إلامَ أرامي في المنى وأرادي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إلامَ أرامي في المنى وأرادي | وحشوُ صَلاحي في الزَّمانِ فَسَادي؟ |
و فجعي بما نالتْ يداي موكلٌ | فما سَرَّني أنّي بلغتُ مُرادي |
فكم من مصيباتٍ إذا لم يُصبنَني | رواحاً وإمساءً فهنّ غوادِ |
كأنّ جوادي يومَ يطلبني الردى | ولا ناصرٌ لي منه غيرُ جَوادِ |
و لا وزرٌ منه بزرق أسنتي | ولا بِيضِ أسيافي وسُمرِ صِعادي |
أفي كلّ يومٍ يقرع الموتُ مروتي | ويُضرمُ أحشائي بغيرِ زِنادِ؟ |
فيا أَسهماً يمضِينَ حَولَ جَوانبي | لرامي الرَّدَى أنَّى يُصِبْنَ فؤادي؟ |
فرُزْءٌ على رُزءٍ وفجعٌ يُبِيتُني | على حرَّ جمرٍ أو فراشِ قتادِ |
و هل طمعي في العيش إلاَّ جهالة ٌ | وفي كفِّ رُوّادِ الحِمامِ قيادي؟ |
يُسارُ بنا في كلِّ يومٍ وليلة ٍ | إلى حفرٍ تطوى لنا بوهادِ |
وما نافِعي في هذهِ الدَّار مرّة ً | بناءُ أهاضيبي ورفعُ عِمادي |
فيا قربَ بين الفقر فيها من الغنى | وبين ازدراعي تارة ً وحَصادي |
وما إنْ وفَى غيثُ الرَّدى في أصادقي | بأنْ عَلِقَتْ يُمناهُ لي بأعادِ |
ومَن كانَ يُردي ذا حِذارٍ وفطنة ٍ | فماذا ملامُ المهملِ المتمادى ؟ |
سلْ الدهرَ عن سادات لخمٍ وحميرٍ | وأبناءِ نَهدٍ بعدَهُمْ ومُرادِ |
وهل بقيتْ للعين والقلب بهجة ٌ | بهوجِ اللَّيالي في ديارِ إيادِ؟ |
و هل تركتْ أيدي الردى من مخبرٍ | لآلِ نزارٍ كلَّ يوم تنارِ ؟ |
ولو كنتُ مَوعوظاً بشيءٍ عرفتُهُ | يقلِّل حِرصي لاتَّعظتُ بِعادِ |
مضَوا بعدَ أن كانوا يُظَنُّ بقاؤهُمْ | يكون على الدنيا بغير نفادِ |
وقد قلَّدوا الأعناقَ منّا وأَتْرعوا | بطون الليالي من لهاً وأيادِ |
فيا " هبة َ اللهِ " ارتجعتَ إلى الردى | و قد كنت في فضلٍ ذبالة َ نادِ |
وما زلتَ خَرّاجاً عنِ الغيِّ والهوَى | مدى الدهرِ ولاجاً لكلَّ رشادِ |
وكنتَ لعيني ثمَّ قلبي سوادَهُ | و ليس بياضٌ فيهما كسوادِ |
فواللهِ ما ادري أغال نعيهُ | رُقاديَ حُزْناً أم أطارَ فؤادي؟ |
على أنه ذرّ الأسى في جوانحي | و أودعَ منيَّ في الجفونِ سهادي |
وما ضَرَّني والنَّومُ ليس يزورني | دُجًى وضُحًى أنِّي بغيرِ وِسادِ |
فإنْ لم أعِرْ جسمي عليك حِدادَهُ | فقلبيَ حزناً في ثيابِ حدادِ |
و للهِ خطبٌ زارني بعد هجعة ٍ | فحرَّم في عينَيَّ طعمَ رُقادي |
وشرَّدَ عنِّي باصطبارٍ عَهدتُه | " وأحرج " حيزومي وأضعف آدي |
و عرف ما بيني وبين بلابلٍ | عمرتُ وما يمررن لي ببلادِ |
كأنِّي قضيضُ الجنْبِ حُزناً ولَوْعة ً | و فرشي مهيداتٍ بغير مهادِ |
ويا ليتني لمّا ثكلتُك لم أكُنْ | جعلتك من سكانِ دار ودادي |
وليتك لم تحلُلْ رِكابُكَ عَقْوَتي | تراوحها صباً بها وتغادي |
و ما بين قربٍ واشتياقٍ عهدتهُ | حَوَتْ أضلُعي فَرقٌ وبينَ بُعادي |
سقى اللهُ مَيْتاً لا يُرجَّى إيابُهُ | وحلَّ عليه رَبْطَ كلِّ مَزادِ |
وجادَ عليه كلُّ أَسْحمَ مُسْبِلٍ | بعَذْبٍ صَقيلِ الطُّرَّتَينِ بُرادِ |
له من وميضِ البرقِ ثوبٌ مَعَصْفَرٌ | ومن رعدِه وهْناً زَماجرُ حادِ |
و لا زالتِ الأنواءُ يسقين تربه | إذا رائحٌ ولَّى تصَوَّبَ غادِ |
بلا موعدٍ تَخشَى له النَّفسُ خُلفة ً | و خيرُ اللها ما لم تكنْ بوعادِ |