رنو ذاك الغزال أو غيده
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
رُنُوُّ ذاكَ الغَزَالِ، أوْ غَيَدُهْ | مُولِعُ ذي الوَجْدِ بالذي يجدُهْ |
عندَكَ عَقلُ المُحبّ، إنْ فَتكَتْ | بهِ عُيُونُ الظّبَاءِ، أوْ قَوَدُهْ |
دَمْعٌ، إذا قُلتُ كَفَّ هَاملُهُ، | أجرَاهُ هَجْرُ الحَبيبِ، أو بَعَدُهْ |
وَلاَ يُؤدّي إلى الحسانِ هَوًى، | مَنْ لا تَرَى أنَّ غَيّهُ رَشَدُهْ |
أُخَيّ إنّ الصّبَا استَمَرّ بهِ | سَيرُ اللّيَالي، فأنهَجَتْ بُرَدُهْ |
تَصُدُّ عَنّي الحَسناءُ مُبعِدَةً، | إذْ أنا لا قُرْبُهُ، ولا صَدَدُهْ |
شَيْبٌ عَلى المَفْرِقَيْنِ بَارِضُهُ | يَكثُرُني، أنْ أبينَهُ، عَدَدُهْ |
تَطْلُبُ عندي الشّبَابَ ظالمَةٌ، | بُعَيْدَ خمسينَ، حَيثُ لا تجدُهْ |
لا عَجَبٌ، إنْ مَلِلْتِ خِلّتَنَا، | فافتَقَدَ الوَصْلَ منكِ مُفْتَقِدُهْ |
مَنْ يَتَجَاوَزْ على مُطَاوَلَةِ العَيْـ | ـشِ تُقَعْقِعْ منْ مَلّةٍ عُمُدُهْ |
عَادَ بحُسنِ الدّنْيَا وَبَهْجَتِهَا | خَليفَةُ الله مُرْتَجَى صَفَدُهْ |
مُنخَرِقُ الكَفّ بالعَطَاءِ، مَكيـ | ـثُ السّطوِ دونَ الجانينَ، مُتّئدُهْ |
فَخْمٌ، إذا حَطّتِ الوُفُودُ إلى | فِنَائِهِ لمْ يَضِقْ بها بَلَدُهْ |
رِدْءٌ لأهْلِ الإسْلاَمِ أينَ عُنُوا، | مُتّصِلٌ منْ وَرَائِهمْ مَدَدُهْ |
تكلأُهُمْ عَيْنُهُ، وَتَرْجُفُ منْ | نَقيصَةٍ أنْ تَنَالَهُمْ، كَبِدُهْ |
كأنّهُ وَالدٌ يَرِفُّ بهِ | مُفرِطُ إشْفَاقِهِ، وَهُمْ وَلَدُهْ |
قَدْ خَصَمَ الدّهْرُ عَنْ مُقلّهمِ | بالجُودِ، والدّهْرُ بَيّنٌ لَدَدُهْ |
مُعْتَمِدٌ فيهمْ على الله تَنْقَا | دُ إلى سَيْبِهِ، فتَعْتَمدُهْ |
لا تَقْرَبَنْ سُخْطَهُ، فإنّ لَهُ | مُسْتَنْقَعاً يَجْتَوِيهِ مَنْ يَرِدُهْ |
مُظَفَّرٌ، ما تَكادُ تَسرِي منَ الآ | فَاقِ إلاّ بمُفرِحٍ بُرُدُهْ |
أرْسَالُ خَيْلٍ، إذا أطَلّ بها | على أقَاصِي ثَغْرٍ دَنَا أمَدُهْ |
إنْ رُفعَتْ للعِدَى قَسَاطِلُهَا، | أنْجَزَ صَرْفُ الزّمانِ ما يَعِدُهْ |
وَاقَعنَ جَمعَ الشُّرَاةِ، مُحتَفِلاً، | بالزّابِ، والصّبحُ ساطعٌ وَقَدُهْ |
غداة يوم أعيا على عصب | من المحلين أن يكر غده |
أيْنَ نَجَوْا هَارِبِينَ عَارَضَهُمْ | باغٍ من المَوْتِ مُشرِفٌ رَصَدُهْ |
بَاتُوا، وَبَاتَ الخَطِيُّ آوِنَةً | مُنْشَبَةً في صُدُورِهِمْ قِصَدُهْ |
يَخْتَلِطُ الزّابُ في دِمَائِهِمْ، | حَتّى غَدا الزّابُ مُشْرَباً زَبَدُهْ |
أرْضَى المَوَالي نُصْحٌ يَظلُّ عُبَيدُ الـ | ـلّهِ يَغْلُو فيهِم، وَيَجْتَهدُهْ |
يَجرِي على مَذهَبِ الإمامِ لَهُمْ، | وَيَحتَذي رَأيَهُ، فيَعْتَقدُهْ |
وَيَغْتَدي، في صلاح شأنهمُ، | لسَانُهُ المُكْتَفي بهِ، ويَدُهْ |
يَستَثْقلُ النّائمُونَ منْ وَسَنٍ، | وَهْوَ طَوِيلٌ في شأنهمْ سَهَدُهْ |
تَرَفُّقاً في اطِلابِ مَالهمُ، | وَجَمْعهِ، أو يَعُمَّهُمْ بَدَدُهْ |
تَرَفُّقَ المَرْءِ في ذَخِيرَتِهِ، | آذاهُ ضِيقُ الزّمانِ، أوْ صَلَدُهْ |
وَزِيرُ مَلْكٍ تَمّتْ كفَايَتُهُ، | فَلَمْ يَهِنْ حَزْمُهُ وَلاَ جَلَدُهْ |
مأخُوذَةٌ للأُمُورِ أُهْبَتُهُ، | نَسْبُقُهُا، قَبلَ وَقتها، عُدَدُه |
لا تَهْضِمُ الرّاحُ حَدَّهُ أُصُلاً، | وَلا تَبِيتُ الأوْتَارُ تَضْطَهِدُهْ |
لا يَصِلُ الصّاحبُ الأخَصُّ إلى | مَطْوِيّ سِرٍّ أجَنَّهُ خَلَدُهْ |
إنْ غَلّسَ المُدْهِنُونَ في خَمَرٍ، | أضْحَى على الحقّ ظاهراً جَدَدُهْ |
أو عَالَجَ الأمْرَ، وَهْوَ مُمْتَنِعٌ، | تَيَسّرَتْ لانْحلاله عُقْدُهْ |
قَوّمَ مَيْلَ الزّمَانِ، فاطّأدَتْ | لَنَا أوَاخِيهِ، واستَوَى أوَدُهْ |