ما للخيالِ ببطنِ مَرٍّ يطرقُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ما للخيالِ ببطنِ مَرٍّ يطرقُ | أنَّى وليس له هنالك مَطْرَقٌ |
زارَ الهجودَ ولم يَنَلْهُ ولا اهتدَى | منّا إليه مسهّدٌ ومؤرّقُ |
لو كان حقّاً زارَ في وَضحِ الضُّحى | فالزّورُ وهناً كاذبٌ لا يصدقُ |
زرتَ الّذين توهّموها زورة ً | ومضيتَ لمّا خفتَ أن يَتحقَّقوا |
وقرُبتَ قُرباً عادَ وهْوَ تَبعُّدٌ | ووصلتَ وصلاً آب وهو تفرّقُ |
وخدعتَ إلاّ أنَّ كلَّ خديعة ٍ | رَوَّتْ صَدى كَلِفٍ يُحبُّ ويعشَقُ |
ما كانَ عندي والرُّقادُ مجانبٌ | لجفونِ عيني أنَّ طَيْفَكَ يطرُقُ |
كيف اهتدى والبعدُ منّا واسعٌ | لرحالنا هذا العَناقُ الضيِّقُ |
أم كيف طاف مسلّمٌ بمكلّمٍ ؟ | أم كيف عاج على الأسير المطلقُ ؟ |
ومُجَدَّلٍ بيد الكَلالِ كأنّه | فى الرّى ِّ يصبح بالمدامِ ويغبقُ |
أمسى موسّده - وقد سكن الكرى | فى مقلتيه - ساعدٌ أو مرفقُ |
وإذا ترفّعت الحدوجُ فقل لما | واراه عنّا الوَشْيُ والإستبرقُ |
حتّى متى عطشانكمْ لا يرتوى | من مائكمْ ومريضُكمْ لا يُفرِقُ |
لم تَعرفوا شوقاً فلم تأووا لمن | يُضحي ويُمسي نحوكم يتشوَّقُ |
أقسمتُ بالبيتِ العتيق تزوره | بالشّاحطين من الرّجال الأنيقُ |
لمّا أتوهُ خائفين تشبَّثوا | بستارهِ ليُجيرَهمْ وتعلَّقوا |
والقومُ في وادي مِنَّى فمجرَّدٌ | أو لابسٌ وملبّدٌ ومحلّقُ |
والبدنُ يهرق ثمَّ من أوداجها | مالم يكن لولا العبادة ُ يهرقُ |
والموقِفَينِ ومَن تراهُ فيهما | يرنو إلى عفوِ الإله ويرمُقُ |
لبسوا الهجير محرّقين جلودهمْ | من خوف نارٍ فى الجحيم تحرّقُ |
إنَّ الذينَ أعدُّهمْ من عُنصري | وبهمْ إذا فاخرتُ يوماً أَعلِقُ |
لم يخلقِ الرَّحمانُ شِبهاً واحداً | لهمُ ولا هو بعد ذلك يخلقُ |
شجعوا فمنسرهمْ يروّع جحفلاً | ووحيدُهمْ يومَ الكريهة ِ فَيْلَقُ |
ولهمْ إذا جمدتْ أكفٌّ فى ندًى | أو في وغى ً أيدٍ هناك تَدَفَّقُ |
قلْ للذين تَطامحوا أنْ يفخروا | بمفاخرٍ ببنائهمْ لا تَعْلِقُ |
غضّوا اللّحاظَ فقد علتْ تلعاتكمْ | فى مفخرٍ منّا الجبالُ الشّهّقُ |
وإذا تسابقت الجيادُ إلى مدًى | أو غاية ٍ أخذ الرّهانَ السّبّقُ |
ولنا وليس لكم سوى الثّمدِ الذى | لم يروِ ظمآنا، بُحورٌ فُهَّقُ |
كم ذا نكصتمْ عن طلابِ فضيلة ٍ | أنا من جوانبها أخُبُّ وأَعنِقُ! |
وفررتُمُ ووقفتُ في ملمومة ٍ | فيها القنا بيد الطّعانِ تدقّقُ |
وخرستُمُ ونطقتُ في النّادي الذي | يعطى المقادة َ فيه من هو أنطقُ |
ورُزقتُ لمّا أن سعيت إلى العُلا | فاسعوا كما أنّى سعيتُ لترزقوا |
وفريتُ لمّا أنْ خلقتُ فما لكمْ | والفَرْيُ ناءٍ عنكُمُ أن تخلقوا |
والنّاسُ في الدنيا إذا جرَّبتَهمْ | إمّا هباءٌ أو سرابٌ يبرقُ |
إمّا صديقٌ كالعدوِّ تقاعداً | عن نصرتى أو فالعدوّ المحنقُ |
لا مخبرٌ يرضى القلوبَ ولا لهمْ | مرأى به ترضى النّواظرُ يونقُ |
فى كلِّ يومٍ لى ديارُ أخوّة ٍ | تَخلو وشملُ مودَّة ٍ يتفرَّق |
والقلبُ منّى بالكروبِ مقلقلٌ | والجلدُ منّى بالنّيوبِ ممزّقُ |
وعَرِيتُ من ورقِ الإخاء وطالما | كانت غصونى بالأخوّة ِ تورقُ |
فاليوم مالى من خليلٍ أرتضى | منه الإخاءَ ولا صديقٌ يصدقُ |
أعطاهمُ زمنٌ مضى فتجمّعوا | وابتزّهمْ زمنٌ أتى فتفرّقوا |
فلقد قطعتُ العمرَ في قومٍ لهمْ | فى كلّ مكرمة ٍ جبينُ مشرقُ |
وعليهمُ من كلِّ مازانَ الفتى | فى العين أو فى القلب منّا رونقُ |
ما فيهمُ إلاّ مُحَلّى ً بالعُلا | ومسوّرٌ ومتوّجٌ ومطوّقُ |
وتراهمُ سامين فى طرقِ العلا | فإذا رأوْ سبلَ العضيهة أطرقوا |
فالآنَ والسَّبعون تعطِفُ صَعْدَتي | وترثُّ منّى ما تشاءُ وتخلقُ |
وتألَّقتْ لي لِمَّة ٌ كانَ الهوى | كلُّ الهوى إنْ لم تكنْ تتألَّقٍ |
واسودّ منّى كلُّ ماهو أبيضٌ | بالرّغمِ لمّا ابيضّ منّى المفرقُ |
طوّحتُ بين معاشرٍ مافيهمُ | خُلُقٌ ولا خَلْقٌ يُحَبُّ ويومَقُ |
مِن دونهمْ أبداً لكلِّ فضيلة ٍ | سَتْرٌ وبابٌ للكريمة ِ مُغلقُ |
فالظَّنُّ فيهمْ للجميلِ مكذِّبٌ | والظّنّ فيهمْ للقبيح مصدّقُ |
فإلامَ يرميني بسهمٍ صائبٍ | مَن ليس لي منهم إليهِ مفوِّقُ |
فعلى الذين مضوا وعينى بعدهمْ | تجرى وقلبى نحوهم يتشوّقُ |
منّى التحيّة ُ غدوة ً وعشيّة ً | ووكيفُ منخرقِ العَزالي مُغْدَقُ |