هل عائدٌ ينفعُ من عِلَّتي
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
هل عائدٌ ينفعُ من عِلَّتي | أو مُسْعِدٌ ينقعُ من غُلَّتي؟ |
أو عادلٌ يُنْصفُني حُكمُهُ | من جور هذا الزّمن المُعنتِ؟ |
أسعى ولا أدري إلى مُنيتي | وإنَّما أسعَى إلى مِيتَتي |
كم نِعمة ٍ آلتْ إلى نِقمَة ٍ | وفَرْحَة ٍ حالتْ إلى تَرْحة ِ |
وغِبْطَة ٍ لمّا استولت للفتى | ونالَ منها سُؤْلَهُ ولَّتِ |
إِنْ كانَ زادَ الدَّهرُ في فِطْنَتي | في مَوقفٍ دَحْضٍ كأنَّ الفتَى |
أو قوّمتْ أيّامهُ خِبرتي | فبالّذي طَأْطَأَ مِن صَعْدَتي |
يَقُرَّ عينيَّ بما فقدُهُ | بعدَ قليلٍ مُسْبِلٌ عَبرتي |
في كلّ يومٍ أنا في وقعة ٍ | مَعْ نُوَبِ الدَّهرِ وفي خُطَّة ِ |
بينا تراه مُسلفاً قَرَّتي | حتّى تراه مُتلفاً قوّتي |
يولِجُ حرماني على مُنيتي | خَبْطًا وإيلامي على لَذَّتي |
فليتَهُ لمّا طوى عَزمَهُ | بميتتي لم يُعطني عيشتي |
لولايَ كان الدّهرُ من أهلِهِ | بغير أوضاحٍ ولا غُرّة ِ |
وقد دَرَى الأقوامُ أنّي أمرؤٌ | أواصلُ الصدَّ عن السَّوْأَة ِ |
لا أضمُرُ السَّوءَ لذي خُلّة ٍ | ولا أرى في طُرُقِ التُّهمَة ِ |
ولم تَقُدْني في حِبالِ الهوى | محاسنُ البَهْكَنَة ِ الطَّفلَة ِ |
ذو عَزْمة ٍ ما "نَشَزتْ" ساعة ً | واحدة ً عن رِبْقَة ِ العِفَّة ِ |
ولا تَرى مَيلاً إلى جانبٍ | لا في منّي ولا سَخْطَة ِ |
لا فرقَ بُعْدًا من ركوبِ الهوى | بيني في الكِبْرَة ِ والشِّرّة ِ |
فجانبُ الجِدِّ به صَبوتي | وجانبُ الهَزْلِ به نَبْوَتي |
كم ليَ في مُرِّ الهوى | مِن فكرة ٍ رُضْتُ بها صَعْبتي |
فالذُّلُّ للنَّفسِ إذا ما عَصتْ | والعزّ للنفّسِ إذا ولّتِ |
فقُلْ لحُسَّاديَ: لا زِلْتُمُ | في حَسَدٍ ثاوٍ على نِعمَتي |
لاتعضِهوني بالذي فيكمُ | فقدْ أمنتمْ أبداً عَضْهتي |
الذّنب لي عندكُمُ أنّكمْ | عجزتُمُ عمَّا حَوَتْ قُدرَتي |
وأنَّني قد كنتُ من دونِكمْ | أعقِرُ للأضيافِ في الأَزْمة ِ |
والطَّارقُ النازلُ أدنى إلى | زاديَ من أهلي ومِن أُسرَتي |
وكلّ داعٍ بي إلى نُصرة ٍ | سابِقة ٌ دعوتَهُ نُصرتي |
لو جَهدوا ما شَربوا من عَلٍ | إلاّ الذي أسْأرْتُ من فضلتي |
ولا رأوا قطٌ بأيديهمُ | فضيلة ً منّي ما غُلَّتِ |
وكم بغَوا دهراً فلم يظفِروا | منّي في المَزْلَقِ بالعَثْرة ِ |
ليستْ يدي منّي مردودة ً | وليس لي رجْلي إنْ زلَّتِ |
فرّاجَ ذاكَ المُبْهَمِ المُصْمَتِ | |
حَقَّرَ شأني أنَّني ضائعٌ | عنكمُ أبكي على ضيعتي |
أقتأتُ غيظي فإذا عِفْتُهُ | خرجتُ من غيظٍ إلى عِفَّة ِ |
في كَمدٍ باقٍ وفي حَسْرة ِ | |
خيرُهمُ شرُّ امرئٍ في الورى | وحيُّهمْ بالنَّوْك كالمِّيتِ |
أنفق فيما لستُ أرضى بِهِ | شرْخَ شَبابي وشَبا مَيْعَتي |
دعْ جانبَ الذُلِّ لمنْ حَلَّهُ | فما به شيئٌ من الخَيرة ِ |
ولا تُقِمْ في منزلٍ تعْتَلي | بهِ الأراذيلُ على الِعلْيَة ِ |
ولا مكانٍ يستوي عندَهُ | دَرادِقُ الذَّوْدِ مع الجِلَّة ِ |
مَلِلْتموني والنُنى رَغْدَة ٌ | إِنْ كَثُرتْ في معشرٍ مُلَّتِ |
وقد علمتمْ أنّ أموالكمْ | تُضحي وتُمسي في حمى جُرْأتي |
سددتُ عنهنَّ فروقَ الرَّدى | بالطّعنة ِ الفَوهاءِ والضّربة ِ |
والخيلُ تَنْجو كسروبِ القطا | أو نَعَمٍ في غُرْبة ٍ شُلَّتِ |
يَحفِزها الطَّعنُ فلو سامَها | دخولَ خرقٍ ضيّقٍ مرّتِ |
وفي القنا تُبدِل أجلادَها | مسودَّة َ اللَّوْنِ بمُحمَرَّة ِ |
فوق قرا ضامرة ٍ " جَسْرَة ٍ" | ما شدَّتِ الرِّيحُ كما شَدَّتِ |
ذاتِ وِقارٍ يوم سِلْمٍ فإنْ | رأت بعينيها وغى ً جُنّتِ |
هلْ أنهَلَتْها علقاً مأثراً | إلاّ يدي الرَّوعِ أو علَّتِ؟ |
فب موقفٍ دَحْضٍ كأنّ الفتى | مُستوقفٌ فيه على جَمْرة ِ |
تبتلُّ أرجاءٌ لهُ يَبْسَة ٌ | رشائشَ الطَّعن إذا بَلَّتِ |
لا تُدنني من عاقدٍ أنفَهُ | ملآنَ من تِيهٍ ومن نَخْوَة ِ |
مُدامِجٍ همّتُهُ كلُّها | مصروفة ٌ في نَصْبِ أُغلوطة ِ |
ليس عنِ الغيِّ لهُ عَرْجَة ٌ | ولا لهُ في الرُّشدِ من نهضة ِ |
فلن تَراني أبدًا راغبًا | في خَرِقٍ يزهدُ في رغبتي |
وما أبالي بعد خُبْرٍ بهِ | صرّح أو صمَّمَ في خُلّتي |
سأركبُ الهولَ فإما على | شامخة ٍ أو أكرم الموتة ِ |
فربَّما نلتُ الّذي أبتغي | مجتهداً أو بَرِئتْ ذمّتي |