عليكَ أميرَ المؤمنين سَلامي
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
عليكَ أميرَ المؤمنين سَلامي | وفى يدك الطّلى زمامُ غرامى |
وأَنتَ الذي لمّا بلغتُ ديارَه | بلغتُ المُنَى عفواً ونلتُ مَرامي |
ولم يكُ إِلاّ عليك توكُّلي | ولا كانَ إِلاّ في ذُراك مقامي |
وحبّك ثاوٍ فى سوادِ جوانحى | وأنت صباحى فى سوادِ ظلامى |
ولمّا وردتُ العِدَّ في عزِّك الذي | به الشَّرفُ الأقصى بلَلْتُ أُوامي |
ولستُ أبالى من امامِ عظيمة ٍ | أَمامي بها دونَ الأنامِ إِمامي |
ومالى التفاتٌ بعد أنْ كنتَ جنّتى | إلى منْ رمانى عامداً بسهامِ |
وما شقّت الأوطار إلاّ بلغتها | بكلِّ صهيلٍ تارة ً وبغامِ |
ومحتقرين للدّءوبِ كأنّهمْ | سراعاً إلى القيعانِ فوق نعامِ |
إذا التفّ منهمْ واحدٌ بقبيلة ٍ | فقد لفَّ نبعٌ منهمُ بثمامِ |
وإِنْ قُذِفوا في حَوْمة ٍ فكأنَّما | قذفتَ يبيساً من غضاً بضرامِ |
كأنّهمُ لم يعرفوا الموتَ جرأة ً | عليه ولا واروا فتًى برجامِ |
فقلْ للذي يَبغي مساماة َ هاشمٍ | وقد فضلوا فى الفجر كلَّ مسامِ |
وفيهمْ شعارُ الدّين يجرى ومنهمُ | - كما شاهد الأقوامُ - كلُّ همامِ |
وقد ملكوا الأرضَ العريضة َ كلّها | وقادوا عرانينَ الورَى بخِطامِ |
عدلتَ بحصباء الثّرى أنجمَ العلا | وسوّيتَ ظلماً جثّماً بقيامِ |
فأينَ ضياءٌ ساطعٌ من ظلامِهِ؟ | وأين سماءٌ من حضيض رغامِ ؟ |
فللَّهِ أيّامٌ مضَيْنَ وأنتُمُ | تخوضون فيها الخيلَ لجَّ قتامِ |
وللخيلِ إمّا بالجسومِ طريحة ً | عِثارٌ وإمّا بالصَّعيدِ بهامِ |
وما إنْ ترى فى ذلك "الحين" آمراً | مطاعاً سوى رمحٍ وحدِّ حسامِ |
ولمّا أردتُمْ فصلَ ما كانَ مُلبِساً | ضربتمْ لهاماً فى الورى بلهامِ |
وما زلتُمُ حتَّى أخذتُمْ تُراثَكُم | وأنتمْ كرامٌ من أكفِّ لئامِ |
وطارَ الذي لا خيرَ فيهِ كأنَّهُ | عُقَيبَ انبلاجِ الصُّبحِ طيفُ مَنامٍ |
وحقّكمُ فى النّاس ما كان خافياً | ولكنْ تغابٍ دونه وتعامِ |
وفُزتُمْ به من غيرِ أنْ تَتدنَّسوا | بعارٍ وأنْ تقذوا عليه بذامِ |
فللّه ما قاسيتمُ من شديدة ٍ | وداويتُمُ في اللهِ أيَّ سَقامِ |
وعرِّضتُمُ أجلادَكمْ في حَفيظة ٍ | لكلِّ كُلومٍ صَعْبة ٍ وكَلامِ |
وحمّلتمُ الأعباءَ وهى ثقيلة ٌ | وكم من ثقيلٍ فوق ثقلِ سلامِ |
وإنْ كنتمُ عرّيتمُ من مقامكمْ | زماناً فكم صُدَّ الضُّحَى بظلامِ |
فواديكمُ والحمدُ لله مفهقٌ | منَ العزِّ فينا والبحورُ طَوامِ |
