سؤالك هذا الربعَ أين جوابه؟
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
سؤالك هذا الربعَ أين جوابه؟ | ومن لا يعي للقول كيف خطابُهُ؟ |
وقفتِ وما يغنيكِ في الدار وقفة | سقى الدار غيث مستهل سحابة |
غناؤكِ في تلك المنازل ناظر | بدمع توالى غربُه وانسكابه |
إلى طلل أقوى فلم يك بعدها | بمغنيك شيئاً قربه واجتنابه |
ذكرتِ كأيام الشبيبة عهده | وهل راجع بعد المشيب شبابه |
وقد كان ذاك العيش والغصن ناعم | يروق ويصفو كالرحيق شرابه |
وجدت لقلبي غير ما تجدينه | أسى ً في فؤادي قد أناخ ركابه |
يفض ختام الدمع يا ميَّ حسرة | ذهاب شباب لا يرجّى إيابُه |
ودهرٍ أعاني كل يوم خطوبه | وذلك دأبي يا أميم ودأبه |
مسوقٌ إلى ذي اللب في الناس رزؤه | ووقفٌ على الحر الكريم مصابه |
وحسبك مني صبر أروع ماجد | بمستوطن ضاقت بمثلي رحابه |
يبيتُ نجيَّ الهم في كل ليلة | يطول مع الأيام فيها عتابه |
قضى عجباُ منه الزمان تجلُّداً | وما ينقضي هذا الزمان عجابه |
تزاد عن الماء النمير أسوده | وقد تلغ العذب الفرات كلابه |
ألم يحزن الآبي رؤوس تطامنت | وفاخر رأس القوم فيها ذنابه |
وأعظم بها دهياء وهي عظيمة | إذا اكتنف الضرغامَ بالذل غابه |
متى ينجلي هذا الظلام الذي أرى | ويكشف عن وجه الصباح نقابه |
وتلمع بعد اليأس بارقة المنى | ويصدق من وعد الرجاء كذابه |
ومن لي بدهر لا يزال محاربي | تُفَلُّ مواضيه وتنبو حِرابُهُ |
عقور على شِلوي يعضُ بُنابه | وتعدو علينا بالعوادي ذئابه |
رمته الروامي بالسباب مذمَّة | وما ضرّ في عِرضِ اللئيم سبابُه |
تصفحت إخواني فلم أر فيهمُ | قويماً على نهج الوفاء اصطحابه |
ألإي الناس لا والله من في إخائه | تشدُّ على العظم المهيض عصابه |
يساورني كاس الهموم كأنّما | يمجُّ بها السمَّ الزعاف لعابه |
وأبعد ما حاولت حرّاً دنوُّه | دنوك مما يرتضي واقترابه |
نصيبك منه شهده دون صابه | إذا كان ممزوجاً مع الشهد صابه |
يريك الرضا والدهر غضبان معرض | وترجوه للأمر الذي قد تهابه |
ورأيك ليست في المشارع شرعة | ولا منهل عذب يسوغ شرابه |
وماالناس إلاّ مثلما أنت عارف | فلا تطلبنَّ الشيء عز طلابه |
بَلَوتُ بهم حلوَ الزمان ومرَّه | فسيّان عندي عذبه وعذابه |
كأنّي أرى عبد الغني بأهله | غريب من الأشراف طال اغترابه |
يميّزه عنهم سجايا منوطة | بأروع من زهر النجوم سخابه |
ثمين لئالي العقد حالية به | من الفضل أعناق الحجى ورقابه |
إذا ناب عن صرب الغمام فإنه | إذا لم يصب صوب الغمام منابه |
تألق فانهلّت عزاليه وارتوى | به حزن راجيه وسالت شعابه |
أتعرف إلاّ ذلك القرم آبياً | على الدهر يقسو أو تلينُ صلابه |
تسربل فضفاض الأبوة كلَّها | وزُرَّت على الليث الهصور ثيابه |
ولم ينزل الأرض التي قد تطامنت | ولو أن ذاك الربع مسكاً ترابه |
لقد ضربت فوق الرواسي وطنبتْ | على قُلَل المجد الأثيل قبابه |
فأصبحت الشُّم العرانين دونه | وحلَّق في جوّ الفخار عُقابه |
أبى الله والنفس الأبيّة أن يُرى | بغير المعالي همُّه واكتئابه |
فدانت له الأخطار بعد عتوِّها | وذلّت له من كل خطب صعابه |
ولو شاء كشف الضرّ فرّق جمعه | وما فارق العضب اليماني قرابه |
ومجتهدٍ في كلّ علمِ أبيَّة ٍ | فلا يتعداها لعمري صوابه |
بفكرٍ يرى ما لا يرى فكر غيره | يشقّ جلابيب الظلام شهابه |
مقيم على أنْ لا يزال قطاره | يصوب وهذا صوبه وانصبابه |
وإمّا خلا ذاك الغمام فمقلع | وعمّا قليل يضمحل ضبابه |
وناهيك بالندب الذي إنْ ندبته | كفاك مهمّات الأمور انتدابه |
ذباب حسام البأس جوهر عضبه | وما الصارم الهندي لولا ذبابه؟ |
عليم بما يقني الثناء وعامل | وداعٍ إلى الخيرَ العظيم مجابه |
إذا انتسب الفعل الجميل فإنّما | يكون إلى رب الجميل انتسابه |
هل الفضل والإحسان إلاّ صنيعه | أمْ الحمد والشكران إلاّ اكتسابه؟ |
وإنّي مكتى أخليت من ثروة الغنى | وأغلق من دون المطامع بابه |
بدا لي أن أعشو إلى ضوء ناره | وأصبو إلى ذاك المريع جنابه |
فأصدرني عنه مصادر وارد | من اليمّ زخّار النوال عبابه |
وأصبحُ مرموق السعادة بعدما | خلتْ ثمَّ لا زالت ملاءً وطابه |
إذا ذهب المعروف في كل مذهب | إليك برغم الحادثات مآبه |
فلست تراني ما حييت مؤملاً | سواك ولم يعلق بي النذل عابه |
ولا مستثيباً من دنيٍّ مثوبة ً | حرام على الحرِّ الأبيّ ثوابه |
وغيرك لم أرفع إلى شيم برقه | ولا غرّني في الظامئين سرابه |