يا طائرَ الأيكِ غرّدْ لى على الفننِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا طائرَ الأيكِ غرّدْ لى على الفننِ | وداوِ ما بيَ من همٍّ ومن حَزَنِ |
وفى الفؤاد شجونٌ غيرُ زائلة ٍ | إنْ كان قلبك خلواً غيرَ ذى شجنِ |
مالي أراك بلا شَوْقٍ ولا كَلَفٍ | ولا حبيبٍ ترجّيهِ ولا سكنِ ؟ |
إنْ كنتَ تُنْصَفُ ممَّنْ أنتَ تعشَقُه | فإنّنى عاشقٌ من ليس ينصفنى |
وما الشّقاوة ُ إلاّ فتنة ٌ سكنتْ | قلباً وأفلح قلبٌ غيرُ مفتتنِ |
وفى الكثيب الذى فارقتهُ عجلاً | ما شاءتِ العينُ من حسنٍ ومن حسنِ |
أُحبُّ فيه عَسوفاً ليس يرأفُ بي | وقاسى َ القلبِ فظّاً ليس يرحمنى |
ما الوعدُ منه بمألوفٍ لعاشقهِ | فإنْ يعدْ فهوَ بالإنجاز يمطلنى |
يسىء ُ بى مالكاً رقّى ولستُ أرى | حظّاً لنفسى منه أنْ يحرّرنى |
نفسي الفداءُ لخوّانٍ كلفتُ به | أظلُّ أونسهُ دهراً ويوحشنى |
وهمُّ نفسي خَليٌّ باتَ يَشْغلني | أو الصَّحيحُ الذي مازالَ يُمرضُني |
وكم ليالٍ مضتْ لى فى خناصرة ٍ | ينامُ فيها قريراً مَنْ يُؤَرِّقُني |
ظبى ٌ تجافى الجوى عنه فروّحه | يُقيمني حُبُّهُ طوراً ويُقعِدُني |
مُحيِّرٌ وجهُهُ للشّمسِ إنْ طلعتْ | ومخجلٌ قدّه إنْ ماس للغصنِ |
أطيعهُ وهو يعصينى وأنصفهُ | كما يحاول من نفسى ويظلمنى |
ما للخيالِ الذي قد كانَ يطرقُنا | أيّامَ وصلكمُ قد عاد يطرقنى ؟ |
نفتْ يقينى َ عن قلبى أباطلهُ | فما لعينى َ حقٌّ لا ولا أذنى |
قلْ للحُداة وقد زَمُّوا لِرحْلَتِهمْ | يومَ الفراقِ خياشيماً من البدنِ |
دقَّتْ وما زالتِ الأشطانُ تجذبُها | إلى المهامهِ حتّى صرن كالشّطنِ : |
حملتمُ اليومَ قلبى فى هوادجكمْ | فليس ينفعُني أنْ تحملوا بَدَني |
ولستُ في وطنٍ فارقتموهُ وفي | رحالكمْ حيثما يمّمتمُ وطنى |
يا صاحبيَّ على ما الدَّهرُ مُحدثُهُ | من مركبٍ لَيِّنٍ أَوْ مركبٍ خَشِنِ |
قولا لملكِ ملوك الأرض كلّهمُ | والرُّكنِ للدّينِ والماضي على السُّنَنِ: |
قد نلتَ ما لم ينلْ كسرى ولا بلغتْ | همّاتُ عمروٍ ولا سيفِ بن ذى يزنِ |
ما إنْ يكونُ لأخلاقٍ خُصصتَ بها | كريمة ٍ فى الورى شبهٌ ولم يكنِ |
تغضى وما حاذر الأقوامُ كلّهمُ | من الرّجالِ سوى إغضاءِ ذى فطنِ |
وتتركُ القولَ لم تحمدْ مواضعهُ | وكم صموتٍ وما يدعى من اللّكنِ |
