صدتْ وما صدها إلاّ على ياسِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
صدتْ وما صدها إلاّ على ياسِ | من أن ترى صبغَ فوديها على رأسي |
أحببْ إليها بليلٍ لا يضيء لها | إلاّ إذا لم تسرْ فيه بمقباسِ |
و الشيبُ داءٌ لربات الحجالِ إذا | رأينَهُ وهْوَ داءٌ مالَهُ آسي |
يا قُربَهُنَّ ورأسي فاحمٌ رَجِلٌ | و بعدهنّ وشيبي ناصعٌ عاسى |
ماذا يريبك من بيضاء طالعة ٍ | جاءتْ بحلمي وزانتْ بين جلاسي |
و ما تبدلتُ إلاّ خير ما بدلٍ | عُوِّضْتُ بالشّيبِ أنواراً بأنقاسِ |
هيهاتَ قلبك من قلبٍ ذهبتِ به | هذا الضَّعيفُ وذاك الجلمدُ القاسي |
تجزينَ وَصْلي بهجرٍ منك يمزجُ لي | كأس المنى وهيَ صرفُ الطعم بالياسِ |
و نابحٍ بيَ دلتهُ غباوتهُ | حتَّى فَرَتْهُ بأنيابي وأضراسي |
عوى ولم يدرِ أني لا يروعني | مِن مثلِهِ جَرْسُهُ من بينِ أجراسي |
فقل لمن ضلّ عجزاً أن يساميني | يا بعدَ أرضكَ من طودٍ لنا راسِ |
و أين فرعك من فرعي ومنشعبي | وأينَ أصلُكَ من أصلي وآساسي |
ياقومُ مالي أَرى عِيراً مُعَقَّلَة ً | يُثيرهُنَّ اعتسافاً نخسُ نخّاسِ |
و الشرُّ كالعرَّ يعدى غيرَ صاحبهِ | والكأسُ يَنْزعُها من غيرهِ الحاسي |
و قد علمتمْ بما جرتْ وما شعرتْ | على العشائر دهراً كفُّ " جساسٍ " |
و أنه واحدٌ شبتْ جنايتهُ | ناراً تضرمُ في كثرٍ من الناسِ |
و إنما هاج في عبسٍ وقومهمُ | بنى فزارة َ حرباً سبقُ أفراسِ |
والزِّبرقانُ انتضَى قولَ الحُطَيْئَة ِ في | أعراضِهِ خدعة ً من آلِ شَمّاسِ |
كم تَنْبذون إلينا القولَ نَحسِبُهُ | ترمي إِلينا به أعجاسُ أقواسِ |
يَحُزُّ في الجلد منَّا ثمَّ نحملُهُ | بُقياً عليكُمْ على العينينِ والرّاسِ |
فكم تَدِرُّون شرّاً كلَّ شارقَة ٍ | وإنَّما الشرُّ يُستَدنَى بإبساسِ |
و تحملون لنا خيلاً على جددٍ | منَ الطريقِ على مُسْتَوعِرٍ جاسِ |
وكيف يصلُحُ قومٌ لم يَصِخْ لهمُ | سمعٌ إلى عذلِ قوامٍ وسواسِ |
ضَلّوا كما ضَلَّتِ العَشْواءُ يُركِبُها | جُنْحُ الدُّجى ظهْرَ أجراعٍ وإرهاسِ |
لمّا حماها سوادُ اللّيل عن نظرٍ | " يهدى " الطريقَ تقرتهُ بأنفاسِ |
أما علمتمْ بأنا معشرٌ صدقٌ | وأنَّنا في التَّلاقي غيرُ أنكاسِ |
و غنْ مشينا ، نجرَ الزغفَ تحسبنا | آسادَ بِيشَة َ تمشي بينَ أخياسِ |
وأنَّنا لا يَمَسُّ الذَّمُّ جانبَنا | و لا يهمُّ لنا ثوبٌ بأدناسِ |
و تحسب الجارَ فينا من نزاهتهِ | معرِّساً في الثّريّا أيَّ إعراسِ |
إني أخاف وقد لاحتْ دلائلهُ | طلوعَ يومٍ بودقِ الموتِ رجاسِ |
يُلْفَى حليمُكُمُ غيرَ الحليمِ بهِ | وكيِّسو القومِ فيهِ غيرَ أكياسِ |
و الرمحُ ينطفُ في خدَ الثرى علقاً | نطفَ المزابرِ في حافاتِ قرطاسِ |
يومٌ يرى منكمُ فيه عدوكمُ | ما شاء من قطع أرحامٍ وأمراسِ |
لاتَطْرحوا النُّصْحَ مِنِّي وهْوَ مُتَّبَعٌ | طرحَ المبنَّ بأرضٍ سحقَ أحلاسِ |
ولاتَكونوا كمن لم يدرِ في مَهَلٍ | من ساعة ِ الأمن عقبى ساعة ِ الباسِ |
فإنَّما يذكرُ الإنسانُ حاضرَهُ | وكلُّ أمرٍ بما يمضي به ناسِ |