مدحتُكُمُ علماً بأنّ مدائحي
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
مدحتُكُمُ علماً بأنّ مدائحي | تضيع وتذرى فى الرّياحِ العواصفِ |
فلم أكُ إلاّ مُوقداً في ظهيرة ٍ | بلا صردٍ أو هاتفاً فى تنائفِ |
وإنَّ لكمْ عندي حقوقاً كثيرة ً | أبى لى حفاظى محوها من صحائفى |
جزيتكمُ عنها ولم تشعروا بها | مراراً بأسبابٍ خفاءٍ لطائفِ |
وشاطرتُكمْ منِّي المودَّة َ كلَّها | شطارى َ ما بين الشّريك المناصفِ |
فإنْ لم توفّوا حقَّ ما قيل فيكمُ | فلم تبتلوا إلاّ بنقصِ العوارفِ |
وليتكُمُ لمّا تركتمْ حقوقَها | رجعتمْ إلى عرفانِ بعض المعارفِ |
فما ضرَّ لو أعظمتُمُ ما أتاكُمُ | فلم يَكُ مُولٍ للجميلِ بآسِفِ؟ |
وإلاّ تجمَّلتمْ على غيرِ خبرة ٍ | فكم ذا غطى التّحسينُ سوأة َ زائفِ |
فإن عِفتُمُ مالم تكونوا عرفتُمُ | فكم بلى َ العذبُ الرّواءُ بعائفِ |
فيا ضيعة ً للّطالعاتِ إليكمُ | طلوعَ المطايا من خلالِ النّفائفِ |
أبيتُ أروضُ الصّعبَ منها وإنّها | تحيصُ شماسَ المائلِ المتجانفِ |
واُكرِهُها سَوْقاً إليكمْ ولم تزلْ | تحايَدُ عنكمْ بالطُّلَى والسَّوالِفِ |
كأنِّيَ أهديهِنَّ نحوَ بيوتِكمْ | أقودُ إلى العُهَّارِ بعضَ العَفائِفِ |
أبَيْنَ ولم يأبَيْنَ شيئاً سواكُمُ | وما كنّ إلاّ ليّناتِ المعاطفِ |
وكنتُ وقد وصّفتُ ماتاه عندكمْ | أوَدُّ وداداً أنَّني غيرُ واصفِ |
وما غرّنى إلاّ مشيرٌ بمدجكمْ | وكم عارفٍ يقتادهُ غيرُ عارفِ |
فخالفتُ حزمي سالكاً غيرَ مذهبي | وما كنتُ يوماً للحجى بمخالفِ |
وكيف امتداحُ المرءِ من ليس عنده | مفارقة ٌ مابينَ مُثنٍ وقاذفِ |
له العِرْضُ لا سِلْمٌ به لمديحة ٍ | ولا كان يوماً للثّناءِ بآلفِ |
وكم لى َ فيكمْ من صديقٍ كأنّه | سرابٌ على قِيعانِ بُعدٍ صفاصِفِ |
متى يُدعَ يوماً للوغَى فهشيمة ٌ | تصفِّقُها أيدي الرِّياحِ الرّفارِفِ |
أودُّ إذا ما سمتهُ النّصرَ أنّنى | أُبدَّلُ منه بالعدوِّ المكاشف |
وقد كنتُ أرجو طوعه بنصيحتى | فلا خيرَ فى نصحٍ يساق بعانفِ |
فيالك من ودٍّ تعلّق منكمُ | سَفاهاً بأسبابٍ ركاكٍ ضعائفِ |
سُرِرْتُ به حيناً فلمّا بلوتُهُ | بكيتُ عليه بالدّموعِ الذّوارفِ |
وكنتُ إذا ما رابنى ودُّ صاحبٍ | وناءَ بأخلاقٍ لئامٍ سخائفِ |
قذفتُ جميلاً كان بينى وبينه | وإنْ كنتُ ذا ضَنٍّ به في القواذفِ |
تريدون مِنّا أن نُسِرَّ ولاءَكمْ | وفى أنّنا نبديه كلُّ التّكالفِ |
فلا تسألونا ما تَجُنُّ قلوبُنا | فإنَّ بناتِ الصّدرِ غيرُ خفائفِ |
وداويتُمُ منّا خُدوشَ جلودِنا | وأعرضتمُ عن أسوكمْ للجوائفِ |
فماذا وأنتمْ فى الحضيض غباوة ً | إذا ضُرِبتْ خيْماتُكمْ في المشارفِ |
ولمّا وقفنا ظَلَّة ً بِطلولِكُمْ | رجعنا ولمْ نظفرْ بمنية ِ واقفِ |
كأنِّيَ منكمْ فوقَ غبراءَ قفرة ٍ | على ظالعاتٍ من مطيٍّ عجائفِ |
يعدنَ عشّياتٍ ذواتَ تسادكٍ | وقد كنَّ أصباحاً ذواتَ عجارفِ |
فلا تَطمعوا في مثلهنَّ؛ فإنَّما | يصلنَ لطلاّعِ الثّنايا الغطارفِ |
أُناسٌ يخوضون الرَّدى وأكفُّهمْ | تهزُّ أنابيبَ القِنيِّ الرَّواعفِ |
كرامٌ فلا ساحاتُهمْ مُستضامة ٌ | ولا جارُهمْ في النّائباتِ بخائفِ |
ولم يسكنوا إلاّ ظلالَ عظيمة ٍ | ولم يأمنوا إلاّ خلالَ المخاوفِ |
دعِ الذُّلَّ في دارِ الثَّواءِ ولا تُقِمْ | على أملٍ بين البطاءِ الخوالفِ |
وكنْ آنِفاً منِ أنْ تُقيمَ على أذى ً | بجنبِ غنًى فالميتُ ليس بآنفِ |
فخيرٌ منَ القصر المشيدِ بجنَّة ٍ | سرًى فى ظهور اليعملاتِ الخوانفِ |
إذا ما هبطن الرّملَ رملَ مغمّسٍ | زحفَنَ ولا زَحْفَ الصِّلالِ الزَّواحفِ |
حَمَلْن الرَّجا والخوفَ فينا على الوَجا | ونقّلنَ منّا كلَّ شاتٍ وصائفِ |
لهنَّ على وادي مِنى ً كلَّ حِجَّة ٍ | بروكٌ وقد قضّين كلَّ المواقفِ |
فكمْ قد نجَوْنا من ردى ً ذُقْنَ دونَهُ | - ليُنجِيننا منه - ذُعافَ المتالِفِ |
لعلَّ اللّيالي أن يَعُدْنَ فربَّما | يعودُ حبيبُ النَّفس بعدَ التَّقاذُفِ |