أفي مستهلات الدموع السوافح
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أفي مُسْتَهِلاّتِ الدّموعِ السّوَافحِ، | إذا جُدْنَ، بُرْءٌ من جوًى في الجَوَانحِ |
لَعَمْرِي، لَقَدْ بقَى وَصِيفٌ بهُلكه | عَقابيلَ سُقمٍ للقلوب الصّحَائحِ |
أسًى مُبرِحٌ، بَزّ العُيُونَ دُمُوعَها، | لمَثْوَى مُقيمٍ في الثّرَى غيرِ بَارِحِ |
فَيالكَ مِنْ حَزْمٍ وَعَزْمٍ طَوَاهُما | جَديدُ الرّدى، تحتَ الثرى وَالصّفائحِ |
إذا جَدّ نَاعيهِ، تَوَهّمْتُ أنّهُ | يُكَرّرُ، مِنْ أخبارِهِ، قَوْلَ مازِحِ |
وَما كنتُ أخشَى أنْ يُرَامَ مَكانُهُ | بشيءٍ سوَى لحظِ العُيونِ الطّوَامحِ |
وَلَوْ أنّهُ خَافَ الظُّلامَةَ لاعْتَزَى | إلى عُصَبٍ غُلْبِ الرّقابِ، جحاجحِ |
فَيَا لَضَلالِ الرّأيِ كَيفَ أرَادَهُ | أحِبّاؤهُ بالمُعْضِلاتِ الجَوَائحِ |
تَغَيّبَ أهلُ النصرِ عَنهُ وَأُحضِرَتْ | سَفاهَةُ مَضْعُوفٍ، وَتَكثيرُ كاشحِ |
فألاّ نَهاهُمْ، عَنْ تَوَرّدِ نَفْسِهِ، | تَقَلُّبُ غَادٍ في رِضَاهُمْ، وَرَائحِ |
وَألاّ أعَدّوا بَأسَهُ وَانْتِقَامَهُ، | لكَبْشِ العَدُوّ المُستَميتِ المُناطحِ |
قَتيلٌ يَعُمُّ المُسْلِمِينَ مُصَابُهُ، | وَإنْ خَصّ من قُرْبٍ قُرَيشَ الأباطحِ |
تَوَلّى بعَزْمٍ للخِلافَةِ نَاصِرٍ، | كَلُوءٍ، وَصَدْرٍ للخَليفَةِ ناصِحِ |
وَكَانَ لتَقوِيمِ الأُمُورِ، إذا التَوَتْ | عَلَيه وَتَدبيرِ الحُرُوبِ اللّوَاقحِ |
إذا ما جَرَوْا في حَلبَةِ الرّأيِ بَرّزَتْ | تَجاريِبُ مَعرُوفٍ لَهُ السّبقُ قارِحِ |
سقى عَهدَهُ، في كلّ ممسى وَمَصْبَحٍ، | دِرَاكُ الغُيومِ الغاديات الروائح |
تَعَزّ أمِيرَ المُؤمِنِينَ، فإنّهَا | مُلِمّاتُ أحداثِ الزّمانِ الفَوَادِحِ |
لَئِنْ عَلِقَتْ مَوْلاكَ صُبحاً فبَعدَما | أقامَتْ على الأقوَامِ حسرَى النّوَائحِ |
مَضَى غَيرَ مَذمُومٍ، وَأصْبَحَ ذِكرُهُ | حُليَّ القَوَافي، بَينَ رَاثٍ وَمادِحِ |
فلَمْ أرَ مَفقُوداً لَهُ مِثْلُ رُزْئِهِ، | وَلا خَلَفاً مِنْ مِثْلِهِ مِثلَ صَالحِ |
وَقُورٌ تُعَانيهِ الأُمُورُ، فتَنْجَلي | غَيَابَتُهَا عَنْ وَازِنِ الحِلمِ، رَاجحِ |
رَمَيتَ بهِ أُفْقَ الشّآمِ، وَإنّمَا | رَمَيْتَ بنَجْمٍ في الدُّجُنّةِ لائِحِ |
إذا اختَلَفَتْ سُبلُ الرّجالِ وَجَدْتَهُ | مُقيماً عَلى نَهجٍ من القول، وَاضِحِ |
سَيُرْضِيكَ هَدْياً في الأُمورِ وَسيرَةً، | وَيكفيكَ شَعبَ الأبلَخِ المُتَجانِحِ |