أرشيف المقالات

رسالة إلى طلائع الطائفة المنصورة في بيت المقدس وأكنافه - محمد جلال القصاص

مدة قراءة المادة : 13 دقائق .
        كثيرة هي جراح المسلمين في هذا الزمان ، وكثير هم المضطهدون في كل مكان ، إلا أن القضيِّة الفلسطينية تظل هي القضية الأولى بالنسبة لعامة المسلمين وخاصتهم ، ربما لارتباطها بالمسجد الأقصى أولى الفبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين ومسرى الحبيب صلى الله عليه وسلم ، وكونها في عقر دار المسلمين ، وكون طرفها الآخر هم اليهود ... أشد الناس عداوة للذين آمنوا .
وقد كثرت النصائح والتوجيهات من علماء الأمة ودعاتها إلى المجاهدين في أرض فلسطين ، ومن هذه النصائح هذه الرسالة التي بين أيدينا .

والرسالة من الحجم المتوسط تقع في 70 ورقة، ومن إصدار مجلة البيان، وزعت كهدية مع العدد 200، وهي مقسمة إلى مقدمة وعدة عناوين رئيسية هي : ـ


أولا : الجهاد الذي نريد والذي ننشد .
ثانيا : الفئة المؤمنة المستحقة للنصر ...
من هي ؟
ثالثا : الطائفة المنصورة من توالى ومن تعادي ؟
رابعا : خصائص الطائفة المنصورة .
ثم خاتمة


في المقدمة :

أكد الكاتب بإلحاح شديد أن هذه الرسالة ليست فقط للمجاهدين ببيت المقدس وإنما إلى الطلائع المتطلعة لنيل شرف الالتحاق بهم في كل بقاعه الأرض معللا بأن الإسلام لا يعرف حدودا بين المسلمين في كل بقاع الأرض .
وفي المقدمة عدد الكاتب عددا من الدوافع استوجبت المناصحة والمصارحة منها : ـ
1ـ تجلية الحقائق التي شوهها الإعلام الغربي والعربي حول القضية الفلسطينية .
2ـ وبعد الحشود اليهودية الهائلة ، وبعد دخول أمريكا بوجهها الديني الصليبي على خط المواجهة مع العدو الصهيوني يرى الكاتب أن هذا التحرك ربما يتجه نحو تحقيق أهداف مؤجلة طيلة العقود الماضية في فلسطين وخارج فلسطين ، وهو ما بدأ بالفعل فيما يسمى بالحرب على الإرهاب .
لذا يتوجب على الحركة الإسلامية ـ في فلسطين وخارج فلسطين ـ أن تعد العدة لحرب دينية وقد خُطت هذه الرسالة لبيان هذا الأمر .
ويختم الكاتب مقدمته ببيان أن النصر لا يتنزل إلا على المؤمنين { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } [ الحج :40 ] وأن الأرض يرثها الصالحون من عباد الله { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } [ الانبياء:105 ] .
مشددا على أن الذنوب سبب عظيم من أسباب الهزيمة ، قال تعالى { أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ } [ لأعراف:100 ]


أولا : الجهاد الذي نريد والجهاد الذي ننشد .

طالبت الرسالة المجاهدين في بيت المقدس بما يمكن تسميته ( تميز الصف فكريا وعقديا ) وذلك بنبذ الشعارات العلمانية البالية الباهتة مثل " نضالنا الوطني " و" كفاحنا الثوري " " تحرير كامل التراب الوطني " ، وكذا نبذ الثناء على الزعامات العلمانية المعادية للخط الإسلامي في إشارة واضحة للرموز السلطة الفلسطينية ، التي لم تقاتل يوما لتكون كلمة الله هي العليا ، بل ولم تحقق نصرا حقيقيا للقضية الفلسطينية .مشددا على أنه لابد من اتخاذ خط تغييري استراتيجي يهدف إلى أسلمة القضية شكلا وجوهرا ..
مظهرا ومخبرا ...
صورة وحقيقة .على حد تعبير الرسالة .
وبدأت الرسالة تعرض الخطوط الرئيسية التي يكون بها القتال جهادا في سبيل الله وهي .

1 ـ تحرير الراية .

