فوائد وأحكام من قوله تعالى: { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم }
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
فوائــد وأحكــام من قوله تعالى﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾
قوله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 226، 227]
1- إباحة الإيلاء من الزوجة، فيما دون أربعة أشهر؛ لقوله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشهرٍ ﴾، وقد آلى صلى الله عليه وسلم من نسائه شهرًا.
قال ابن القيم[1]: «جعل مدة الإيلاء أربعة أشهر؛ لأن الزوج يحتاج إلى ترك وطء امرأته مدة لعارض، من سفر، أو تأديب، أو راحة نفس، أو اشتغال بمهم، ولا يلزم من ذلك أن يكون الوطء مؤقتًا بأربعة أشهر مرة».
2- ثبوت حكم الإيلاء في حق الزوجات، مدخولًا بهن، أو غير مدخولٍ بهن، دون ملك اليمين؛ لقوله تعالى: ﴿ مِنْ نِسَائِهِمْ ﴾.
3- أن الإيلاء لا يجوز أكثر من أربعة أشهر؛ لقوله تعالى: ﴿ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
4- إذا آلى الرجل من زوجته مطلقًا، أو أكثر من أربعة أشهر انتظر أربعة أشهر، منذ وقع الإيلاء، فإما أن يفيء، ويرجع إلى جماع زوجته، وإما أن يطلق؛ لقوله تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.
ويجبر على ذلك، إذا هي طالبته بذلك، فإن أبى فسخها الحاكم منه، أو طلقها عليه.
5- إذا كان الإيلاء أقل من أربعة أشهر فعلى الزوجة أن تصبر، وليس لها مطالبته وإلزامه، لا بالفيء ولا بالطلاق، ويستحب للزوج أن يفيء ويكفر عن يمينه، وإن أتم يمينه فلا شيء عليه.
6- أن وطء الرجل لزوجته- كما أنه من حقوقه عليها- هو أيضًا من حقوقها عليه؛ لهذا يجب عليه وطؤها وإعفافها، ولا يجوز تركها مدة طويلة- مع حاجتها إلى ذلك- ما لم تأذن لزوجها بذلك، فالحق لها.
7- رعاية الإسلام لحقوق النساء، ودفع ظلم الأزواج عنهن، وفي ذلك حفظ لهم، ولهن من الظلم.
8- أن الطلاق لا يقع بمجرد مضي أربعة أشهر على الإيلاء؛ لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ ﴾.
وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وهو الصحيح.
وقيل: يقع بمجرد مضي أربعة أشهر تطليقة واحدة.
9- الترغيب في الفيء، والرجوع إلى جماع الزوجات؛ لترتيب مغفرة الله- عز وجل- ورحمته على ذلك؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
10- إثبات صفة المغفرة التامة، والرحمة الواسعة لله عز وجل؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ والرحمة سبب المغفرة.
11- في اقتران صفة المغفرة والرحمة في حقه - عز وجل - زيادة كماله إلى كمال، وباجتماعهما في حق عباده كمال نعمته عليهم؛ لأن بالمغفرة زوال المرهوب، وبالرحمة حصول المطلوب، كما أن في تقديم المغفرة على الرحمة إشارة إلى أن التخلية قبل التحلية.
12- إثبات صفة السمع لله- عز وجل- وأنه- عز وجل- ذو السمع الذي وسع جميع الأصوات، وإثبات صفة العلم الواسع له- عز وجل- وأنه ذو العلم الذي وسع كل شيء؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.
13- في اقتران هاتين الصفتين: «سميع»، «عليم».
زيادة كمال علمه عز وجل وإحاطته إلى كمال.
14- في ختام الآية ﴿ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ ﴾ بقوله تعالى: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾: تحذير من التهاون في أمر الطلاق، وإشارة لعظم أمره، ووجوب مراعاة أحكامه، وكراهته، وأنه خلاف الأولى.
[1] انظر: «بدائع التفسير» (1/ 406).