أرشيف الشعر العربي

سلا عنّا المنازلَ لِمْ بَلينا؟

سلا عنّا المنازلَ لِمْ بَلينا؟

مدة قراءة القصيدة : 5 دقائق .
سلا عنّا المنازلَ لِمْ بَلينا؟ ولا سقمٌ بهنّ ولا هوينا
ولمّا أنْ رأينا الدّارَ وَحْشاً منَ الآناسِ أمْطَرْنا الجفونا
وقفنا نأخذُ العبراتِ منّا ونُجريهنَّ ما شاؤوا وشِينا
وقال الفارعون منَ الغواني وداءِ الحبِّ " إنّ بنا جنونا
كأنَّ عيونَنا فَنَنٌ مَطِيرٌ تسيّلهُ نعاماهُ فنونا
ومِن قِبَلِ الهَوَادِج يومَ بانوا رُمِينا بالمحاسنِ إذْ رُمِينا
أخذْنَ قلوبَنا وعَجبن منّا ونحن بلا قلوبٍ لمْ بقينا ؟
فياللهِ أحداقُ الغوانى أمَرْنَ بأنْ عَشِقْنَ فما عُصِينا
مَررْن بنا ونحن بغيرِ بَلْوَى فما جاوَزْنَنا حتى بُلينا
وما زال الهوى حتّى رضينا بهنّ على الصّدودِ فما رضينا
ولمّا أنْ مَطَلْن وَدِدْتُ أنّي فدَيْتُ ردى ً نفوسَ الماطلينا
ومِن سَفَهٍ وقوفُك في المغاني تساءلُ عن فريقٍ فارقونا
سقينا بعد بينهمُ دموعاً وكفنَ فما وقفن وما روينا
فليت الحبَّ أشعرَ منْ عزيزٌ عليه أنْ يبين بأنْ يبينا
ولم نرَ من خلال السّجفِ إلاّ عيوناً فى الوصاوصِ أوْ جبينا
ودِدْتُ وما ودِدْتُ لغير جُرمٍ وهنّ القالياتُ وما قلينا
ولمّا أنْ مشَيْن أرَيْنَ صُبحاً دعاصَ الخبتِ يهززن الغصونا
وهان على عيونٍ وادعاتٍ هجوعاً أنْ نبيتَ مؤرّقينا
وشنباءِ المضاحك من نزارٍ فقدتُ لحسنِ بهجتها القرينا
منَ الّلائي ادَّرَعْنَ الحسنَ سَهْماً يصبنَ به صميمَ الدّارعينا
ولولا أنّها سألتْ فؤادى فجدتُ به لكنتُ به ضنينا
رَمَتْني بالخِيانة ِ في ودادي وكنتُ على مودّتها أمينا
دعينا أنْ نزوركِ أمَّ عمروٍ وإلاّ بالزِّيارة ِ واعِدينا
وقد أورثتنى سقماً فإنْ لم تُداويهِ الغداة َ فعلِّلينا
فكمْ ليلٍ لبستُ به وشاحاً ذوائبَ من هضيمٍ أو قرونا
عَفَفْتُ وقد قَدَرْتُ وليس شيءٌ بأجملَ من عفافِ القادرينا
وزَوْرٍ زارني واللّيلُ داجٍ وقد ملأ الكَرى منّا العيونا
يرينى أنّه ثانٍ وسادى مُضاجِعُهُ؛ وزُورٌ مايُرينا
نعمتُ بباطلٍ ويودّ قلبى وداداً لو يكون لنا يقينا
فيا شعراتِ رأسٍ كنّ سوداً وحلنَ بما جناه الدّهرُ جونا
مشيبكِ بالسّنينَ ومن همومٍ وليْتَكِ قد تُرِكْتِ معَ السِّنينا
كرهتُ الأربعين وقد تدانتْ فمنْ ذا لي بردِّ الأربعينا؟
ولاح بمفرقى قبسٌ منيرٌ يَدُلُّ على مقاتِليَ المَنونا
وإنّى إنْ فخرتُ على البرايا فخرتُ بمن يبذُّ الفاخرينا
بآباءٍ وأجدادٍ كِرامٍ كما كانوا على كلِّ البنينا
أَلسْنا أشجَعَ الثَّقَلْينِ طُرّاً وأوفاهمْ وأجودهمْ يمينا ؟
وأطعمهمْ وأقراهمْ ضيوفاً وأعطاهُمْ إذا وهبوا الثَّمينا
وأركبهمْ لمعضلة ٍ قموصٍ تَشامَسُ عن ركوبِ الرَّاكبينا
وأنضرهمْ وأطهرهمْ ذيولاً وأمضاهمْ وأقضاهمْ ديونا ؟
وإنّا إنْ شهدنا الحربَ يوماً فَرَيْنا بالسُّيوفِ وما فُرِينا
وإنْ أبصَرْتَنا نحمي حَريماً رأيتَ الأسدَ يحمين العرينا
فإنْ طلبَ النّدى كنّا بحوراً وإنْ حذر الرّدى كنّا حصونا
نقود إلى الكريهة ِ كلَّ يومٍ خيولاً ماونينَ ولا وجينا
