لا زلتَ يا ربع الشباب حميداً
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
لا زلتَ يا ربع الشباب حميداً | باقِ وإن خلقَ الزمانُ جديدا |
ما أنتَ للعشاق إلا جنَّة ٌ | صحبوا بها العيشَ القديمَ رغيدا |
أيام كان العيشُ غضاً ناعماً | والدهر مقتبل الشباب وليدا |
والدار طيّبة الثرى مما بها | يسحبنَ ربّات الخدور برودا |
يستاف زائرُها ثراها عنبراً | فيكذّبَن طرفاً يراه صعيدا |
يعطو إلى عذبات فرع أراكة ٍ | طبيٌّ تفيأ ظلَّها الممدودا |
غنجٌ يسلُّ من اللواحظ مرهفا | بغدو عليه قتيله محسودا |
هو مُنتضى ً في الجفن إلا أنه | بين الجوانح يغتدي مغمودا |
أضحت ضرائبه القلوب تعدّ أد | ماها به، وهو الشقيُّ، سعيداً |
وشقيقُ خديه النقيُّ من الحبا | أضحى بعقرب صدغه مرصودا |
يمسى سليماً يشتفى بالريق مَن | باللثم بات بقطفه معمودا |
كم بتُّ معتنقاً له في ليلة ٍ | بات العفاف بها على َّ شهيداً |
وكأنما في الأفق هالة ُ بدرها | وبها الكواكب قد طلعنَ سعودا |
نادٍ محمدُ حلَّ فيه وولده | وبعلاه خفَّت ناشئاً ووليدا |
هو دارة ُ الشرف التي قد مهّدتْ | أبد الزمان بعزّهم تمهيدا |
فرشوا بساحة أرضه القمرين واتـ | ـكأوا على زهر النجوم قعودا |
متعاقدين على المكارم أحرزوا | شرفاً تماثل طارفاً وتليدا |
وعليهمُ قطباً فقطباً دائرٌ | فلكُ الفخار ابوَّة وجدودا |
كانوا قديماً والعلى صدفٌ لهم | دراً تناسق في الفخار نضيدا |
وأبوهم البحرُ المحيط وقد بدوا | منه على جيد الزمان عقودا |
هو لجَّة المعروف ما عرفتْ بنو الـ | ـدنيا سواه منهلاً مورودا |
وبقية ُ الأمجاد لم يُرَ غيره | خلفاً لهم فوق الثرى موجودا |
مستظهراً بعناية من ربه | وقفتْ عليه العزَّ والتأييدا |
متمحضٌ لله في أفعاله | بالغيب يخشى الخالق المعبودا |
فكأنما الأعضاء منه أعينٌ | تذكى جهنَّمُ نصبهنَّ وقودا |
لم تجترحْ ذنباً جوارحُ جسمه | بل كان عن خطط الذنوب بعيدا |
فتراه مرتعدَ الفرائص رهبة ً | لا باحتمال خطيئة ِ مجهودا |
يمسى بنفسِ لا تميلُ مع الهوى | لله يحي ليله تهجيدا |
وإذا تجلّى الليل أصبح باسطاً | للوفد كفاً ما تغبُّ الجودا |
نسكٌ كما شاء الإلهُ وأنعمٌ | لم يحصها إلا الإلهُ عديدا |
يا من لو اقتسم الأنامُ صلاحه | ما سنَّ فيهم ذو الجلال حدودا |
لله منجية ٌ ولدتَ بحجرها | كان التقى في حجرها مولودا |
لا تغتذى بغذا الجنين نزاهة ً | لكن غذيت الشكرَ والتحميدا |
وبرزت والدنيا جميعاً مجهلٌ | علماً جلا منها الغواشى السودا |
وغدتْ وكانت عاقراً امُّ الندى | لمَّا تطرَّقها نداك ولودا |
تنميك من سلف المعالي أسرة ٌ | غلبوا على الشرف الكرام الصيدا |
من كل معصوم البصيرة لم يزلْ | منه الرداءُ على التقى معقودا |
لم يرتفعْ لك بيتُ مكرمة ٍ لهم | إلا وكان لهأخوك عمودا |
شهدتْ صفات «أبي الأمين» بأنه | فضُلَ البريّة سيداً ومسودا |
وأحلّه حيثُ استحقَّ من العلى | حسبٌ على الأحساب نال مزيدا |
بذلَ السماحَ بذا الزمان وإنه | لأعزُّ من "بيض الأنوق" وجودا |
وعلى حياض سماحه اختلف الورى | شرقاً وغرباً مصدراً وورودا |
يزداد منهلُ عرفه فيضاً إذا | جفَّتْ ضروعُ الغاديات جمودا |
ما إن غدا في العرف مبدأ غاية ٍ | إلا لها ابنُ أخيه كان معيدا |
ليس الحيا الوسميُّ من جدوى محمـ | ـدٍ الرضا في المحلِ أنضر عودا |
قد جاورتْ مغناهُ دجلة فاغتدى | بندى يديه ماؤها ممدودا |
والبحر من يُمسي ويصبح جاره | لا بد أنْ يمتاح منه الجودا |
جذلان يشرق للسماحة كلما | دفع الظلامُ له الركابَ وفودا |
يسترشدون بنور أبلجَ إنْ خبا | ضوءُ النجوم يزد سناه وقودا |
بأغرَّ يغلب وجهه شمس الضحى | بضيائه حتى تموت خمودا |
ما المجد منتحلٌ لديه وإنما | ولدته أمُّ المكرمات مجيدا |
قد حلَّقتْ فيه لأرفع رتبة ٍ | هممٌ تناهت في العلوِّ صعودا |
وحوتْ له النفسُ الكريمة سؤددا | أمسى بناصية السهى معقودا |
فإذا عقود المجد فُضِّل نظمُها | كانت مناقبه لهنَّ فريدا |
هو شمس أفق المكرمات وبدرها الـ | ـهادي لمن أمسى يجوب البيدا |
ورث السماحة من خضمِّ سماحة ٍ | فغدا بمجموع الفخار وحيدا |
ذا الشبلُ من ذاك الهزبر وإنما | تلد الأسودُ الضاريات أسودا |
يا من تعذّر أن يحيط بوصفهم | نظمٌ ولو ملأ الزمان قصيدا |
والجامعين المكرمات بوفرهم | مذ أكثروا في شمله التبديدا |
ولهم بأندية العلاء إذا بدوا | تهوي الأعاظم ركّعاً وسجودا |
أهدتْ لجيد علاكم ابنة ُ فكرتي | درر الثناء قلائداً وعقودا |
جُليت محاسنها عليكم فاجتلوا | منها لمجدكم كعاباً رودا |
هي نثرة تصفوا على أحسابكم | زُغفٌ خلفتُ بنسجها داوودا |
قد خلدت لكم الثناء وسؤلها | إنَّ الثناء لكم يدوم خلودا |
فبقيتمُ في غبطة ٍ من ربّكم | لكنْ بقاءً لم يكن محدودا |