دَنِفٌ ذو مِهجة ٍ في الحبّ تَصْدا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
دَنِفٌ ذو مِهجة ٍ في الحبّ تَصْدا | كُلّما زِيدَ ملاماً زاد وَحْدا |
أمطرت أدمعه وبلَ الحيا | وهو يشكو من لظى الأشواق وقدا |
مغرمٌ أخفى الهوى عن عاذل | في الهوى العذري ما أخفى وأبدى |
فتكتْ أعْيُنُها الغيد به | وَرَمَتْه أسهُم الألحاظ عَمْدا |
كيف يسطيعُ اصطباراً وهوَ لا | يجدُ اليوم من الأشواق بدا |
لا تلمني فصابات الهوى | جعلت بيني وبين اللوم سَدّا |
عَبرة أهرقتها من أعين | ألِفَتْ في هجرها الغمض سهدا |
وبما قاسيتُ من حرِّ الجوى | في غرام مدّ سيل الدمع مدا |
أنْحَلَ الحبُّ ذويه فاغتدتْ | من معاناة الضنى عظماً وجلدا |
كُلَّما يقرب منّي عاذلٌ | فَتقبَّلْ ما إليك العبد أهدى |
ربَّ ليلٍ أطبقت ظلماؤه | تحسب الشهب عيوناً فيه رمدا |
وأواري عَبرتي أنْ تتبدى | |
أذكر الأغصان من بان النقا | كلّما أذكر من هيفاء قدا |
ومع السرب الذي مرَّ بنا | رشأٌ يصرع بالألحاظ أسدا |
مَن معيدٌ لي أياماً مضت | كان فيها الغيُّ لو انصفت رشدا |
أهْصِرُ الغصن إذا ما كان قدّاً | وأشمُّ الوردَ إذا ما كان خدّا |
كم أهاج الشوق من وجد بها | كلما جدَّده الذكر استجدا |
وجرى دمعي من الوجد فما | يملك الطرف لجاري الدمع ردا |
خبّراني بعد عرفاتي بها | كيف أقوت دار سعدى بعد سعدى |
أينَ قِطانُك في عهد الصبا | يا مراحاً كان للهو مغدى |
يوم سارت عنك للركب بهم | مشمعلاّت تقدّ السير قدّا |
قد ذكرنا عهدكم من بعدكم | هل ذكرتم بعدنا للودّ عهدا |
ولو أنَّ الوصل مما يشترى | |
وقصارى مُنية الصبِّ بكم | مطلبٌ جدَّ به الوجدُ فأكدى |
فسقاكم وسقى أربُعَكم | من قطار حامل برقاً ورعدا |
وإذا مرّت بكم ريحُ صباً | حملت ريح الصبا شيحاً ورندا |
زارني الطيف فما أشكوى جوى ً | من حشا الصادي ولا نوّل رفدا |
ما عليه لو ترشَّفْتُ لمى ً | مزجت ريقته خراً وشهدا |
نسب التشبيب في الحب إلى | ذلك الحسن فكان الهزل جداً |
وإلى عبد الحميد انتسَبَتْ، | غرر الشعر له شكراً وحمدا |
عالم البصرة قاضيها الذي | لا ترى فيها له في الناس ندا |
قوله الفصل وفي أحكامه | يجحض الباطل والخصم الأدا |
إذ يريك الحقَّ يبدو ظاهراً | لازماً في حكمه لا يتعدى |
أوجب الشكر علينا فضله | فمن الواجد عندي أن يؤدى |
سيّدٌ إحسانه في برّه | لم يزل منه العافين يسدى |
وبأمر الله قاضٍ إنْ قضى | كان أمضى من شفير السيف حدا |
ثابت الجأش شديد ركته | إذ تخر الراسيات الشمّ هدّا |
سيّدٌ من سيّدٍ إذ ينتمي | أكرم الناس أباً فيهم وحدا |
آل بيت لبسوا ثوب التقى | تلبس الفخر نزاراً ومعداً |
هم أغاظوا بالذي يرضونه | زمناً تشقى به الأحرار وغدا |
ذلّلووا الصَّعب وقادوا للعلى | حيث ما انقادت لهم قوداً وجردا |
هل ترى أبعد منه منظراً | أو ترى يومئذٍ أثقب زندا |
باسطٌ أيديه لما خلقت | ديماً ما برحت بالجود تندى |
عدّدا لي نعمة الله به | أنا لا أُحصي له النّعماء عدا |
تركت بالبر حرّ القوم عبدا | |
حبذا البصرة في أيامه | لا أراها الله من علياه فقدا |
وجميل الذكر من أخلاقه | سار في أقطارها غوراً ونجدا |
توأم المجد فريد في الحجى | جامع الفضل براه الله فردا |
بيمين الحقّ سيف صارم | يجعل الباطل في غريبه غمدا |
طالما ألقت إليه كَلِماً | أورثت ما لم يرثه لنثر خلدا |
فترنَّمت بها قافية ً | |
وكفاني صولة الهمّ امرؤ | جاعل بيني وبين الهم سدا |
رغد العيش لمن في ظلِّه | عاش طول الدهر بالأفراح رغدا |
كلّما يلحظني ناظره | عكس الأمر فكان النحس سعدا |
بأبي أفديه من قاضٍ به | صرت في رأفته ممن يفدّى |
إنَّ من أخلص فيكم وُدَّه | مخلص في حبّه الأمجاد ودا |
ناظمٌ فيكم على طول المدى | مدحاً ترفع لي بالفخر مجدا |
فهو مهديها إليكم عبدكم | فتقبَّل ما إليك البعد أهدى |