لو لم يعاجله النوى لتحيرا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لو لم يعاجله النوى لتحيرا | وقَصارُهُ وقد انتأَوا أن يُقصِرا |
أفكلما راعَ الخليطُ تصوبتْ | عَبَراتُ عينٍ لم تقلَّ فتَكثُرا؟ |
قد أوقدتْ حرقُ " الفراق " صبابة ً | لم تستعرْ ومرينَ دمعاً ما جرى |
" شعفٌ " يكتمه الحياءُ ولوعة ٌ | خفيتْ وحقّ لمثلها أن يظهرا |
" وأبي " الركائبِ لم يكن " ما علنه " | صبراً ولكنْ كان ذاك تصبرا |
لَبَّيْنَ داعية َ النَّوى فأَرَيْنَنا | بينَ القِباب البيضِ موتاً أحمرا |
و بعدن بالبين المشتتِ ساعة ً | " فكأنهنّ " بعدن عنا أشهرا |
عاجوا على ثَمْدِ البِطاحِ وحُبُّهمْ | أجرى العيونَ غداة بانوا أبحرا |
وتَنكَّبوا وَعْرَ الطَّريق وخَلَّفوا | مافي الجوانح من هَواهُمْ أوعرا |
أمّا السّلوُّ فإنّه لا يهتدي | قصد القلوب وقد حشينَ تذكرا |
قد رُمتُ ذاك فلم أجدْه، وحَقُّ مَنْ | فقدَ السبيلَ إلى الهدى أن يعذرا |
أهلاً بطيفِ خيالِ مانعة " الحبا " | يقظى ومفضلة ٍ علينا في الكرى |
ما كان أنعمنا بها من زورة ٍ | لو باعدتْ وقتَ الورودِ المصدرا ! |
جزعتْ لوخطاتِ المشيب وإنما | بلغَ الشبابُ مدى الكمال فنورا |
والشيبُ إنْ فكَّرتَ فيه مَورِدٌ | لا بدّ يوردهُ الفتى إن عمرا |
يبيضُّ بعدَ سوادهِ الشَّعَرُ الذي | لو لم يزره الشيبُ واراه الثرى |
زَمنَ الشّبيبة ِ لا عدَتْكَ تحيَّة ٌ | وسقاك مُنهمِرُ الحَيا ما استُغزِرا |
فلطالما أضحى ردائي ساحباً | في ظِلِّك الوافي وعودِيَ أخضرا |
أيامَ يرمقني الغزالُ إذا رنا | شعفاً ويطرقني الخيالُ إذا سرى |
و مرنحٍ في الكورِ يحسبُ أنه اصطبح العقار وإنما اغتبق السرى | ـطبحَ العُقارَ وإنَّما اغتبقَ السُّرى |
بطلٌ صفاهُ للخداع مَزلَّة ٌ | فإذا مشى فيه الزماعُ تغشمرا |
إمّا سألتَ به فلا تسألْ بِهِ | ناياً يناغي في البَطالة مِزْمَرا |
واسأل به الجرد العتاقُ مُغيرة ً | يخبطنَ هاماً أويطأن سَنَوَّراًيح |
ملْنَ كلَّ مُدجَّجٍ يَقري الظُّبا | عَلَقاً وأنفاسَ السَّوافي عِثْيَرا |
قَوْمي الّذين وقد دَجَتْ سُبُلُ الهُدَى | تَركوا طريقَ الدِّين فينا مُقمِرا |
غلبوا على الشرفِ التليد وجاوزوا | ذاك التَّليدَ تَطرُّفاً وتخيُّرا |
كم فيهمُ من قسورٍ متخمطٍ | يردى إذا شاء الهزبرَ القسورا |
متنمرٍّ والحربُ إن هتفت به | أدته بسامَ المحيا مسفرا |
و ملومٍ في بذلهِ ولطالما | أضحى جديراً في العُلا أنْ يُشْكرا |
ومُرَفَّعٍ فوقَ الرِّجالِ تخالُه | يومَ الخطابة ِ قد تسنَّم مِنْبرا |
جَمعوا الجميلَ إلى الجمالِ وإنَّما | ختموا إلى المرأى الممدحِ مخبرا |
سائلْ بهمْ بدراً واحداً والتي | ردَّتْ جبينَ بني الضَّلال مُعفَّرا |
للَّهِ دَرُّ فوارسٍ في خَيبرٍ | حَملوا عن الإسلام يوماً مُنْكَرا |
عصفوا بسلطان اليهودِ وأولجوا | تلك الجوانحَ لوعة ً وتحسُّرا |
واستلحموا أبطالهمْ واستخرجوا الـ | ـأَزلامَ من أيديهمُ والمَيسِرا |
و بمرحبٍ ألوى فتى ً ذو جمرة ٍ | لاتُصطلى وبسالة ٍ لاتُعتَرى |
إنْ حزّ حزّ مطبقاً أو قال قا | لَ مصدَّقاً أو رامَ رامَ مطهَّرا |
فثناه مصفرَّ البنان كأنما | لطخَ الحمامَ عليه صبغاً أصفرا |
" تهفو " العقابُ بشلوهِ ولقد هفتْ | زمناً به شمُّ الذوائبِ والذرا |
أمّا الرّسولُ فقد أبانَ ولاءَهُ | لو كان ينفع " جائراً " أن ينذرا |
أمضى مقالاً لم يقله معرضاً | و اشاد ذكراً لم يشده " مغررا " |
وثَنى إليهِ رقابَهم وأقامَهُ | علماً على باب النجاة مشهرا |
و لقد شفى " يومُ الغدير " معاشراً | ثَلِجَتْ نفوسُهمُ وأَدْوى مَعشرا |
قَلِقَتْ بهمْ أحفادُهمْ؛ فمرجِّعٌ | نفساً ومانعُ أنة ٍ أن تجهرا |
ياراكباً رقصتْ به مَهْرِيَّة ٌ | أشِبَتْ بساحته الهمومُ فأَصْحرا |
عُجْ بالغَريِّ فإنَّ فيه ثاوياً | جبلاً تطأطأ فاطمأنَّ به الثَرى |
و اقرا السلامَ عليه من كلفٍ به | كشفتْ له حجبُ الصباح فأبصرا |
فلوِ استطعتُ جعلتُ دارَ إقامتي | تلكَ القبورَ الزهرَ حتى أقبرا |