قد خططنا للمعالي مضجعا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
قد خططنا للمعالي مضجعا | ودفنا الدينَ والدنيا معا |
وعقدنا للمساعي مأتماً | ونعينا الفخر فيه أجمعا |
آه ماذا وارت الأرضُ التي | رمقُ العالم فيها اوُدعا |
وارت الشخصَ الذي في حمله | نحنُ والأملاك سرنا شرعا |
صاحب النعش الذي قد رُفعت | بركاتُ الأرض لمّا رفعا |
ملكٌ حياً وميتاً قد أبى | قدرُه إلا الرواقَ الأرفعا |
إنْ تسلني كيف من ذاك الحمى | فيه زاحمن العرينَ المسبعا |
فبه أدنى إليه شبله | أسدَ الله وحيّاً ودعا |
فأسلناها على إنسانها | حدقاً وهي تسمّى أدمعا |
وبللنا تربة القبر الذي | دفنوا فيه التقى والورعا |
وعقرناها حشاً فوق حشاً | يتساقطن عليه قطعا |
ونضحناها ولكن مهجاً | صنع الوجدُ بها ما صنعا |
فعلى ماذا نشدُّ الأضلعا | كذبَ القائلُ قلبي رجعا |
وحللنا عقده الصبر أسى ً | وعلى الوجد شددنا الأضلعا |
ورجعنا لا رجعنا وبنا | رمقٌ ممسكه ما رجعا |
يا ابن ودّى إنَّ عندي فورة ً | تملأ الجنبين كيف اتسعا |
فإلى مكة لي إنَّ بها | منتدى الحيِّ المعزّى أجمعا |
ابتدرها واعتمد بطحاءها | إنها كانت لفهرٍ مجمعا |
قف بها وانعَ قريشاً كلَّها | فقريشُ اليوم قد ماتوا معا |
وتعمَّد شيبة َ الحمد وخذ | نفثة ً تحطمُ منها الأضلعا |
قلْ له: إن متَّ قدماً وجعاً | فمت الآن بنعيٍ جزعا |
صدعت بيضتكم قارعة ٌ | كبدُ الوحي عليها انصدعا |
زال درعُ الهاشميين الذي | بردائيْ حسبيه ادَّرعا |
وانطوى عزُّ نزار كلَّها | بمصابٍ سامها أن تخضعا |
ما فقدتُ اليوم إلاّ جبلاً | نحوه يلجأ من قد روّعا |
كان أرسى زمناً لكن على | مهج الأعداء ثم اقتلعا |
شهرت أيدي المنايا سيفها | فاستعاذ الدهرُ منها فزعا |
وحمى عن أنفه في كفّه | فإذا الأقطعُ يحمى الأجدعا |
قرعت سمعَ الهدى واعية ٌ | أبداً في مثلها ما قُرعا |
لو رأت ما غاب عينٌ لرأت | عيننا جبريلَ يُدمي الإصبعا |
قائلاً: حسبُك ملْ عن هاشمٍ | وعلى الفيحاء عرّج مسرعا |
إنها منعقدُ النادي الذي | قد حوى ذاك الجناب الأمنعا |
قف بها وقفة عانٍ ممسكا | كبداً طاحت بكفٍ قطعا |
وأنخ راحلة الوجد وقل: | لستِ يا أربعُ تلك الأربعا |
إنما كنت على الدهر حمى ً | لم تجدْ فيك الليالي مطمعا |
بعليم فيك قد أحيا الهدى | ومليكٍ قد مات البدعا |
فالعمى والجورُ عنك افترقا | والجدا والعدل فيك اجتمعا |
بأبِ الرشد إذا ضلَّ الورى | وأخي الجلّى إذا الداعي دعا |
قد لعمري راعك الخطبُ بمن | كان في الخطب الكميَّ الأروعا |
جدَّ ناعيه فقلنا هازلٌ | ليس يدري كنه مَن كان نعى |
هاكِ يا أفعى اليالي كبدي | طارت الأحشاء منها جزعا |
قد بكى الغيثُ أخاه قبلكم | فعمادُ المجد منك أو دعا |
رحل «الصادقُ» منكم «جعفرٌ» | وبه الإسلامُ قسراً فُجعا |
فإلى أين وهل من مذهبٍ | كابدوها غلة ً لن تنقعا؟ |
يا "أبا موسى " أضح لي سامعاً | وبرغمى اليوم أن لا تسمعا |
بل كفاني لوعة ً أنّى أرى | منك أخلى الموتُ هذا الموضعا |
أوما عندك في نادي العُلى | لم تزل تحلو القوافي موقعا؟ |
أين ذاك الوجهُ ما حيَّيته؟ | بطريف المدح إلا التمعا |
أين ذاك الكفُّ تندي كرماً؟ | كلما جفَّ الحيا أو منعا |
فانهشي منها بنابيك معا | |
مات من يثنيك يا نضناضة ً | ترشحين الموت سمَّاً منقعا |
واقشعري أيها الأرضُ بنا | فغمامُ الجود عنا انقشعا |
وطرافَ المجد قوِّض زائلاً | |
عثر الدهرُ فقولا لا لعاً | فخذا باللوم منه أو دعا |
فلقد جاء بها قاصمة ً | خلعت صلبَ العلى فانخلعا |
انتهت كلُ الرزايا عندها | فتعدّى العذلُ والعذر معا |
أدرى أيّ صفاتٍ قرعا | أم درى أيّ قناة ٍ صدعا؟ |
فاستحالت مقلة ُ الدين قذاً | طبنه "المهديُّ" حتى هجعا |
إنما "المهديُّ" فينا آية ٌ | بهر الخالقَ فيما ابتدعا |
لم يزعزع حلمه الخطبُ الذي | لو به يقرع رضوى زعزعا |
ملكَ الأجفانَ لكن قلبُه | والجوى خلف الضلوع اصطرعا |
أيها الحاملُ أعباء العُلى | ناهضاً في ثقلها مضطلعا |
مقتدى الأمَّة أنتم ولهم | بكم دينُ التأسّي شرعاً |
يتداوى برقي أحلامكم | مَن بأفعى رزئه قد لُسعا |
قد نشأتم في بيوتٍ لكم | أذن الله بها أن ترفعا |
لا أرى الفيحاءَ إلا غابة ً | سبعٌ يخلفُ فيها سبعا |
إن مضى عنها "أبو موسى " فها | "بأبي الهادي" إليها رجعا |
من سراجٍ في سراجٍ بدلٌ | انطفى ذاك وهذا سطعا |
ماجدٌ يبسط كفاً لم تزلْ | لمن ارتاد الندى منتجعا |
ذو عُلى ً ما نالها العقلُ ولا | طائرُ الوهم عليها وقعا |
سيّدٌ قال له المجدُ ارتفع | حيث لا تلقى السهى مرتفعا |
وحّد القول له لكنَّه | "بأبي القاسم" ثنّى متبعا |
فجرى في إثره مرتفعا | يركب الجوزاءَ ظهراً طيّعا |
وسنا المجد الذي في وجهه | ذاك في وجه الحسين التمعا |
سادتي عفواً دهتني صدمة ٌ | أفحمت منّي الخطيبَ المصقعا |
لم أخل ينعى لساني جعفراً | وبودِّي قبل ذا لو قطعا |