فلا ترفع الراية إلا في سبيل الله ...
كي تكون كلمة الله هي العليا ...
يحل حلال ربنا ويحرم حرامه .
وما دون ذلك من الرايات فهي رايات عمِّية جاهلية لا يُعد الجهاد تحتها جهادا شر عيا .

2 ـ متى يكون الجهاد قتالا في سبيل الله ويرجى قبوله ؟
فقط حينما يكون السبب من وراء هذا القتال هو طلب إعلاء كلمة الله . وفي الحديث « من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله » ، ويكون صاحبه متبعا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال ، فهو عبادة ككل العبادات لابد فيه من توفر شرطي الإخلاص والمتابعة .
لذا يتوجب على الحركات الإسلامية تربية أبنائها على أن يكون رضى الله عز وجل غايتهم، وما دون ذلك وسائل لهذه الغاية، وذلك بتجريد المتابعة لنبيه صلى الله عليه وسلم قال تعالى { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [ آل عمران :31 ] ، وما أجمل ما قال ابن القيم " العمل بغير إخلاص ولا اقتداء كالمسافر يملأ جرابه رملا ينقله ولا ينفعه " .
وبديهي أن هذا لا يتأتى إلا بنشر العلم الصحيح .

وتحت هذا العنوان
أهداف الجهاد المشروعة
نبّه الكاتب على عدد من المفاهيم :

منها أن شرعة الجهاد تقام في الأصل من أجل حفظ الدين { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ } [ البقرة:193 ] أي " حتى لا يكون شرك ولا يعبد إلا الله وحده لا شريك له " فتحرير الأرض يكون من أجل منع فتنة الكفر والشرك عنها حتى لا يعبد فيها غير الله .
ولو بقيت الأرض بعد ( استقلالها ) ( وتحريرها ) واقعة تحت هيمنة الكفر ولو كان محليا وطنيا، لما غير ذلك من أمر وجوب الجهاد شيئا .
فالأمر إذا ليس إقامة سلطة محل سلطة وإنما ما هو السلطان الذي ستقيمه هذه السلطة ؟ أهو سلطان القرآن أم سلطان الشيطان ؟ !
وكذا تحرير الشعوب الإسلامية والمقدسات الإسلامية يكون لصد ضرر الكفر والشرك عنها .
فغاية الجهاد واحدة في جوهرها : ـ أن لا تكون فتنة وأن يكون الدين ـ كل الدين ـ لله رب العالمين.

ومنها : أن إضعاف سلطان الكفر إلى حد الصغار وتمكين ملة إبراهيم مطلب شرعي ترفع لأجله رايات الجهاد { قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } [ التوبة :29 ] وذلك لأن قوى الكفر حين تكون عظيمة تضيع التوحيد كما حدث ويحدث من تغيير في المناهج العلمية وتهدد كيانات المسلمين ـ سايكس بيكو ـ وتذل عباد الله الموحدين كما يحدث للمستضعفين في الشيشان وأفغانستان .وفلسطين وغيرها من الأقطار الإسلامية ..وحين تكون قوى الكفر عظيمة يتشجع أهل النفاق والشقاق ويعملون معاولهم في جدار الأمة من الداخل .
وتلك مصيبة يشهد لها التاريخ .


ثانيا : الفئة المستحقة للنصر ...
من هي ؟

" الفرقة أعم من الطائفة .
والفرقة الناجية هي عموم أهل السنة الحاملين لأصولها، أما الطائفة المنصورة " من يستمسكون بالسنة ويقاتلون عليها .
وجغرافيا تكثر الطائفة المنصورة في آخر الزمان في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس ( بغداد ـ دمشق ـ طور سيناء ) كما يقول كاتب الرسالة مستدلا بنصوص شرعية صحيحة وأقوال لأئمة العلم الصريحة .
بيد أنها ـ الطائفة المنصورة ـ لم تكن لتكون منصورة، ولم تكن لتكون ناجية إلا لاستجابتها لوصية الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ « عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي عضو عليها بالنواجز »

ولتمسكهم بالسنة سموا بأهل السنة، ولاجتماعهم عليها سموا بالجماعة، فهم أهل السنة والجماعة .
وهذا المفهوم يستلزم من القائمين بالجهاد البحث عن أصول أهل السنة والتمسك بها .
إذ أن البدعة تؤخر النصر وتورث الذل{ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَبذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ } [ لأعراف : 152]
وهذا المفهوم يركلُ بقدميه طوائف المبتدعة وإن حلوا في البقاع الطاهرة وجعجعوا بأنهم يقاتلون عن مقدسات المسلمين وأعراضهم، فالحقيقة التي لا مراء فيها أنهم لهم حسابات طائفية حزبية ، وأن عدائهم كان ولا يزال ، ومن لا يعرف يُعرف .

