تبلج عن إشراق غرتك الصبح
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
تبلج عن إشراق غرتك الصبح | وأسفر عن إقدامك النصر والفتح |
وقرت عيون المسلمين بأوبة | مصادرها عز وموردها نجح |
كأن شعاع الشمس من نور هديها | وعرف نسيم الروض من طيبها نفح |
ضربت بحزب الله في الأرض مقدما | إلى متجر جنات عدن له ربح |
فضعضعت تيجان الضلال بوقعة | على الشرك لا يؤسى لها أبدا جرح |
ورويت من ماء الجماجم والطلى | متون جياد شفها الظمأ الترح |
بوارق ما أومضن عنك لناكث | فأخلف من سقيا دم ديمة تسحو |
صفائح أعداها سناك فأشرقت | ولم يعدهن العفو منك ولا الصفح |
وزرقا تعالى للعداة كأنما | تطاير من زند المنون لها قدح |
هواد إذا جلين عنك لناكث | فحتم المنايا من لواحظها لمح |
وسابحة في البر والبحر لم يزل | ببسأك في بحر الدماء لها سبح |
إذا جمجمت يوما بها منك صولة | إلى الشرك لم يملك أعنتها الكبح |
رفعت برايات الهدى من صدورها | هوادي أدنى شأوها الشد والضبح |
فما حملت خطبا إلى دار خالع | وإن عز إلا كان أيسره الفدح |
ولا وطئت للكفر أرضا وإن نأى | بها الغول إلا مسها منهم قرح |
فكم روعت للغي في عقر داره | حمى لم يرع من قبلهن له سرح |
بكل حمي الأنف دونك لم يخم | به ساعد عبل ولا صارم شبح |
تحلوا فناطوا بالعواتق في الوغى | جيوبا كراما حشوهن لك النصح |
وكم طردوا من تحت غيل وغابة | إليك أسودا ما يمل لها ذبح |
وسرب مها أخلى الهياج خدودها | فأسفر عن أحداقها الضال والطلح |
لواه عن الأكفاء عزا وإن تقل | لها بالقنا الخطي خطب تقل نكح |
تركن عميد الشرك ما بين جفنه | وبين غرار النوم عهد ولا صلح |
يلوذ بشم الراسيات وسحره | من الطود شعب للمخاتل أو سفح |
وما كر إلا نادبا لمعاهد | لك الفرح الباقي بها وله الترح |
ويا رب علق لم يسسه موفق | فوفره جود وبدده شح |
تركت لعينيه مقاصر عزه | وأحسن ما حليت أوجهها القبح |
وأوطأت أيدي الخيل بيضة ملكه | فأقلعن لا قيض هناك ولا مح |
وإن حمت الآجال بعض حماته | فإنك في أعجاز ليلهم صبح |
وأنت ركزت الملك في الأرض مثلما | يثبت فيها ذو الجلال وما يمحو |
لقد كدحوا نكثا لعهدك منهم | فخيب ذاك السعي وانقلب الكدح |
وأمسوا وأوضحوا موجفين ببغيهم | إلى نقم أمسوا لهن ولم يضحوا |
موارد لا مرعى السيوف بعقرها | جديب ولا شرب الرماح بها نشح |
سريت لهم بالخيل في ظل غيهب | من الليل ما يطوى عليك له كشح |
تقابل فيه البدر والبدر والقنا | وزهر نجوم الليل والجنح والجنح |
وسبطان من أملاك يعرب أقدما | بأجنادها كالنجم يقدمه النطح |
سراجان للإسلام ما طلعا معا | على الخطب إلا بشر اليمن والنجح |
فهذا حسام في يد الملك قاضب | رسوب وهذا في يمين الهدى رمح |
هو الحاجب المحتل من رتب العلا | بحيث تناهى الفخر والحمد والمدح |
وأنفس نفس في الورى غير أنه | إذا لقي الأعداء فهو بها سمح |
وصنو علاه ناصر الدولة الذي | يفوز له في كل مكرمة قدح |
فتلك الربى من بنبلونة والحمى | من الراح مسود بأرجائه الصبح |
وبيعة شنت اقروج أوريت فوقها | سنا لهب فيه لعميائها شرح |
وكان لها الفصح الأجل فأصبحت | لنارك فصحا مالها بعده فصح |
فلله عينا من رأى بك صرحها | ومن جاحم النيران في سمكه صرح |
رفعت من الصلبان في عرصاتها | وقودا له في وجه رومية لفح |
وفجرت فيها من دماء حماتها | بحورا لها في تاج ملكهم نضح |
وأشرعت في أرجائها كل ثاقب | له في شغاف القلب من قيصر جرح |
طوالع من آفاق جيش كأنه | بخرق الملا كسف من الليل أو جنح |
يضل مدى الأبصار في جنباته | ويحسر عن غاياته الريح والضح |
فجوزيت عن سعي البلاد بأنعم | ذخائرها فوز وعاجلها فتح |
ووفيت أجر الصابرين مضاعفا | من الدين والدنيا لك المن والمنح |
ومليت شهرا للصيام نسكته | بأشفاع غزو دأبها الضرب والكفح |
ولا زال عز النصر والفتح عامدا | لآية ما ينوي وآية ما ينحو |