عنوان الفتوى : معنى حديث: مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله...
مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله: أريد أن أفهم معنى أنه لا يعلمها إلا الله، فهل معناها أنها تظل في علم الله أبداً لا يطلع عليها مخلوق في السموات والأرض؟ أم أن الله يُطلع عليها من شاء من رسله - من الملائكة أو البشر - والجن يسترقون السمع أحياناً، فمثلاً: من مفاتح الغيب أنه لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم مواعيد موت الناس إلا الله - وهناك ملائكة مثل ملك الموت يعلم متى يموت الناس، والكهنة وغيرهم يصل إليهم من الجن بعض أحداث المستقبل.
وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمفاتيح الغيب الخمس هي التي تضمنتها آية سورة لقمان، فقد روى البخاري عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله، لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله. رواه البخاري.
وفي رواية عنده أيضا: مفاتيح الغيب خمس ثم قرأ: إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير {لقمان:34}.
والمعنى أن الله استأثر بعلمها، فلا يعلمها أحد إلا بعد أن يُعْلَمَهُ الله بها، وفي ذلك يقول ابن كثير في تفسير قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنزلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ { لقمان:34 }.
هَذِهِ مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ الَّتِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهَا، فَلَا يَعْلَمُهَا أَحَدٌ إِلَّا بَعْدَ إِعْلَامِهِ تَعَالَى بِهَا؛ فَعِلْمُ وَقْتِ السَّاعَةِ لَا يَعْلَمُهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ: لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ـ {الْأَعْرَافِ: 187}.
وَكَذَلِكَ إِنْزَالُ الْغَيْثِ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، وَلَكِنْ إِذَا أَمَرَ بِهِ عَلِمَتْهُ الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِذَلِكَ ومَنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ خَلْقِهِ، وَكَذَلِكَ لَا يَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ مِمَّا يُرِيدُ أَنْ يَخْلُقَهُ اللَّهُ تَعَالَى سِوَاهُ، وَلَكِنْ إِذَا أَمَرَ بِكَوْنِهِ ذِكْرًا أَوْ أُنْثَى، أَوْ شَقِيًّا أَوْ سَعِيدًا عَلِمَ الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِذَلِكَ، ومَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَكَذَلِكَ لَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا فِي دُنْيَاهَا وَأُخْرَاهَا: وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ـ فِي بَلَدِهَا أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَيِّ بِلَادِ اللَّهِ كَانَ، لَا عِلْمَ لِأَحَدٍ بِذَلِكَ، وَهَذِهِ شَبِيهَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ ـ الْآيَةَ { الْأَنْعَامِ: 59} وَقَدْ وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِتَسْمِيَةِ هَذِهِ الْخَمْسِ: مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ. اهـ من تفسير ابن كثير.
وللفائدة يرجى مراجعة هاتين الفتويين: 62340، 327052.
والله أعلم.