إن لم أقف حيثُ جيش الموت يزدحمُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
إن لم أقف حيثُ جيش الموت يزدحمُ | فلا مشت بي في العلا قدم |
لا بدَّ أن أتداوى بالقنا فلقد | صبرت حتى فؤادي كله ألم |
عندي من العزم سرٌّ لا أبوحُ به | حتى تبوحَ به الهِنديَّة الخُذم |
لا أرضعت لي العلى ابناً صفو درَّتِها | إن هكذا ظل رمحي وهو منفطم |
إلية بضبا قومي التي حمدت | قدماً مواقعها الهيجاء لا القمم |
لأحلبن لدي الحرب وهي قناً | لبانها من صدور الشوس وهو دم |
مالي أسلم قوماً عندهم ترثي | لاسالمتني يد الأيام إن سلموا |
مَن حامِلٌ لوليّ الأمرِ مألكة ً | تضوى على نفثات كلها ضرم |
يابن لألى يقعدون الموت أن نهضت | بهم لدى الروع في وجه الضبا الهمم |
الخيل عندك ملتها مرابطها | والبيض منها عرى أغمادها السأم |
هذي الخدور ألاعدّاء هاتكة ً | وذي الجباه ألا مشحوذة تسم |
لاتطهر الأرض من رجس العدى أبداً | ما لم يَسِل فوقها سيل الدم العرم |
بحيثُ موضع كلٍّ منهم لك في | دماه تكن فيه تجلى هذه الغمم |
قد آن أن يمطرَ الدنيا وساكِنها | دماً أغر عليه النقع مرتكم |
حران تدمغ هام القوم صاعقة | من كفه وهي السيف الذي علموا |
نهضاً فَمن بظُباكم هامهُ فلقت | ضرباً على الدين فيه اليومَ يحتكم |
وتلك أنفالكم في الغاصبين لكم | مقسومة وبعين الله تقتسم |
جرائم آذتهم أن تعاجلَهم | بالأنتقام فهلا أنت منتقم |
وإنَّ أعجب شيء أن أبثكَّها | كأَنَّ قلبك خالٍ وهو مُحتدم |
ما خلتُ تعقد حتّى تُستثارَ لهم | وأنت أنت وهم فيما جنوه هم |
لم تبق اسيافهم منكم على ابن تقى | فكيف تبقى عليهم لا أبا لهم |
فلا وصفحك إن القوم ما صفحوا | ولا وحلمك إن القوم ما حلموا |
فحمل أمك قدماً أسقطوا حنقاً | وطفل جدك في سهمِ الردى فطموا |
لا صبر أو تضع الهيجاء ما حملت | بطلقة ٍ معها ماءُ المخاضِ دمُ |
هذا المحرّم قد وافتك صارخة ً | ممّا استحلّوا به أيامهُ الحُرم |
يملأنَ سمعكَ من أصوات ناعية ٍ | في مسمع الدهر من إعوالها صمم |
تنعى إليك دماء غاب ناصرها | حتى أُريقت ولم يرفع لكم علم |
مسفوحة ً لم تُجب عند استغاثِها | إلاّ بأدمع ثكلى شفَّها الألم |
حنّت وبين يديها فِتية ٌ شَرِبت | من نحرها نُصبَ عينيها، الضُّبا الخُذم |
مُوسّدين على الرمضاءِ تنظرهم | حرّى القلوب على ورد الردى ازدحموا |
سقياً لثاوينَ لم تَبلل مضاجِعَهم | إلاّ الدماءُ وإلاّ الأدمُعُ السجم |
أفناهُمُ صَبرهم تحت الضُّبا كرماً | حتى قضوا ورداهم ملؤه كرُم |
وخائضين غمار الموت طافحة | أمواجُها البيضُ بالهاماتِ تَلتطم |
مشوا إلى الحرب مشي الضاريات لها | فصارعوا الموت فيها والقنا أجم |
ولا غضاضة يوم الطف أن قتلوا | صبراً بهيجاء لم تثبت لها قدم |
فالحرب تعلم إن ماتوا بها فلقد | ماتت بها منهم الأسياف لا الهمم |
أبكيهم لعوادي الخيل إن ركبت | رؤسها لم تكفكف عزمها اللجم |
وللسيوف إذا الموت الزؤام غدا | في حدها هو والأرواح يختصم |
وحائرات أطار القوم أعينها | رُعباً غداة عليها خِدرَها هَجموا |
كانت بحيث عليها قومها ضربت | سرادقاً أرضه من عزهم حرم |
يكاد من هيبة ٍ أن لا يطوفَ به | حتى الملائكُ لولا أنّهم خَدم |
فغودرت بين أيدي القوم حاسرة ً | تسبى وليس لها من فيه تعتصم |
نعم لوت جيدَها بالعتب هاتِفة ً | بقومِها وحشاها ملؤه ضَرُم |
عجّت بهم مُذ على أبرادها اختلفت | أيدي العدوِّ ولكن مَن لَها بِهم |
نادت ويا بُعدهم عنها مُعاتِبة ً | لهم وياليتهم من عتبها أمم |
قومي الأُلى عُقدت قِدماً مآزرُهم | على الحمية ماضيموا ولا اهتضموا |
عهدي بهم قصر الأعمار شأنهم | لا يهرمون وللهيابة الهرم |
مابالهم لاعفت منهم رسومهم | قروا وقد حملتنا الأنيق الرسم |
ياغادياً بمطايا العزم حملها | هماً تضيق به الأضلاع والحزم |
عرّج على الحيِّ من عمرو العلى وأرح | منهم بحيث اطمأن البأس والكرم |
وحي منهم حماة ليس باتنهم | من لا يرف عليه في الوغى العلم |
المشبعين قرى طير السما ولهم | بمنعة الجار فيهم يشهدُ الحرم |
والهاشمين وكل الناس قد علموا | بأن للضيف أو للسيف ماهشموا |
كماة حرب ترى في كل بادية | قتلى بأسيافهم لم تحوها الرجم |
كأَنَّ كلّ فلاً دارٌ لهم وبها | عيالها الوحش أو أضيافها الرخم |
قِف منهم موقفاً تغلي القلوبُ به | من فورة العتب واسأل ما الذي بهم |
جفت عزائم فهر أم ترى بردت | منها الحمية أم قد ماتت الشيم |
أم لم تجد لذعَ عتبي في حشاشتها | فقد تساقطَ جمراً من فمي الكلم |
أين الشهامة أم أين الحفاظ أما | يأبى لها شرف الأحساب والكرم |
تسبى حرائرها بالطف حاسرة | ولم تكن بغُبار الموت تلتثمُ |
لمن أُعدّت عتاقُ الخيل إن قعدت | عن موقف هتكت نها به الحرم |
فما اعتذارك يافهر ولم تثبي | بالبيض تُثلم أو بالسمر تنحطم |
أجل نساؤكِ قد هزَّتكِ عاتِبة ً | وأنت من رقدة تحت الثرى رمم |
فلتُلفت الجيدَ عَنك اليوم خائبة ً | فما غناؤكِ حالت دونكِ الرجم |