حزت بالكاظمين شأنا كبيرا
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
حزت بالكاظمين شأنا كبيرا | فابق ياصحن آهلا معمورا |
فوق هذا البهاء تكسي بهاء | ولهذي الأنوارِ تزدادُ نورا |
إنما أنت جنة ضرب الله | عليها كجنة الخلد سورا |
إن تكن فُجِّرت بهاتيك عينٌ | وبها يشربُ العبادُ نَميرا |
فلكم فيك من عُيونٍ ولكن | فُجّرت من حواسدٍ تفجيرا |
فاخرت أرضك السماء وقالت: | إن يكن مفخرٌ فمنّي أستُعيرا |
ودعا يا رجاءُ هاك بناني | من غدا فيهما الضراح فخورا |
بمصابيحي استضيء ربا معال | شرفا بيت ربك المعمورا |
لك فخر المحارة انفلقت عن | دُرّتين استقلَّتا الشمس نورا |
وهما قُبّتان ليست لكلٍّ | منهما قبة السماء نظيرا |
صاغ كلتيهما بقدرتهِ الصا | ئغ من نوره وقال : أنيرا |
حولَ كلٍّ منارتن من التبرِ | يجلى سناهما الديجورا |
كبرت كل فيه بهما شأنا | فأبدن عليهما التكبيرا |
فغدت ذاتَ منظرٍ لك تحكي | فيه عذراءَ تستخفُّ الوقورا |
كعروسٍ بَدت بقرطي نُضار | فملت قلب مجتلها سرورا |
بوركت من منابر قد أقيمت | عُمداً تحملُ العظيم الخطيرا |
رفعت قبة الوجود ولولا | ممسكاها لآذنت أن تمورا |
يالك الله ما أجلك صحنا | وكفى بالجلال فيك خفيرا |
حرم لآمن به أودع الله | |
طبتَ إمّا ثراك مِسكُ وأمّا | عبق المسك من شذاه استعيرا |
بل أراها كافورة َ حملتها | الريحِ خُلديَّة فطابت مسيرا |
كلّما مرَّت الصبا عرَّفتنا | أنها جددت فطابت مسيرا |
أين منها عطر الأمامة لولا | أنها قبلت ثراك العطيرا |
كيف تحبيري الثناء فقل لي: | أنت ماذا لا حسن التحبيرا |
صحنُ دارٍ أم دارة ٌ نيّراها | بهما الكونُ قد غدا مستنيرا |
إن أقل : أرضك الأثير ثراها | ما أراني مدحت إلا الأثيرا |
أنت طور النورِ الذي مذ تجلّى | لابن عمران دك ذاك الطورا |
أنت بيتٌ برفعه أذِن الله | لفرهاد فاستهلَّ سرورا |
وغدا رافِعاً قواعد بيتٍ | طبر الله أهله تطبيرا |
خير صرح على يدي خير ملك | قدر الله صنعه تقديرا |
تلك ذاتُ العمادِ لو طاوَلته | أنها جَددت عليك المرورا |
أو رأى هذه المباني كسرى | لرأى ماابتناه قدماً حقيرا |
ولنادي مهنياً كل من جاء | من الفرسِ أوَّلاَ وأخيرا |
قائلاً: حسبكم بفرهاد فخراً | بلداً طيباً وربًّا غفورا |
قد أقرَّ العيون منك بصنعٍ | ومن قال غير ذا قال: زُورا |
وبهذا البنا لكم شادَ مجداً | لم يزل فيه ذكر كم منشورا |
وبعصر سلطانه ناصر الدين | فأخليق بأن يباهي العصورا |
قد حمى حوزة َ الهدى فيه ربٌّ | قال: كن أنت سيفه المنصورا |
ملك عن أب وعن حد سيف | |
يا مُقيل العِثار تُهنيك بُشرى | تركت جدج حاسد يك عثورا |
من رأى قبل ذا كعمّك عمًّا | ليس تغنى الملوك عنه نقيرا |
وسعت راحتاه أيامَ عصرٍ | لم يلدن الأنسان إلا قتورا |
بَثَّ أكرومة ً تُريك المعالي | ضاحكات الوجوه تجلو الثغورا |
ذَخر الفوز في مبانٍ أرتنا | أنَّه كان كنزَها المذخُورا |
ونظرنا في بذلهِ فهتفنا: | هكذا تبذل الملوك الخطيرا |
قد كسى هذهِ المقاصر وشياً | فسيكسي وشياً ويحيي قصورا |
يبدو فيكِ الصباحُ سَفورا | فوق جُدرانهِ بدا مسطُورا |
إنّما الرقُّ مُهرِقٌ خطَّ وصفي | ذا البنا فيه فاغتدى منشورا |
