جَدِّدْ اللّذة حتى نتجدَّدْ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
جَدِّدْ اللّذة حتى نتجدَّدْ | واسقنيها في لجين الكأس عسجد |
وخذ اليوم بها لذّتنا | وأعدِها يا نديمي لي في غد |
لو رآه تائبٌ من ذنبه | كلُّ فرد منهم بالفضل مفرد |
نظمت شملهم كأسُ الطلا | فهو كالعقد وكالدر المنضد |
برز الروض بأبهى هيبة | فتهيا للسرور اليوم واعتد |
ولقد جرّد من عمد الدجى | صارم الفجر عياناً فتجدد |
وبقايا غلس أبصرتها | ما تبقّى من دخان العود والغد |
نبّه الورقاء حتى نبّهت | للحيَّما أعيناً للشرب هجد |
أطربتنا الورق في ألحانها | يا فدتها في الغواني أمُّ معبد |
في رياض نضرات أنبتت | ورق الياقوت من قضب الزبرجد |
ولكم عدنا إلى أمثالها | بعد حين فوجدنا العود أحمد |
وشهدنا مشهد الأنس بها | وقعدنا للهوى كل مقعد |
وقضينا عجباً من روضة | شرب الغصن فما للطير عربد |
ومدير الكاس في أرجائها | قمر يبدو وغصن يتأود |
إنَّ أشهى الراح ما تأخذه | من يدي ساق الخدّ أمرد |
خلت ما في يده في خدّه | فسواءٌ بين ما في اليد والخد |
بابليّ الطرف حلويّ اللمى | ليّن الجانب قاسي القلب جلمد |
ألعسٌ مذ بردت ريقته | أورثتنا نار شوق تتوقد |
فشربنا خدّه من يده | واقتطفنا منه غصن الآس والورد |
واتخذناه وإن يأبَ التقى | صنماً لكنه للحسن يعبد |
يبعث الوجد إلى كلّ حشا | لخليٍّ من هواه حيث لا وجد |
قد تبدّى وهو مثل البدر لا رتد | |
جحدت أعينه سفك دمي | وعليه حدُّه في الوجه يشهد |
لست أدري أيّما أمضى شباً | في فؤادي ذلك الطرف أم القد |
إنَّ هاروت وماروت لقد | أخذا عنه حديث السحر مسند |
ليّن الأعطاف حتّى إنّه | كاد من شدة ذاك اللين يعقد |
يا له من مطرب يعجبني | غزلي فيه ومدحي لمحمد |
ذي يدٍ طولى فشكراً ليد | من عريق في المعالي الغر ذي يد |
ضمَّ برداه تقيّاً ماجداً | وجد التقوى مزاداً فتزود |
قد نظرنا جِدَّه أو جَدَّه | فنظرنا بالعلى ما يصنع الجد |
يقتفي آثار آباءٍ له | أثر المجد اقتفى عنهم وقلّد |
وعلى ما عوَّدت آباؤه | عوَّدته من قديم فتعوَّد |
ولكم حلَّ بهم من مشكل | وهم إذا ذاك أهل الحل والعقد |
رفعت آثاره أعلامهم | فبنى بي معاليهم وشيّد |
ماجدٌ يعلو على أقرانه | وقد احتلّ رعان العز والمجد |
ليس يخفى فهمه أو علمه | |
قصدتْ وفّاده إحسانه | قلَّ من يرجى لإحسان ويقصد |
غير بدع إن تحرَّينا له | مكرمات من كريم الأب والجد |
علماءٌ عملوا في عِلْمهم | مهَّدوا الدين من المهد إلى اللحد |
لاح للعالم مثل العلم الفرد | |
فإذا أفسد حالاً زمنٌ | أصلحت ما أقصد الدهر وأفسد |
وأمدَّتني يداه بالندى | وكذاك البحر يوم الجزر والمد |
إذ حللنا نادياً حلّ به | لم نحل إلا بغاب الأسَد الورد |
وإلى ناديه في يوم الندى | أدبٌ يجبى ومال يتبدد |
عارض من فضله ممطرنا | لا كما العارض إنْ أبرقَ أرعد |
لا أزال الله عن أبصارنا | طالعاً منه يزيل النحس بالسعد |
فلك الأيدي على طول المدى | أبداً بيضٌ بجنح الخطب أسود |
فتولَّ من ثنائي مدحة ً | أيُّها المولى فقد لاذ بك العبد |
قد مضى صياماً وتقى ً | فابقَ واسلم دائم العزّ مخلد |
وکهنا بالعيد فقد عاد بما | تشهيه أنت من عزٍّ وسؤدد |
لستُ أدري أؤهَنيكَ به | أمْ أُهني بك في إكرامك الوفد |
وجزاك الله عني خير ما | جُوزيَ المنعِمُ بالشكران والحمد |