بقاءٌ ولكنْ لو أتَى لا أذمُّهُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
بقاءٌ ولكنْ لو أتَى لا أذمُّهُ | وورْدٌ ولكنْ لو حلاليَ طعمُهُ |
خطوتُ عدا العشرين أهزأُ بالصِّبا | فلمّا نأى عنّى تضاعف همّهُ |
فيا ليت ما أبقى الشّبابُ وجازهُ | سريعاً على عِلاّتِهِ لا يؤُمُّهُ |
وليتَ ثَرائي من شبابٍ تعجَّلتْ | بشاشتُهُ عنِّي تأبَّدَ عُدْمُهُ |
مشيبٌ أطار النّومَ عنّى "أقلّه" | فكيف به إن شاع فى الرّأسِ عظمهُ |
تعاقبنى بؤسُ الزّمانِ وخفضهُ | وأدّبنى حربُ الزّمانِ وسلمهُ |
وقد علمَ المغرورُ بالدَّهرِ أنَّهُ | وراء سرور المرء فى الدّهر غمّهُ |
فكيفَ سُروري بالكثيرِ أنالُهُ | وحكمُ قليلِ الوُجدِ في القصدِ حُكمُهُ |
وما المرءُ إلاّ نَهْبُ يَوْمٍ وليلة ٍ | تخبُّ به شهبُ الفناء ودهمهُ |
يُعلِّلُهُ بَرْدُ الحياة ِ يَمَسُّهُ | ويغترُّهُ رَوْحُ النَّسيمِ يشمُّهُ |
وكان بعيداً عن منازعة ِ الرّدى | فألْقَتْهُ في كفِّ المنيَّة أُمُّهُ |
على أنَّنا نَبغي النَّجاءَ وكلُّنا | يلاقيه من أمر المنيّة ِ حتمهُ |
ألا إنّ خيرَ الزّاد ما سدّ فاقة ً | وخيرُ تلادى َّ الذى لا أجمّه |
وإنّ الطّوى بالعزِّ أحسنُ بالفتى | إذا كانَ من كسب المذلَّة ِ طعمُهُ |
إذا وطرٌ لم أنضُ فيه عزيمة ً | فسِيّانِ عندي صحَّتاهُ وسُقمُهُ |
وإنّى لأنهى النّفسَ عن كلّ لذّة ٍ | إذا ما ارتقَى منها إلى العِرضِ وَصْمُهُ |
وأعرضُ عن نيل " الثّراء " إذا بدا | وفى نيله سوءُ المقالِ وذمّهُ |
أعفُّ وما الفحشاءُ " منّى " بعيدة ٌ | وحسبى َ من صدٍّ عن الأمرِ إثمهُ |
وما العفُّ من ولّى عن الضّرب سيفه | ولكنّ من ولّى عن السّوءِ حزمهُ |
وهبتُ اهتمامي للعُلا ومآربي | وللمرء يوماً " إنْ حبا " ما يهمّهُ |
عن السِّعيِ والأرزاقُ حِرْصاً تؤُمُهُ؟ | |
يفوت طلابى مشربٌ لما أعافهُ | ويُعْوِزُ فحصي صاحبٌ لا أذمُّهُ |
إذا كان هذا الغدرُ في النّاس شيمة ً | فأنفسُ شىء ِ صاحبَ المرءَ عزمهُ |
ولما نَبا زيدٌ عن الطِّيبِ عهدُه | نَبوتُ، وفي قلبي من الوَجْدِ جَمُّهُ |
وداويتُه بالهجرِ والهجرُ داؤهُ | وخير دوائى ْ معضلِ الدّاء حسمهُ |
ومن يك من قبل الوشاة ِ بمسمعٍ | تقاصر عن نيل الحقيقة ِ علمهُ |
وأروعَ لم تَمْلَ النَّوائبُ ذرعَهُ | ولاضلَّ في ليلِ السَّفاهة ِ حِلمُهُ |
ثقيلٌ على جنب العدوّ وإن غدا | خفيفاً على ظهر المطيّة ِ جسمهُ |
شددتُ يدى بحجزة ِ حازمٍ | مصيبٍ لأغراض العواقب سهمهُ |
وماضٍ على الشّحناء فى غير زلّة ٍ | وقد ملَّ إلاّ من عتابك جُرمُهُ |
له الدَّهرُ منِّي إنْ ألمَّ خلالَهُ | وأعوزَه منِّي مكانٌ يلمُّهُ |
وأتعبُ مَن عاداك مَن لاتنالُهُ | ولم يرتبطْ يوماً بعرضك وسمهُ |
وعيشٍ كما شاء الحسود صحبته | حوى غنمه قومٌ وعندى َ غرمهُ |
" تحلاّ " عن الطّرقِ الأجاجِ " قرومهُ " | وتكرعُ من عذبِ المشاربِ بَهْمُهُ |
وحقّ لما لا يبهجُ النّفسَ قربهُ | على وصله أن يبهج النّفس صرمهُ |
سأركبها بزلاءَ ذاتَ مخاوفٍ | متى يخبر " المرغوب " عنها تضمّه |
وأتركُ ما بيني وبينَ حَبائبي | وحظُّهُمُ منِّي على الغيبِ رَجمُهُ |
فلا عيش إلا من تحامتْ نعيمه | صروفُ اللّيالى أو تجافى ملمّهُ |
وجيشٍ كما مدّ الظّلامُ رواقه | سواءٌ بهِ هَضْبُ العريكِ وَهَضْمُهُ |
إذا ما سَرى يَبغي الفِرارَ مُشَمِّراً | فأنفسُ خوّاضِ الكريهة ِ " غنمهُ " |
يضمّ رجالاً من قريشٍ إذا دعوا | ليومِ نزالٍ أشبعَ الطَّيرَ لحمُهُ |
بنفسى َ من ولّى تسايرهُ المنى | حَميداً وما ولَّى عن القلبِ وَهْمُهُ |
أَغارُ عليه من فلاة ٍ تُقِلُّهُ | وأحسدُ فيه جِزْعَ وادٍ يضمُّهُ |
وما غابَ إلاّ أحضرَ البدرَ وجهُهُ | وليس له فى منتهى الهشِّ قسمهُ |