على المُزمعين البين منّا عشيَّة ً
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
على المُزمعين البين منّا عشيَّة ً | سلامٌ وإن كان السّلامُ قليلا |
وما ضرَّهُمْ لمّا أرادوا ترحُّلاً | عن الجزع لو داووا هناك عليلا ؟ |
ولو أنّنى ودّعتهمْ يوم بينهمْ | قضيتُ ديوناً أو شفيتُ غليلا |
ولمّا وقفنا بالدّيار التي خلتْ | بَكينا على سُكَّانهنَّ طويلا |
وكانتْ دموعُ النّاشجينَ عليهمُ | بوادٍ جَفَتْهُ المعصِراتُ سُيولا |
وعزَّ على طرفي بأنْ كانَ بعدَهمْ | يرى أربعاً حلّوا بهنّ طلولا |
فلا تطلبوا منّي دليلاً على الهوى | كفى بضنَى جسمي عليه دليلا |
ولا تحملوا ثقلاً على َّ من الهوى | كفَى بالهوَى حَمْلاً عليَّ ثقيلا |
أُحبُّ التي ضنَّتْ عليَّ بلحظة ٍ | وقد أزمع الحى ُّ الحلول رحيلا |
وظنّ بغاة ُ الشّرّ أنّى أملّها | وهيهات قلبى أن يكون ملولا |
خليلى ّ علّلنى على الحبّ بالمنى | إذا كنتُ لا أرضَى سِواك خَليلا |
وقلْ ليَ فيما أنتَ حيَّيتَ قائلاً | لعلّ ضنيناً أن يجود ضئيلا |
أيا ملك الأملاك خذْ ما سألته | فما زلتَ لله الكريمِ سَؤُولا |
وحاشا دعاءً منك يصدر فى ضحًى | وعندَ مساءٍ أنْ يخيبَ قَبولا |
وما كان إلاّ اللهَ لا شىء َ غيره | برجعِ الذي غَلُّوه منك كفيلا |
ولمّا تراخَى منك نصرٌ عهدتَهُ | وظَنّوا جِواراً بالنَّجاحِ مَطولا |
وكانتْ هناة ٌ باعد الله شرّها | وكان عليها راعياً ووكيلا |
ركبتَ من النّصر الذى قد عهدته | منَ الله عَوْداً للرّجالِ ذَلولا |
ولم تكُ إلاّ ساعة ً ثمّ أَسفرتْ | كما رفعتْ أيدٍ هناك سُدولا |
فعاود رمح الله منك مثقّفاً | وعادَ حسامُ الله منكَ صقيلا |
وقد علمَ الباغون أنّك زرتَهم | تجرّ رعيلاً نحوهمْ ورعيلا |
فلم يسمعوا إلاّ صهيل صواهلٍ | وإلاّ لصكّاتِ الحديدِ صليلا |
وحولك طلاّعون كلَّ ثنيّة ٍ | إلى الموتِ صِرْفاً صِبْيَة ً وكهولا |
كأنّهُمُ أُسْدُ الشَّرى حولَ غابة ٍ | حَمَيْن وقد جدَّ النَّزالُ شُبولا |
ومحتقرين للحمامِ تخالهمْ | هجوماً على غير الحمامِ نزولا |
وكلّ جرئ البأس مثل حياته | إذا خافَ ذلاَّ أن يموتَ قتيلا |
فما صدّقوا حتّى رأوا جانب الفلا | يفيضُ رجالاً نُسَّلاً وخيولا |
وظنُّوا نجاة ً منك والبَغْيُ صائرٌ | قيوداً لهم لا تنثني وكُبولا |
سلبتَ الرّجالَ المقْدمين نفوسَهمْ | وكلَّ النّساءِ المحجباتِ بعولا |
فلم يكُ إلاّ في التّراب مُجَدَّلاً | وإلاّ مُقاسٍ في يديهِ جَديلا |
فللّهِ يومُ القاع أوسعَ من ردى ً | وساقَ إلى خَطْمِ الفحول فُحولا |
حسبناهُ والآسادُ من خَلَلِ القنا | تَضارَبُ فيه بالصَّوارمِ غِيلا |
ولمّا رأَوها راية ً مَلَكيَّة ً | تولّوا كسربِ الرّيدِ مرّ جفولا |
وألقوا جميعاً كلَّ ما في أكفَّهمْ | أعنّة َ جردٍ سبّقٍ ونصولا |
وما أسرعوا إلاّ لكرع حتوفهمْ | كما أسهلَ الموتُ الزّؤامُ وغولا |
ولعمرُ أبيها فتنة ٌ لم تصرْ لنا | وليّاً على طول الزّمان قتيلا |
وعادتْ على من كان أضرم نارها | وبالاً وحيناً لا يعاجُ وغولا |
وكانتْ جبالاً شاهِقاتٍ ودستَها | فغادرتها بيداً لنا وسهولا |
فلا تَطعموا في مثلها بعدَ هذهِ | فمن عزَّ لا بالحقِّ عادَ ذليلا |
أمنْ بعد نعماءٍ عليكمْ عريضة ٍ | جررتَ لها بين الأنام ذيولا |
وكان لساحاتِ الجرائم طاوياً | صفوحاً وساعات العثار مقيلا |
تعرّيتَ منه بعد ما كنتَ تنتمى | إليه ولا تبتغى سواه بديلا |
فلو أنتَ بلّغتَ الذى قد بغيته | لما كان عذرٌ جاء منك جميلا |
وكيف بلوغٌ للذى سوّلتْ به | لك النّفس مغروراً ولستَ عديلا |
ولمّا كسوتَ الجِذْعِ منك بِشِلْوِه | رأينا رجاءً للقلوبِ رسولا |
وأطعمتَ منه الطّير رغماً لأنفه | وكان طعاماً يَحْتَويهِ وبيلا |
فإنْ لعبتْ يمناهُ فينا فإِنَّه | بمعلبة ٍ للعاصفاتِ مُثولا |
تصرّفه أيدى الرّياح فتارة ً | جَنوباً وأخرى بالعشيِّ شُمولا |
ولم يُبقِ فيه ما رأته عيونُنا | تراتٍ لنا مطويّة ً وذحولا |
هنيئاً بهذا العيد والفتح بعده | وبالمهرجانِ غدوة ً وأصيلا |
ولا زال هذا الملك ملكك سرمداً | ودارُ مقامٍ رغدة ً ومَقيلا |
وإنْ ذبلتْ أغصان قومٍ فلا رأتْ | لغصنك عينٌ للزّمان ذبولا |
ولا زلتَ فينا آمراً متحكِّماً | عزيزاً قؤولاً فى الأنامِ فعولا |