لك في دفتيه سحر ولكن | خطه مذ برى البليغ زبورا |
فاروِعني سحاّرة َ الحسن واحذر | لافتتانٍ بسحرها أن تطيرا |
وتحدث بفضل فرهاد وانظر | كيف منه نشرت روضاً نضيرا |
مستشارٌ في كلّ أمرٍ ولكن | لسوى السيف لم يكن مُستشيرا |
في حجور الحرب شب وكانت | أظهر الصافنات تلك الحجورا |
قد حبا في الملا فكان غماماً | واحتبى في العلى فكان ثبيرا |
ملأت بردتاه علماً وحلماً | وحجى راسخاً وجوداً غزيرا |
لا تقس جود كفه بالغوادي | وندى كفِّه يمدُّ البحورا |
بل من البحر تستمد الغوادي | كم عليهِ تطفَّلت كي تميرا |
قل في عصرنا الكرام وفي فر | هاد ذاك القليل صار كثيرا |
كم رقاب ارقها ورقاب | حررتها هباته تحريرا |
إن رأينا نهر المجرَّة ِ قدماً | عبرته الشعرى وكان صغيرا |
فهي اليوم دونَهُ وقفت من | دونِ بحرٍ فلا تُسمَّى العَبورا |
لا ثلوناً ولا نزوراً شطورا | في سماطي نادي علاه وثيرا |
وعليه اتكا بأعلى رواق | تخذ المكرمات فيه سميرا |
وغدا باسطاً به كفَّ جُودٍ | نشرت ميت الندى المقبورا |
فاحتلبها لبون جود درورا | |
وتشطر ضروعها حافلات | لا تلوناً ولا نزورا شطورا |
واترِك غيرها فتلك زَبون | تدع القعب في يديك كسيرا |
وعلى العصب لا تدر فأولى | لو جعلتَ العصاب عضباً طريرا |
سعدُ قرِّط مسامعَ الدهر إنشادَ | ك تسمع من شئت حتى الصخورا |
غير عبد الهادي أخيه أخي الـ | بالقوافي مُهنياً وبشيرا |
قل لها لا برحتِ فردوس أُنسٍ | |
وإمامين يُنقذان من النار | لمن فيهما غدا مستجيرا |
وعلما غدا أبا لبني العلم | وأكرم به أبياً غيورا |
وأغر أذيال تقواه للنا | س نفضن الدنيا وكانت غرورا |
كم بسطنا الخطوب أيد أرتنا | أخذل الناس من أعدَّ نصيرا |
وطواها محمدُ الحسنُ الفعل | |
طبتِ أهلاً وتربة ً وهواءً | كم نشقنا بجوِّه كافُورا |
قد حماكِ المهديُّ عن أن تضامي | وكفاك المخشي والمحذورا |
ومن الأمنِ مدّ فوقك ظِلاًّ | ومن الفخر قد كساك حبيرا |
من يسامي علاه شيخاً كبيرا | وله دانت القُرومُ صغيرا |
لم نجد ثانيا له كان بالفخر | خليقاً وبالثناءِ جديرا |
سيف مقالاً فصلاً عزماً مبيرا | |
وأخي الشمس طلعة تُبهِت الشمـ | س إذا وجهه استهل منيرا |
وأخي الغيثِ راحة ً تخجل | الغيثَ ولو ساجلته نوءً غزيرا |
قمرا سؤدد وفرعا معال | |
حفظ فيك حوزة الدين إذ كم | عنكَ ردّا باعَ الزمان قصيرا |
واستطالا بهمة يأسران الـ | ـخطبَ فيها ويُطلقانِ الأسيرا |
فبها سيدا معاً طور موسى | من رأى همة ً تُشيد الطورا |
ومقاصير لو تكلفها الدهر | لأعي عجزاً وأبدى القصورا |
لم يريدا غلا اللطيف الخبيرا | |
فيه كانا أعفَّ في الله كفًّا | ووراء الغيوب أنقى ضميرا |
أجهدها في خدمة الدين نفساً | شكر الله سعيها المشكورا |
أتعباها لتستريح بيوم | فيه تلقى جزاءَها موفورا |
يعدل الحج ذلك العمل الصالح | إذ كان مثلُه مبرورا |
معد الله أن يعد لكل | منهما فيه جنة وحريرا |
أيها الصحن لم تزل للمصلى | ومن الذنب مسجداً وطهورا |
دُمتَ ما أُرستِ الجبالُ وبانيـ | ـكَ ليومِ يُدعى بها أن تسيرا |
واستطبها معطارة النظم منها | تَحسبُ اللفظَ لؤلؤاً منثورا |
خُتِمت كافتتاحها فيك لا تعلَّم | أيا شذاه أذكى عبيرا |