وليس فقط مبتدعة الروافض وإنما أيضا كل من جافى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصيته بلزوم سنته وسنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعده من العلمانيين وغيرهم .
وانتهاج سبل الفرقة الناجية يعني عمليا كما تقول الرسالة :أن يكون التجمع حول منهج الطائفة المنصورة ...
أن تظهر الطائفة المنصورة استمساكها بالسنة، وتواجه الباطل بأنه باطل حتى لا يتكرر خداع الأجيال بالمناهج الزائفة التي أنشأت زعامات زائفة .فالمسلم يهادن ولا يداهن، والمهادنة الموقوفة المشروطة قد تكون لصالح الحق، أما المداهنة فليست إلا قتلا له ، وتمييعا لمفهوماته .


ثالثا : الطائفة المنصورة من توالى ومن تعادي ؟

لازم الإيمان بالله ورسوله حب أولياءه ونصرتهم، وبغض أعداءه ومعاداتهم .
والولاء والبراء هو وشيجة المجتمع المسلم الوحيدة ، وتكون معلنة حال العزة والانتصار، وفي القلب حال الذلة والانكسار .
فإن غُلبوا على مخالطة غيرهم لدعوتهم أو لغلبة عدوهم عليهم تكون هناك عزلة شعورية .

والخلاصة : أننا يجب أن نكون لنا ولاءً عاما للمسلمين كل بحسبه، وولاءً خاصا لأصحاب الفرقة الناجية وهم أهل السنة إجمالا بجميع جماعلتهم وفصائلهم، وولاءً أخص بالنسبة للعلماء العاملين والمجاهدين منهم .
الذين يمثلون الطائفة المنصورة .

وكذا يجب أن يكون هناك براء من الكفار كل الكفار { إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً } [ النساء :101 ] .وبراء من المنافقين الموالين للكفار علنا، والمعادين للمؤمنين ليلا ونهارا، والكارهين لشرع الله . قال تعالى :{ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } [ المنافقون : 4] ، وتحت هذا العنوان ..


رابعا : خصائص الطائفة المنصورة

عاد الكاتب يؤكد على أن الطائفة المنصورة لا تكون كذلك إلا إذا استمسكت بالحق وقاتلت عليه، ووالت أهل السنة والاتباع وإن كان في بعضهم تقصير، وعادت أهل الكفر ونبذت أهل النفاق من بعثيين وقوميين وحداثيين،.
ويطالب الكاتب المجاهدين صراحة أن يعملوا على ترتيب الخطط وإعداد البرامج من أجل تأسيس فئة مؤمنة متجردة تستجمع خصائص الطائفة المنصورة وصفاتها وتسعى لأداء الوظائف الجهادية التجديدية لها، فيكون تجديدها الجهادي جديدا بتنزيل نصر الله المؤزر { وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [ الحج :40 ]


وفي الخاتمة ..

يؤكد الكاتب على أن الانتساب للطائفة المنصورة ليس شعارا ولا هو هوى، وإنما هو : تحقيق وعمل .تحقيق للصفات الشرعية الواردة في الأحاديث النبوية وعمل بالواجبات الشرعية عليهم، فمن حقق الصفات وقام بالواجبات كان من الطائفة المنصورة ولو كان وحده .

وأن هذه النصيحة جاءت من منطلق المشاركة في المسئولية، وليست للتقليل من جهاد إخواننا في أرض الرباط، وليس مسوغا للقاعدين والمشككين لترك نصرة إخوانهم بالدعاء والمال وكل أنواع النصرة المقدور عليها .
بل هي عودة لنصرتهم والتلاحم معهم كل بما ملكت يداه .

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