أينَ في عصرنا نرى لك مِثلا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أينَ في عصرنا نرى لك مِثلا | جئتَ بعداً ففقتَ من جاء قبلا |
كلّما قد بلغتَ غاية َ فضلٍ | زدت جِدّاً فزادكَ الله فضلا |
وإذا قيلَ بعضُ جدِّك هذا | لك كلُّ الفضل انتهى قلت كلاّ |
لم تزل هكذا تجدُّ إلى أن | قيلَ مهلاً لك انتهى الفضلُ كلاّ |
نلتَ أقصى العُلى وتبغي مَزيداً | عزَّ مَن هكذا براكَ وجلاّ |
لو على قدرِكَ اتخذتَ خليلاً | لا اتخذتَ الهلالَ في الأُفق خِلاّ |
أيَّما خصلة ٍ من المجد عنَّت | لم تفز منم قِداحها بالمُعلّى |
قد بحثتَ العلومَ فنًّا ففنًّا | وبها قد أحطتَ عقلاً ونقلا |
وشحنتَ الزمانَ هدياً ونشكا | وقضيتَ الحقوقَ فرضاً ونفلا |
فإلى أين عنك يبغي انحِرافٌ | ضلَّ من لا يراكَ لله ظِلاّ |
أيّها المقتفي الأئمة َ لا تُخطئ | قولاً لهم ولم تعدُ فِعلا |
قل لمن يدَّعي النيابة َ عنهم | هكذا عنهم يُنابُ وإلاّ |
أنتَ ياكعبة َ إليها الرجا حجَّ | ويا قبلة ً لها المدحُ صلّى |
مَشعر الحق مستجارُ ذوي الحقِ | وَمن لم يقل بما قلتُ ضلاّ |
فيك لو أُعطيت مُناها الثُريّا | لتمنَّت بأن تُرى لكَ نعلا |
يا وقور النديَّ جئت بجيلٍ | خيرهم في ندِّيه طاش جهلا |
ما عسى أن يقولَ فيكَ مريبٌ | صقلت عَرضَكَ المكارمُ صقلا |
لك أفدي مُعذَّباً بمعاليك | إليها يمدُّ باعاً أشلاّ |
يتعالى بجهله وهو يدري | أنَّ مِن مفرقيه كعبَك أعلى |
لو رأى الليثُ كيف رشّحت أشبا | لكَ لارتاح أن يُرى لك شِبلا |
غُرراً قد نجلتها ليس ترضى | معها البدرَ ينتمي لكَ نجلا |
طبتَ نسلا وكنتَ أزكى المجـ | ـدِ وما كلُّ مَن زكى طابَ نَسلا |
سُرجاً للعُلى وَلدتَ وكلٌّ | كم له من نهار فخرٍ تجلّى |
لك خلقٌ لو ذاقه مُجتني النحلِ | دعى ما جنيتُ ما عشتُ نحلا |
ذاك للذائقين حلوٌ وهذا | في فم الذوقِ منه أَحلا وأَحلا |
خفَّة الروح لا كأَخلاق قومٍ | أبداً في الأرواح تُحدِثُ ثِقلا |
هو روضُ النهى وقد جعلَ الله | له منكَ رائقُ البشرِ طَلاّ |
قد لعمري حملتَ أعباءَ جودٍ | لو بها الدهرُ يستقلُّ لكلاَّ |
ومن الرمل لو عطاؤُك يُعطى | نفذ الرملُ من يديه وملاّ |
لقد اختطَّ داركَ المجدُ للحمد | وفيها الندى ترعرعَ طِفلا |
منه جيد المحبِّ يلبسُ طوقاً | ويدُ الكاشحين تحملُ غِلاّ |
دُم شكيمَ المصاقِع اللّد واسلم | شرقاً للخصيم تنطقُ فصلا |
بلسانٍ يُريه نَضَنَضَة َ الصلِّ | فَيُغضي كِيلا يساورُ صِلاّ |
أمطرتنا يداكَ طلاًّ ووبلاً | فوردنا نداكَ نهلاً وعلاّ |
بهدايا يديكَ أُقسم لا أيدي | الهدايا يرمينَ نحو المصلّى |
لجديراً أراكَ في أن أُهنّيك | بمن نُبتَ عنه قولاً وفعلا |
ولأحلا الأيام يومُ يدُ الله | به سلَّت الحسامَ المُحلّى |
يومُ بعثٍ لمن سيُبعثُ فيه | مالئُ المشرقينِ قسطاً وعدلا |
ذاكَ من كان قُربُه قابَ قوسينِ | من الله إذ دَنى فتدلَّى |
والبشيرُ الذي به قسمَ الله | على العالمين لُطفاً وفضلا |
هو للخير كانَ أصلاً وفرعاً | وله الخيرُ كان فرعاً وأصلا |
أيها المجزلُ الوهوبُ سماحاً | هاكَ نظماً كجود كفّيك جزلا |
بل كعلياك خُذهُ مُمتنعاً صعبَ | منالٍ ومثلَ خُلقِك سهلا |
زفَّ بكراً كفاك فيها هديًّا | لك تجلى وحسبُها بك بعلا |