سهر أصابك بعد طول نعاس
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
سَهَرٌ أَصَابَك بَعْدَ طُولِ نُعَاسِ | لِصُدُودِ أغْيَدَ فاتِنٍ مَيَّاسٍ |
مِثْلُ القضيبِ عَلَى الكَثِبِ مُهَفْهَفٌ | مِنْ بَانَةٍ أو مِنْ فُروعِ الآسِ |
كَالَبدْرِ يَأتَلِقُ الضِّيَاءُ بِوَجْهِهِ | مَا شانَ وَجْنَتَهُ سَوَاد نُحَاسِ |
يَرْمِي فمَا يَشْوي ويَقْتُلُ مَنْ رَمَى | بِسِهَامِ لا هَدَفٍ ولا بُرْجَاسِ |
كم ليلةٍ أحييتُها بِحَديثهِ | ولذِيذِ رَشْفٍ عند ذَوْقِ الكاسِ |
ما غمَّضتْ عَيْنٌ لِفقدِ خَيَالهِ | والقلبُ فِيهِ بَلاَبِلُ الوسوَسِ |
كل الدَّلاَلِ مِنَ الحبيبِ مُعَشَّقٌ | إلا دلالَ صُدُودِهِ والياسِ |
إنْ كَانَ جِداً مِنْهُ ساَلَتْ مُهْجَتي | أُو كان هَولاً مَا بِهِ مِنْ بَاسِ |
ولَسَوْفَ يَذْكُرُ خَالِياً أُنْسِي به | وخَلاَءَهُ مِنَّي ومِنْ إينَاسِي |
وترُدُّهُ سَهْلاً إِليَّ عَطَائِفٌ | كمْ قَدْ عَلِقْنَ لَناَ بِقَلْبٍ قاسِ |
وَلًقَدْ شَرِبْتُ بطَارِفي وبِتَالِدِي | وسَبَأْتُها بِكْراً بِغَيْرٍ مِكَاسِ |
ولَقَدْ أُنادِمُ خيرَ شَرْبٍ كُلُّهُمْ | دَجَنوا بِحُسْنِ خَلائقِ الجُلاَّسِ |
أَمْوَالُهمْ مَبْذولَةٌ لضُيُوفِهمْ | إِنَّ الكريمَ مُسامِح وموُاسِ |
ولقد ألفْتُ خَلاَئفاً وبَطَارِقاً | أَنِسُوا بِكِتْمَاني لِلاِستِئْنَاسِ |
ولقد صَبَرتُ عَلى صَديقٍ فاسدٍ | ناهيكَ من نَكْسٍ ومن إِتْعاس |
إنْ قُدْتَهُ يَأْبَى عَلَيْكَ حِرَانُهُ | أولِنْتَ عَضَّ عَلَى شَكِيمِ الفاس |
لا يَحْمَدُ الرَّجَلُ المُحِبُّ صَدِيقَهُ | مِثْلَ الزُّلاَلِ لِذَائِقٍ أو حَاس |
حَتَّى يَرَاهُ لِغَيْظِهِ مُتَجَرِّعاً | يَحْبُوهُ فِي يُسْرٍ وَفي إفْلاس |
وَلَقَدْ أَقُولُ لِمنْ يُسَدِّدُ رُمْحَهُ: | خُذْهَا كِفَاحاً مِنْ يَدَيْ جَسَّاس |
وَلَقَدْ شَدَدْتُ إذا الهمومُ تضيفتْ | رَحْلي بكُورِ عُذَافِرٍ جِرفاس |
قَرْمٍ إذاَ نَكِرَتْهُ أُمٌّ مَرةً | عَرَفَتهُ أُخرَى فِي دِيارِ أُناس |
دَرَّتْ عَلَيهِ عزيزة ضراتها | تروي الهيام بمحلب وعساس |
ولقد ركبت البحرَ في أمواجهِ | وركبتُ هَولَ اللَّلِ في بَيَّاس |
وقَطعتُ أَطوالَ البِلادِ وَعَرْضها | مَا بَينَ سِنْدَانٍ وبيْنَ سِجَاس |
ولقَدْ رَأَيْتُ، وَقدْ سَمِعْتُ بِمَنْ مَضَى | فَإذَا زُرَيْقٌ سَيِّدُ السُّوَّاس |
فافخرْ به وبمصعبٌ وحليفُهُ | إنَّ الحُسَيْنَ أَجَلُّ مِنْ نَشْنَاس |
لولاَ الحُسَيْنُ ومُصَعبٌ وقَبِيلُهُ | مَا قَامَ مُلْكٌ فِي بَني العَبَّاس |
وبِذِي اليمينينِ الذي مَا مِثْلُهُ | لمشيرِ أَخْماسٍ إلى أسداس |
يَبْغي عَلَّيا إذ أَتَى في جَحْفَلٍ | حَنِقِينَ أَهلِ شَراسَةٍ ومراس |
فَبَدَا بجَدِّهِمُ فَدَقَّ شَبَاتَهُ | دَاسُوا أَبَا يَحَيى أَشَدَّ دِيَاسِ |
وانحطَّ يَطلُبُ بَابِلاً ومَليكَها | فأَحاطَ بالملكِ الخْلِعِ النَّاسي |
دَاجَاهُ حِيناً عَلَّهُ أَنْ يَرْعَوِي | فَأَبَى وَمَالَ إلى الهجَفِّ الجاسِي |
قَدْ كاَنَ حِلْمُ أَخِيهِ حِلْماً وَاسِعاً | غَمَرَ المُلُوكَ وسَائِرَ الأَجْنَاسِ |
لكنه أصغى لهرثمة الذي | خلاه بين صراري أطفاس |
فأتت قوارب طاهر فتشبثت | بخليقة الخصيان والنسناس |
