أأغفُلُ والدَّهرُ لا يغفُلُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أأغفُلُ والدَّهرُ لا يغفُلُ | وأنسى الذي شأنُه أعضلُ؟ |
ويطمعنى أنّنى سالمٌ | وداءُ السّلامة لى أقتلُ |
ويمضي نهاري وإظلامُهُ | بما غيره الأحسنُ الأجملُ " |
وآمُلُ أنِّي أفوتُ الحِمامَ | " أمانٍ " لعمرك لى " ضلّلُ " |
وكيف يَرى آخِرٌ أنَّهُ | مُبَقَّى وقد هلك الأوّلُ؟ |
ولمّا بدا شَمَطُ العارضينِ | لمن كانَ من قبلهِ يَعذُلُ |
تَناهَوْا وقالوا: لسانُ المشيبِ | لهُ من جوارحِنا أعذَلُ |
فقلتُ لهمْ: إنِّما يعذُلُ الـ | ـمشيبَ على الغى ِّ من يقبلُ |
فحتّى متى أنا لا أرعوى | ولِمْ لا أقولُ ولا أفعلُ؟ |
وكم أنا ظمآنُ طولَ الحياة ِ | وفى كفّى َ الباردُ السّلسلُ ؟ |
أمانٍ ولا عملٌ بينهنَّ | كجوٍّ يغيمُ ولا يهطلُ |
وما النّاسُ إلاّ كبهمِ المضيعِ يحزنُ فى الأرضِ أو يسهلُ | ّ كبَهْمِ المضيـ |
فمن عاملٍ مالَهُ خِبرة ٌ | وآخرَ يدري ولا يعملُ |
فيا ليتَ من علم الموبقاتِ | وقارفها رجلٌ يجهلُ |
أمن بعد أنْ مضت الأربعون | سراعاً كسربِ القطا " يجفلُ " |
ولم يبقَ فيك لشرخ الشّبابِ | مآبٌ يرجَّى ولا مَوْئِلُ |
تَطامحُ نحوَ طويلِ الحياة ِ | ويوشك أنْ ما مضى أطولُ ؟ |
ألا إنَّما الدّارُ دارُ البلاءِ | ففى شهدها أبداً حنظلُ |
يُعافَى منَ الدّاءِ مَن يُبتَلى | وينجو منَ الموتِ مَن يُقتَلُ |
وسقمٌ أقام جميعَ الأساة ِ | على أنّه سقمٌ يقتلُ |
أيا ذاهلاً ونداءُ الحتو | فى النّاسِ يوقظ من يذهلُ |
طريقٌ طويلٌ وأنتَ امرؤٌ | لعلَّك في زادِهِ مُرْمِلُ |
أليس وراءك مزورّة ٌ | عليها الصَّفائحُ والجَندلُ؟ |
بها الصّبحُ ليلٌ وليلُ البلا | دِ ليلٌ بساحتها أَلْيَلُ |
إذا ما أناخ الفتى عندها | مقيماً فيا بعدَ ما يرحلُ |
وإنْ جاءَها فوقَ أيدي الرِّجال | فبالرُّغمِ من أنفِهِ ينزلُ |
على أنّه ليس عنها له | - وإنْ حاصَ - " منجًى ولا مرحلُ " |
منازلُ ليس لحيٍّ بها | معاجٌ ولا وسطها منزلُ |
خلتْ غيرَ ذئبٍ تراه بها | يُعاسِلُ أو صُرَدٍ يَحْجِلُ |
وإلاّ تَرنُّمُ حنَّانَة ٍ | تَئطُّ كما زَفَرَ المِرْجَلُ |
تريمُ وتقفلُ مجتازة ً | بمن لا يَريمُ ولا يَقفُلُ |
ألا أينَ أهلُ النَّعيمِ الغزيرِ | وأينَ الأجادلُ والبُزَّلُ؟ |
وأينَ الغطارفُ من حِميَرٍ | وما مُلِّكوهُ وما خُوِّلوا؟ |
وأينَ الذين إِذا ما انتَجَوْا | أَزَمَّ بنجواهمُ المحفِلُ؟ |
وأطرقَ كلُّ طويلِ الّلسانِ | صَموتاً يُجيبُ ولا يَسألُ |
إذا ما مشوا يسحبون البرودَ | فللرّشفِ " ما مشتِ " الأرجلُ |
وقومٌ إذا ما سَرَوْا زَعزعوا | قَرا الأرضِ بالخيلِ أو زلزلوا |
تقام ممالكهمْ بالقنا | ويجبى خراجهمُ المنصلُ |
وكم قلَّبوا في العبادِ العيونَ | فلم يبصروا غيرَ ما أفضلوا |
وتلقاهُم عندَ خوفِ البلادِ | وبين بيوتهمُ المعقلُ |
مَضَوا مثلما مضتِ السَّاريا | تُ أثنَى بها الوطنُ المُبقِلُ |
وأزعجهمْ من " قلالِ " القصور | فلم يلبثوا المزعجُ المعجلُ |