بَلَغْنا ليلة َ "الشِّعبِ"
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بَلَغْنا ليلة َ "الشِّعبِ" | عجالاً مُنية َ الحبِّ |
تَلاقينا كما شِئنا | بلا علمٍ من الرّكبِ |
وطيفٍ طافَ في ظَميا | ءَ والإصباحُ في الحُجْبِ |
جَفَتْ عيني وجاءتْ في | دُجَى اللّيل إلى قلبي |
وزالتْ عبَّ ما زارتْ | وما قلتُ لها: حسبي |
وولَّتْ لم تُنِلْ شيئًا | منَ الغُنْمِ سِوى حبِّي |
فياشعباً تعانقنا | به بوركتَ من شِعبِ! |
ولا قُرّبتَ من جَدْبٍ | ولا بُوعدتَ من خِصبِ |
فكمْ فيكَ لباغي نَـ | ـفَلِ الأحبابِ من إِرْبِ! |
ومِنْ ظبيٍ غنيٍّ فيـ | ـيك بالحسنِ عن القُلْبِ |
كفاهُ لؤلؤاً منه | لباسُ اللؤلؤِ الرَّطْبِ |
وأطرافٌ خضابُ اللـ | ـهِ أغناهُنَّ عن خَضْبِ |
ولمّا رأت الحسنا | ءُ في رأسِيَ كالشُّهبِ |
وبيضاً كالظُّبا البيـ | ـضِ وما يصلحْنَ للضَّربِ |
تُجُنِّيتُ بلا جُرمٍ | وعوقبتُ بلا ذَنبِ |
وحادتْ عن مَقرٍّ كا | نَ فيهِ بقرُ السِّرْبِ |
وعاتبتُ ولكنْ قلّـ | ـما ينفعني عتبي |
فقلْ للمُفعمِ الملآ | نِ من كِبْرٍ ومن عُجْبِ |
ومن يُرْكِبُهُ الحِرْصُ | قَرا صَعْبٍ منَ الصَّعبِ |
ومنْ تنقُلُهُ الأطما | عُ من شرقٍ إلى غربِ |
دعِ الأسفارَ للرِّزقِ | فما الأرزاقُ بالكسبِ |
يجيءُ الدَّرُّ أحيانًا | ولا حَفْلَ لهمْ بالما |
وكم هجْرٍ من الوصلِ | وكم جِدٍّ منَ اللَّعْبِ |
خفِ الدَّهرَ فإنَّ الدَّهـ | وجاؤوا ساعة َ الذُّعْرِ |
فإنْ أغنى فللفقرِ | وإنْ أَقْعَى فللوثْبِ |
سَقَى اللهُ الأُلى كانوا | رَى أردية َ العَصْبِ |
يجودون بما ضنّتْ | يَ فيهِ ولهُ نَحْبي |
ويُعطون بِلا منٍّ | ولا كدٍّ ولا نَصْبِ |
وفرّلجين كشّافـ | ـنَ للغُمَّة ِ والكربِ |
ولم يُصْبَوا بشنعاءَ | وفي الشَّنعاءَ ما يُصبي |
ولم يُعْدَوا طِوالَ الدَّهْـ | ـر من أنيابِهِ الجُربِ |
ولا كانوا لكلّ النّا | سِ إلاّ موضعَ القُطبِ |
بأعراضٍ نقيّاتٍ | من "التقّريف والثّلبِ" |
يَرون اليومَ ذا نَحْسٍ | إذا كانَ بلا شَغْبِ |
لهمْ في كلِّ نَكراءَ | حُلومٌ لَسْنَ للهضْبِ |
وأيمانٌ خلقن الدّهـ | ـرَ للطَّعن وللضّربِ |
وللنّفعِ وللضّرّ | وللدّفع وللذّبِّ |
وألبابٌ لدى الرّوعِ | بلا شيءٍ من الرعّبِ |
فيومُ السِّلمِ فيهنَّ | كيومِ البأْسِ والحربِ |
وأغنوا بالنّدى الغَمْرِ | عنِ الأنواءِ والعُشبِ |
على المُضْمَرَّة ِ القُبِّ | |
وفي أيديهمُ كلُّ | طويلِ المُرتقى صُلبِ |
تراهُ يدعُ الأورا | دَ في سَكْبٍ على سَكْبِ |
وفاحوا عَبَقَ المسكِ | على بُعدٍ ومن قُربِ |
ولم يَرْضَوْا سِوى التَّجْريـ | رِ للأذيالِ والسَّحبِ |
رأيتَ المجدَ محمولاً | على كلِّ فتًى نَدْبِ |
ولا غمضَ ولا أرضَ | لِعينيَّ وللجنبِ |
وقد كنتُ بهمْ دهراَ | رَخيَّ البالِ والقَلبِ |
بنفسي مَن نأَى عنِّي | وما إنْ ملَّ مِنْ قُربي |
ولمّا أن نقلناهُ | على الرغمِ إلى التُّربِ |
وأضجعناهُ في غَبرا | ءِ ملساءَ على الجنبِ |
بلا صوتٍ يناجيهِ | سوى زعزعة ِ النُّكْبِ |
دفنّا العضْب في الأرضِ | وكمْ في الأرضِ من عَضْبِ |