لا كوثر أغنى ولا أشياعه | من رهط بيدون ولا فرناس |
فرمى الأمين بنفسه في دجلة | يرجو النجاء فصار في الديماس |
من كان يدري أن آخر أمره | يبقى أسيراً في يد الحراس |
بل كيف ينجو والمطالب طاهرٌ | بمواقف الأرصاد والأحراس |
فسعى إليه مبشراً بمحمد | عجلا فقال له: اشفني بالرأس |
ما فوق ذا مجد يصول به امرؤ | فر المماجد من مدى الأحراس |
ما حل مذ عقد الزريق إزاره | حتى استقرت كرة الأفراس |
هذي المكارم لا عروس همه | عزف وقصف طاعم أو كاس |
وأبوك هد جموع نصر كلها | وابن السري وعسكري قرياس |
فتح البلاد صغيرها وكبيرها | منها الطوان إلى محل الماس |
ملك المشارق والمغارب عنوة | يدعو لها بمنابر وكراسي |
حتى إذا سلمت مغاربها له | وصفت من الفجار والأناس |
زار العراق ولم يطنها منزلاً | وأتى الشراة فأمسكت بحداس |
فأم حتفاً للمسيء وروضة | للمحسنين كروضة البسباس |
لو لم يقم فيا لناس إلا واحد | ما قام مثل أبيك بالقسطاس |
لو عد فتح المازيار ومثله | أفنى العداد كراسف الأنقاس |
وثوى أخوك وقد توافى عنده | كرم الكرام وبأس أهل الباس |
ما طاهر إلا أبوه وجده | برعوا ثلاثتهم على ذا الناس |
ولقد لحقت ولم تقصر دونهم | بل قد علقت بثغرة الأضراس |
ولقد لبست عساكراً بعساكر | بالغور فيها سادة الوسواس |
فرموا وجالوا بالقنا وتثاقفوا | بسيوفهم من بعد طول دعاس |
وتعافسوا من كان طاح سلاحه | والنفس تتلف عند كل عفاس |
والخيل تجمر بالفوارس والقنا | يخلجن خلج البئر بالأمراس |
والموت يأشر بالسيوف كأنها | برق يلوح على ظهور تراس |
وترى المنية كالحا أنيابها | ثكلى تمخض مطفلاً بنفاس |
فقتلت جيشهم، وجئت بسيبهم | وتركتهم بالغور كالأكداس |
ومتى يهيج معاشر ترعاهم | علقوا بشغب وساوس الخناس |
نكلت بالرؤساء منهم جهرة | كي ما تسكن شرة الرجاس |
ولقد يقول ذوو الحجى لسفيرهم | حث المطي بواضح مراس |
فإذا لقيت محمداً فاسجد له | لا غرو من صلى أبا العباس |
ملك ترى الأملاك حول ركابه | يمشون حبسوا من الأنفاس |
يقضي الأمور وليس يسمع نبسة | بخلال أشوس في المحل الشاسي |
كالدهر صرف ثوابه وعقابه | في العالمين لجارح أو آس |
ولقد علا فوق الفراقد بيته | وعلى الحضيض قواعد الأساس |
وسما فنال المجد حتى مال لي | حي سواه طلائح الأحلاس |
وجرى فأحرز كل رهن فاخر | ورمى فأحرز غرة القرطاس |
لو نال قرن الشمس حلوا بيته | شرفاً عطاء شوامخ ورواس |
والعبدليون المراض من الحيا | مثل الليوث تميد في الأخياس |
أحلام عاد في الندي إذا احتبوا | والجن يصطرمون نوم حماس |
في الحرب لبسهم الحديد مضاعفاً | والسلم لبسهم جميل لباسِ |
الأحسنون من النجوم وجوههم | بهروا بأكرم عنصر ونحاس |
ولقد خدمتك بالرصافة برهة | وخدمت سنحك في قرى بطياس |
لي حرمة مذ أربعون أعدها | حججاً، ولست عن القديم بناس |
ولقد رجعت إليك بعد ملاوة | فقلت رجعة وامق مستاس |
فاخفض جناحك لي، وصني إنني | كالسامري بمساس |
أو لأتركت لقاً لكل خساسة | كقبيصة الطائي أو كإياس |
يهنيك جلوتها فخذها عاتقاً | فوق المنصة شمسة الأعراس |
قد قلت لما أن نظمت حليها | والشعر يبعث فطنة الأكياس |
لو للفحول تعن لافتخروا بها | ولجرول لحبا بني شماس |