وأنتمْ كما شئتُمْ وشاءَ وليُّكمْ | ودمعُ الذي يُشجَى بذلك هامِ |
وبالقائمِ الماضي الشَّبا قامتِ العُلا | وهبَّتْ عيونٌ بعدَ طولِ مَنامِ |
ولولاه كنّا مثلَ نهبٍ مقسّمٍ | وليس لنا في ذي الأذَّية ِ حامِ |
هنيئاً بهذا العيد ياخيرَ مفطرٍ | كما كنتَ عصرَ اليومِ خيرَ صيامِ |
فإنْ تركوا مآكلاً ومشارباً | فإنّك ترّاكٌ لكلّ حرامِ |
وإنْ جانَبوا بعضَ الأثامِ تَورُّعاً | فأنتَ الذى جانبتَ كلَّ أثامِ |
وإنْ خشعَ الأقوامُ يوماً لربِّهمْ | فأينَ خُشوعٌ من خشوعِ شَمامِ؟ |
فلا زلتَ طلاّعاً لكلِّ ثنيَّة ٍ | منَ العمرِ سبّاقاً لكلِّ حِمامِ |
وإنْ لم يدمْ شىء ٌ فمتّعتَ بالذى | به أنتَ مشغوفٌ بكلِّ دَوامِ |
وبُلِّغتَ من ذُخرِ النُّبُوة ِ كلّما | ترامى وعنه بالنّضالِ تحامى |
فبشِّرْ بوالي العهدِ قومَك عاجلاً | فلا طَرْفَ إلاّ نحوَ ذلك سامِ |
ولا اجتازَ ثَلْمٌ لم تَرِدْه بريبة ٍ | ولامرَّ نقصٌ محْتَوٍ بتمامِ |
ولا اعتلّ شىء ٌ كان فيك مصحّحاً | ولا انحلّ منك الدّهرَ سلكُ نظامِ |
وإنْ أجدبتْ أجراعُ قومٍ فلا يزلْ | جنابُك مَمطوراً بكلِّ غَمامٍ |
فلا تحفلنْ إلاّ بما أنا قائلٌ | ولا تسمعنْ فى المدحِ غير كلامى |
ونُصحُكمُ فرضٌ، فدونَك قولة ً | حططْتُ لها حتّى أقولَ لِثامي |
لقد ظفِرتْ أيّامُكُمْ بمحمَّدٍ | بماضٍ حديدِ الغَرْب غيرِ كَهامِ |
فخدمتُهُ أغنتكُمُ وهْوَ واحدٌ | وكم واحدٍ أغنى عناءَ أنامِ |
فضُمَّا عليه باليدينِ، فإنَّه | ملى ٌّ كما نهوى بكلِّ مرامِ |
وليس سعودُ المرءِ إلاّ رضاكُمُ | وإنْ يطفْ منكمْ بربعِ ملامِ |
خدمْتُكمُ والرَّأسُ منِّيَ فاحمٌ | وها الرّأسُ مبيضُّ الذّرا كثغامِ |
ولم تظفروا منّى بهفوة ِ عامدٍ | تُطأطىء ُ رأسي أو تجرُّ مَلامي |
فمَغْنى ً جَفوتمْ لا وطأتُ تُرابَهُ | ولاضُربتْ يوماً عليه خيامي |
ومالى َ تعريجٌ بغير شعابكمْ | ووادٍ حَللتمْ فيه دارُ مُقامي |
وعنكمْ ضرابي أو طعانيَ في العِدا | وفيكمْ جدالى كلّه وخصامى |
فلا زلتُ موقوفَ الغرامِ عليكمُ | إلى أنْ أزورَ تربتى بحمامى |
وعقركمُ لا كان منه ترحّلى | ودَرُّكُمُ لا كانَ منه فِطامي |
وإنّى َ منكمْ وصلة ً وولادة ً | وفى حبّكمْ - لازلت عنه - مسامى |
وسِيطَ بلحمي ودُّكمْ ثمَّ رُوِّيَتْ | عظامِيَ منه وهيَ غيرُ عظامي |
وذكركمُ زادى وقوتى َ فى الورى | ومثلُ شرابي طعمُهُ وطعامي |