قَدِمْتَ فحيّاك المهيمنُ بندرا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
قَدِمْتَ فحيّاك المهيمنُ بندرا | لترجعَ مسروراً وتمضي مُظفَّرا |
وأقبلتَ بالعيد السعيد مبجّلاً | فهلَّل هذا العيد فيك وكبّرا |
بشهرٍ محيّاك استهلّ هلالهُ | فقُلنا هلالُ العيد لاح مبشّرا |
فلا ليلَ إلاّ فيك أصبحَ مقمراً | ولا صبحَ إلاّ في جبينك أسفرا |
وقلتُ لنفسي والأمانيّ لم تزل | تخيّل لي إمكان ما قد تعذّرا |
عسى أنْ أرى من بعد عيسى وبندر | ببندر ما قد كنت في بندر أرى |
رعيتُ بهم روض المكارم مزهراً | وأُسقِيتُ منهم عارض الجود ممطراً |
وكانوا على روض المجرّة أمّة ً | تفجَّرَ من أيديهم الجود أنهرا |
وتلك ديار أورِثوها منيعة ً | حَمَوْها ببيض تقطر الموت أحمرا |
فكم طائل قد رامهم بخديعة | ولكنّه ما طال إلاَّ وقصّرا |
وكم قائل لي هلْ وجدت نظيرهم | فقلتُ له أين الثريا من الثرى |
ذكرت وما ينساهم القلب ساعة | على أنّني فيهم أذوب تَذَكرا |
زماناً بهم طلق المحيّا ومنزلاً | من العزّ أمسى بالحديد مسوّرا |
تدرّ علينا الخير أخلافها المنى | وكان لنا في الدهر أنْ نتخيّرا |
ألم تنظر الأيام كيف تبدَّلَتْ | بأحوالها والدهر كيف تغيّرا |
وكانتْ أمورٌ ما هنالك بعدها | يكادُ لها الجلمود أنْ يتفطرا |
وقَد كان ذاك المنهل العذب صافياً | بهم قبل هذا اليوم حتى تكدّرا |
وقامت لها ساق على سوق فتنة | تباع بها الأرواح بخساً وتشترى |
إلى أنْ تلافيتَ العشيرة فکرعَوَتْ | وأصبح فيها آمراً ومؤمَّرا |
وأَخْمَدْتَ تلكَ النار بَعدَ وقودها | وقد أوشكتْ لولاك أنْ تتسعّرا |
جمعتهم بعد الشتات وسستهم | وأَقْصَيْتَ منهم من عَصى وتكبّرا |
وما راح يستغني عن الرأي عسكرٌ | وكم دمّر التدبير والرأي عسكرا |
وما كان أقواها لديك قبيلة | لو کنتصرت للبأس نصراً مؤزّرا |
إذا الحرُّ ألفى الضيمَ شرط حياته | رأى الرأي فيها أنْ يموتَ ويقبرا |
لقد فاز من أصبحتَ في الناس شيخهم | ومن كنتَ فيه هادياً ومدبّرا |
دعوتهم للخير إذ ذاك دعوة ً | كشفتَ بها عنهم من الضُرِّ ما عرا |
سلكتَ سبيلَ الأوّلين فلم تَحِدْ | عن الرُّشد أو تُلقى عن الورد مصدرا |
سَعَيْتَ إلى المجد الأثيلِ مُوَفَّقاً | ومن حلَّ بالتوفيق صدراً تصدّرا |