متى أنا ناجٍ من سهام الغوائلِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
متى أنا ناجٍ من سهام الغوائلِ | يصبن فما يرضين غير المقاتلِ ؟ |
وحتّى متى تبرى النّوائبُ صعدتى | وتقرعُ بابي طارقاتُ النَّوازلِ؟ |
أروحُ وأغدو في إسارِ غُرورِها | تخادعنى فى كلّ يومٍ بباطلِ |
إذا لم يُصِبْني سهمُ عامي تَخاطؤاً | أصابَ كما شاءَ الرَّدى سهمُ قابلِ |
رهينُ رزايا ما يُمَلُّ طروقُها | وملّ طروقى فى مدًى متطاولِ |
تُخالسُني قومي وغُرَّ أصادقي | وتُعرِي بَناني من نفيسِ عقائلي |
فإنْ لم يردْ صبحى على َّ مع الرّدى | فيا ويلُ أمِّي ويلُها من أصائلي |
أصاب الرّدى أبناءَ لخمٍ وحميرٍ | وساقَ إلى الأجداثِ شُوسَ القبائلِ |
وأفنى نزاراً واليمانين قبلهمْ | وحطّهمُ من شاهقاتِ المعاقلِ |
وزارهمُ صبحاً وكلَّ عشيّة ٍ | فلم يسبقوه بالجياد الصّواهلِ |
ولم تغنهمْ بيضٌ رقاقٌ قواطعٌ | ولم تنجهمْ زرقٌ لسمر الذّوابلِ |
وما انتصروا من بأسه وهو واحدٌ | بما احتشدوا أو جمّعوا من قنابلِ |
ولا مُضَمراتٍ للطِّرادِ كأنَّها | تجوبُ الفَلا بعضُ الذّئابِ العواسلِ |
يُقَدْنَ إلى أرضِ العدوِّ عوارياً | فتدخل فى نسج الثّرى فى غلائلِ |
عليهنّ ولاّجون كلَّ عظيمة ٍ | ومحتقرون فى علًى كلَّ هائلِ |
إذا ظمئتْ أحشاؤهُمْ من حفيظة ٍ | فلم تروِهمْ غيرُ الدِّماءِ السَّوائلِ |
فكم في الثَّرى مَن كان عِبْئاً به الثَّرى | وكم فى التّرابِ من مليكٍ حلاحلِ |
ومن مغزمٍ بالجود لم يثنِ عنده | بلا مَلئها من رِفْدِه كفَّ سائلِ |
إذا زارَهُ يوماً فقيرٌ فإنَّما | يروحُ غنيَّا من جيادٍ وجاملِ |
أقولُ لناعي المكرُماتِ وقد ثَوى | أَبوها بملتفِّ الظُّبا في القساطلِ |
بمَدْرَجة ٍ للعاصفاتِ تَلاحفتْ | مَعارفُها مَطموسة ٌ بالمجاهلِ: |
ألاقلتَ ما يا ليتَ ما كنتَ قلته | فكم ضرمٍ فى القلب من قول قائلِ |
نَعيتَ إلى قلبي ولم تَدرِ مثلَهُ | وعرّفتَ ما بينى وبين البلابلِ |
وباعْدتَ عن عيني قِراها منَ الكَرى | وأغريتَ جَفني بالدُّموع الهواطلِ |
فتى ً كان مِحْجاماً عن العارِ راكباٍ، | - وقدرُ الغى تغلى - صدورَ العواملِ |
إذا قالَ لم يتركْ مقالاً لقائلٍ | وإن صال لم يترك مصالاً لصائلِ |
ودلّ على أحسابه بفعاله | ونمّ على أعراقه بالشّمائلِ |
ولا كانَ إلاّ ناجياً من عَضيهَة ِ | ولا ساعياً إلاّ بطُرْقِ الفضائلِ |
تعادلَ منه الأصلُ والفرعُ وارتوتْ | أواخُره من شبهِ ماءِ الأوائلِ |
كأنِّيَ لمّا أنْ شَنَنتُ حديثَهُ | شننتُ ذكيَّ المسكِ بينَ المحافلِ |
فإنْ عَقمتْ فيهِ ليالٍ قصيرة ٌ | فقد أنجبت فيه بطونُ الحواملِ |
وإنْ نزلَ القاعَ القفارَ فكَم لهُ | بحَبِّ قلوبٍ بيننا من منازِل |
وإنَّك من قومٍ كأنَّ وجوهَهُمْ | سيوفٌ ولكنْ ما جلين بصاقلِ |
إذا افتخروا حازوا الفخارَ وطأطأوا | بأيديهمُ طولَ الفتى المتطاولِ |
ولم تُلفهِمْ إِلاّ بعيدينَ بالعُلا | وطيب السَّجايا من يدِ المتناولِ |
فكم فرَّجَتْ ألفاظُك الغُرُّ ضيِّقاً | وما فرجوه بالقنا والمناصلِ |
وما زالتِ الآراءُ منك صوائباً | يقطِّعنَ في الأعداءِ كلَّ الوصائلِ |
ولمّا استلبتَ اليومَ وحدك من يدى | رجعتُ ومالى غيرُ عضّ الأناملِ |
فبنْ غيرَ مذمومٍ فكم بان بيننا | بلومٍ وتعنيفٍ جريحُ المفاصلِ |
أقمتَ مقامَ الأمن فينا أو الغنى | وأقلعتَ إقلاعَ الغيوث الهواطلِ |
وما كنتُ أخشى أنّ أيّامك التى | طَردنا بهنَّ الهمَّ غيرُ أطاولِ |
ولا أنّنى أدعوك حزناً ولوعة ً | وأنت بشغلٍ عن جوابى َ شاغلِ |
ولو أنّنى وفّيتُ رزءك حقّه | لأصبحتُ أو أمسيتُ رزؤك قاتلى |
كأنِّيَ مرمِيّاً بفقدِك كارعاً | كؤوسَ الشَّجايا مِن رميِّ الشَّواكِلِ |
وما ضرَّ مَن أدعوهُ أوفَى أصادقي | إذا لم يكن من معشرى وقبائلى ؟ |
ألا فاسْقني من دمعِ عيني وغنِّني | بنَوحِ النِّساءِ المُعْولاتِ الثَّواكلِ |
وإن كانَ حزني عندك اليومَ مُسرِفاً | فلا تدنِ سمعى من مقال العواذلِ |
فقلْ للذي عالاهُ فوقَ سَريرهِ | يريدُ بهِ البيداءَ فوقَ الكواهل: |
هُبِلتَ؛ أتدري مَن حملتَ إلى الثَّرى | صَريعاً وقد واريتَ خلفَ الجنادلِ؟ |
وأى ُّ لزازٍ للخصومِ دفنته | وأنزلته فى منزلٍ غير آهلِ ؟ |
فلا مطلتك الرّاهماتُ برحمة ٍ | فما كنتَ يوماً في ندى ً بمماطلِ |
ولازال قبرٌ أنت فيه تجوده | كما شاء أنواءُ الضّحى والأصائل |
وإنْ حالتِ الهيآتُ منك على البلى | ففضلُكَ ما بينَ الورَى غيرُ حائلِ |
وإنْ زال شجوٌ عن قلوبٍ شجيّة ٍ | فحزني عليكَ الدَّهرَ ليسَ بزائلِ |