ما زرتَ إلاّ خداعاً أيها الساري
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ما زرتَ إلاّ خداعاً أيها الساري | ثمّ انقضيتَ وما قضيتُ أوطاري |
أنَّى يزورُ على الظَّماءِ مِنْ شَحِطٍ | مَن كان صُبْحاً وقُرباً غيرَ زَوَّارِ؟ |
و ليس ينفع من يضحى بمجدبة ٍ | أنْ باتَ مابينَ جنَّاتٍ وأنهارِ |
قد زارني قبلك الشيبُ الملمُّ ضحى ً | فما هششتُ له ما بين زواري |
وكنتُ أعذرُ نفسي قبل زَوْرتِهِ | فالآنَ ضاقتْ على اللذَّاتِ أعذاري |
لوامعٌ لم تكنْ للغيثِ جاذبة ً | وأنجُمٌ لم تُنِرْ للمُدْلِجِ السَّاري |
لامرحباً ببياضٍ لم يكنْ وَضَحاً | لغرة ِ الصبحِ أو لمعاً لنوارِ |
أبعدَ أنْ سمقتْ في العزَّ أبنيتي | وجالتِ الأرضَ آثاري وأخباري |
ونِلتُ ماذِيدَ عنه كلُّ مُلتَمِسٍ | عفواً وطامَنَ عنه كلُّ جبّارِ |
وداسَ بي أُفُقَ الجوزاءِ مُنتعلاً | ماشِيدَ من فضلِ أقداري وأخطاري |
يرومُ شأوي وقد عزَّ اللِّحاقُ بهِ | طماعة ٌ من قصير الخطو عثارِ |
أضلهُ اللؤمُ عن ذمي وجنبهُ | خمولهُ وقعَ أنيابي وأظفاري |
و قد عجمتمْ أنابيبي فلم تجدوا | فيهنَّ إلاّ صَليباً غيرَ خَوّارِ |
وما نهضتُمْ بأعباءٍ نهضتُ بها | ولا أحطتُمْ بأطرافي وأقطاري |
ولا ضَربتمْ ونَقْعُ الحربِ مُلتبِسٌ | في فيلقٍ كزهاءِ الليل جرارِ |
لايُبعدِ اللهُ أقواماً مَضَوا سَلَفاً | كانوا على نبواتِ الدهرِ أنصاري |
شموسُ دجني ومقباسي على غسقٍ | و في الحنادسِ أنواري وأقماري |
قومٌ إذا نزلوا داراً على عَجَلٍ | كانوا نزولاً مع النعمى على الدارِ |
و إن أهبتُ بهمْ في يومِ معركة ٍ | جاؤا ولم يمطلوا عنها بأعذارِ |
لايرهبون سِوى إيلامِ لائمة ٍ | ولايخافون إلاّ جانبَ العارِ |
كأنَّهمْ وُلدوا في الحرب وارْتضعوا | بسائلٍ من نجيع الطعن موارِ |
لا يعرفُ المالَ إلاّ حين يجعلهُ | سَدّاً لثلْمٍ وإِغناءً لإِفقارِ |
جفانهُ كجوابي الماءِ فاهقة ٌ | وخُلْقُهُ كزُلالٍ بينها جارِ |
كم قد بلغتُ بهمْ في مطلبٍ أَرَبي | و كم أحذتُ بهمْ من معشرٍ ثاري |
وكم جَرَرْتُ حقوقي بعدَ ما شَحَطَتْ | بنصرِهم من لَهاة ِ الضَّيغمِ الضّاري |
المطعمين على خصبٍ ومسغبة ٍ | والمنعمين على عُسرٍ وإيسارِ |
طاحوا وماطاحَ حُزني بعدهمْ ونأَوْا | عني وما نزحوا من بين أفكاري |
رزئتهمْ فيدي من بعدهم صفرتْ | منَ النَّفيس، وقلبي من هوى ً عارِ |
و لم يفتهمْ وقد حازوا الكمال على | كلّ الخلائقِ إلاّ طولُ أَعمارِ |
وقد مررنا بدارٍ بعدَهُمْ خَشَعَتْ | بعد اعتلاءٍ وأقوتْ بعد إعمارِ |