إظلام الأسى ظلم الدجى | تمثل لي من نور وجهك مصباح |
وإن أبهمت أقفالها عني الفلا | تخيل لي من بشر برك مفتاح |
فما صدني عن ملتقى الغيل ضيغم | ولا راعني في مورد الماء تمساح |
ولا برحتني يا موفق نشوة | سجاياك لي فيها كئوس وأقداح |
فكل فؤاد مخلص فيك مخلص | وكل لسان صادق لك مداح |