يَفديك كلُّ جَمودِ الكفِّ عن كرمٍ | للعرضِ مطّرحٍ للمالِ محتجنِ |
ناءٍ عن الخيرِ مُنْحازٍ بناحية ٍ | عن المكارمِ صَبَّارٍ عن الوَهَنِ |
للهِ درّك فى هولٍ نفضتَ به | عن الضُّلوعِ مُرورَ الرُّعْبِ والجُبُنِ |
والطّعنُ يفتقُ فى كفّيك فاغرة ً | كشِدْقِ أعْلَمَ أوْ لا فهْي كالرُّدُنِ |
وأنتَ في معشرٍ شُمِّ أُنوفُهُمُ | لم يرتضوا فى هضابِ المجدِ بالقننِ |
عارينَ إلاّ منِ الحسناءِ قاطبة ً | كاسينَ إلاّ من الشّنعاءِ والدّرنِ |
ومشتري الحمدِ لمّا قلَّصَتْ هِمَمٌ | عن غاية الحمد بالغالى من الثمن |
لهمْ ثيابٌ نقيّاتٌ بلا دَنَسٍ | مرَّ اللّيالى وعيدانٌ بلا أبنِ |
وإنْ دعوتَ بهمْ فى يومِ ملحمة ٍ | جاءوك شدّاً على الأكوارِ والحصنِ |
بأَذرُعٍ لم تزلْ منهمْ معوَّدَة ً | هزَّ الظّبا البيضِ أو سمرَ القنا اللّدنِ |
قلْ للّذي باتَ يرميني وليس له | علمٌ بأنّك لى أوقى من الجننِ : |
لا تَبْغِ سَلْبي ولا تَمْدُدْ إلى سَلَبي | منك اليدين وركنُ الدّين يحرسنى |
قد كنتُ قبلك أهجو الدَّهرَ مجتهداً | وقد رزقتك لا عتبٌ على الزّمنِ |
فأنتَ أحلى لقلبي من مُناهُ وفي | عيني عُقيبَ السُّرى والأَيْنِ من وَسَني |
قدنى إليك فما أعطيتُ معتصباً | بالتاج قبلك رقّى لا ولا رسنى |
واعلمْ بأنّى َ فى يمناك مدّخراً | خيرٌ من المالِ فى أبياتِ مختزنِ |
فإِنْ تجدْني كما جرَّبتَ ذا لَسَنٍ | فإِنَّ مدْحَك موقوفٌ على لَسَني |
وما رضيتُ سواكُمْ آمراً أبداً | وقد رضيتُك تَنْهاني وتأمرني |
إذا مدحتُك لم أَقرعْ بلائمة ٍ | وباتَ يعذرني مَن باتَ يعذُلني |
قصائدٌ رقَّصَتْ بالسّامعين كما | ترقِّص الخمرُ في أحشاء ذي أَرَنِ |
فالغورُ كالنّجدِ فى نشر الرّواة ِ لها | والحى ُّ من مضرٍ كالحى ِّ من يمنِ |
لي في امتداحك أسبابٌ تُقدِّمني | وتارة ً ليَ أسبابٌ تؤخِّرني |
فطَوْلُ فضلك عن قومي يُجنِّبني | وعظمُ حلمك عن هفوى يشجّعنى |
فاسعدْ بذا العيدِ والإِفطار إنّهما | والنّجحَ فى كلّ ما تبغيهِ فى قرنِ |
وقد مضَى الصَّومُ لم يُكتبْ عليك بهِ | ذنبٌ ولا نالَهُ شيءٌ منَ الظَّنَنِ |
يثنى عليك كما أثنى الرّياضُ وقد | جيدتْ ضواحيه إصباحاً على المزنِ |
ودمْ لمجدٍ تعلّيهِ وممتحنٍ | أخرجْتَه كَرَماً من قبضة ِ المِنَنِ |
ما افَتَرَّ فجرٌ وما لاحَتْ بشائرُهُ | وما تَرَنَّمَ قُمْرِيٌّ على غُصُنِ |