وكلَّ مغمّسٍ فى الرّوع يقرى صفائحَه التّرائبَ والشُّؤونا
يطاعنُ بالرّماحِ فلا يبالى سَليماً عادَ منها أمْ طَعينا
فإنْ عدّوا خَوَرْنَقَهُمْ عَدَدْنا لنا البيتَ المحرَّمَ والحَجُونا
وزَمْزَمَ مَوْرِداً تُثْني عليه إذا وردتْ شفاهُ الواردينا
وجمعاً تلتجى زمراً إليه لواغبُ يضطربن بلا غبينا
يُخَلْن ضُحى ً وبحرُ الآلِ يجري سفائِنَ يتَّبعْنَ بنا سَفينا
وخَيْفَ مِنى ً تفاهَقَ وادياهُ بهاماتِ الرِّجالِ مُلَبَّدينا
فلستَ تَرى بها إلاّ عَقيراً من الكومِ الذّرا أوْ عاقرينا
وإنْ فخروا بطخفة َ أوْ كلابٍ فخرنا باللّيالى الغرِّ فينا
بخيبرَ أوْ ببدرٍ أو حنينٍ وأحدٍ والمنايا يرتمينا
دفعنا عن رسول اللهِ طعناً وضرباً بالصّوارمِ من لقينا
وقَيْناه ومن يهوى هواهُ بأسيافِ الجلادِ وما وقينا
بأَبصارٍ تُذَرُّ منَ السَّوافي فلا تُنحَى ولا تُحدَى ركابي
وأجسادٍ عُرِينَ من المخازي ومن كرمٍ وخيرٍ ما عرينا
فلا أرماحنا يعرفن ركزاً ولا الأسيافُ يعرفن الجفونا
وكنّا فى اللّقاءِ وفى عطاءٍ يضنّ به نجيبُ إذا دعينا
وكم طافتْ بدوحتنا عيونٌ فلم تَرَ في جوانبها هَجِينا
ألمْ ترَ هذه الأيّامَ عوجاً موارقَ من أكفِّ الّلابسينا؟
وقد كنَّ الصِّحاحَ بغيرِ داءٍ فهاهنَّ الصَّحائحُ قد دُوِينا
أُقلِّبُ في الورى قلبي وطَرْفي فأعجبُ من ضلالِ الحائرينا
عيونٌ عاشياتٌ من هُداها وقدماً ما كللنَ ولا عشينا
وآراءٌ مضلَّلَة ُ النَّواحي لُوِينَ عن الإصابة ِ أوْ زُوِينا
وإنّى لو شكوتُ إلى جنينٍ أشَبْتُ بحَرٍّ شكوايَ الجنينا
" وصمّاءٍ بثثتُ " لها التّشكى أهوّنها وتأبى أن تهونا
رأتْ عندي السُّرورَ، ولو بغيري ألمّتْ ظلَّ مكتئباً حزينا
وظنّوا أنَّها تُفني اصطباري وشرُّ القومِ أكذبهمْ ظنونا
وقالوا: إنَّها خُطَطٌ صعابٌ فقلت : نعم ، ولكنْ قد خطينا
ولمّا لم تَنَلْ منّي مَراماً أحالتْ شامتيها حاسدينا
وكم غُرَّ الرّجالُ فجرَّبوني فلم أكُ في تجاربِهمْ غَبينا
وقد لمسوا بأيديهمْ صفاتى فما وَجدوا على الأيّامِ لِينا
جزَى الزَّوراءَ عن مَلَلٍ فإنّي رأيتُ بها الأذمّة َ ما رعينا
فلا تحنى ولا تحدى ركابى إليها بالرِّجال متى حُدِينا
فإنَّ محاسناً حُدِّثتُ عنها وكنّ بها زماناً قد فنينا
وليس لها لأرْوَى غيرُ رسمٍ وأطلالٍ لنعماءٍ بَلينا
فإنْ تنزعْ نزعتَ لباسَ عزٍّ وإنْ تلبس لبستَ هناك هونا
وإنْ تنظرُ نظرتَ إلى خطوبٍ ترقَّصُ عن قلوبِ الشّامتينا
فعدِّ قرارَ عقوتها سليماً طليقاً كنتَ فيها أم رهينا
وقرِّبْ للنَّجاءِ قَطَاة َ نَهْدٍ وإلاّ فالعذافرة َ الأمونا
فلا بقيتْ كما نحنُ اللّيالي وأُبدلنا منَ الرِّيبِ اليقينا
وأَطْلِعْها نُجوماً غارباتٍ كُشِطْنَ بما نراهُ أو مُحينا
وذَعْذِعْها جهالاتٍ تلاقَتْ وضعْضِعها ضَلالاتٍ بُنينا

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (الشريف المرتضى) .

سَلِ الجِزْعَ أين المنزلُ "المتنازحُ"

المرءُ يجمعُ، والدُّنيا مفرِّقة ٌ

إنّ نعمى وما درتْ

أبى الزّمانُ سوى ما يكره الشّرفُ

ما ضرَّ مَن زار وجُنحُ الدُّجى


روائع الشيخ عبدالكريم خضير