عفتْ أرسمٌ من دارِ ميٍّ وأطلالُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
عفتْ أرسمٌ من دارِ ميٍّ وأطلالُ | وحَالَتْ بنا إذْ خَفَّ قاطِنُها الحالُ |
فكمْ أسألُ الدار البوالي رسومها | وهل نافعي من أرسم الدار تسآل؟ |
وقفتُ بها أقضي لها الدَّين بالأسى | وما ينقضي وَجْدٌ عليها وبلبال |
وفي النفس من تلك المنازل لوعة | تهيّجها منّي غدوٌّ وآصال |
وكم هيَّجتْ بي زفرة ٍ | لنيرانها في مضمر القلب إشعال |
وعهدي بذات الضال عذر على الهوى | ألا للهوى العذري ما جمع الضال |
بروحي من كانت حَياتي بقربه | ويقتلني بالهجر والهجر قتال |
ألاحظُ منه البدر في غسق الدجى | يَميسُ به قدٌّ من البان ميّال |
أحبّتنا قد حال بيني وبينكم | خطوبٌ لأحداث الزمان وأهوال |
لئن غبتم عن ناظري وحجبتم | فما غاب منكم عن فؤادي تمثال |
وما سرّني أنّي مقيمٌ ببلدة | وهمّي عليكم في المهامِهِ جوّال |
ألامُ عليكم في الهوى وهوانه | وللصّبّ لوّامٌ وللحبِّ عذال |
سقى الله هاتيكَ الديارَ وأهْلَها | وجُرَّت عليها للغمائم أذيال |
وعهداً مضى فيه الشباب وطيبه | وقَد غالَه من طارق الشيب مغتال |
سأركبها في المهمه القفر مركباً | سَفائَن بَرٍّ لُجُّ أَبْحرِها الآل |
ولستُ مقيماً ما أقمتُ بمنزلٍ | وعيشي أنكادٌ تسوء وأنكال |
وتَصحَبُني في كلّ فجٍ عزيمتي | وأبيضُ هنديٌّ وأسمرُ عسّال |
وما ملكَتْ منّي المطامع مِقْوَداً | لصاحبها في موقف الضيم إذلال |
وما ساءني فقرٌ ولا سرّني غنى ً | بحيثُ کستوى عندي ثراءٌ وإقلال |
ولمْ أدنُ من أشياءَ ممّا تشينني | ولو قطعتْ منّي لذلك أوصال |
وما كان بي والحمد لله خلَّة ٌ | لها بالشريف الباذخ المجد إخلال |
ولستُ أبالي والأبوّة مذهبي | إذا أعرضتْ عنّي مع العلم جهّال |
همُ سابَقوني بالفخار فقصّروا | وهو طالبوني بألإناء فما طالوا |
ولي بعليّ القدر عن غيره غنى ً | إذا عدَّ قول للكرام وأفعال |
من القوم أبناء النُبوَّة ِ والعلى | يُشام لهم في كلِّ بارقة ٍ خال |
سلِ المجدَ عنهم مجملاً ومفصَّلاً | ويغني عن التفصيل إذ ذاك إجمال |
إذا وصفوا بالعلم والحلم والتقى | فبالعلم أعلام وبالحلم أجبال |
قواضٍ على أموالهم بنوالهم | وما نِيلَ هذا الفضل إلاَّ بما نالوا |
عزائِمُهُم شرقاً وغرباً وبأسُهُمْ | قيودٌ بأعناق الرجال وأغلال |
إليك أبا سلمان تسعى ركابنا | وفيها إلى مغناك حلٌّ وترحال |
وتصدر عنك الواردون ظماؤها | عليها من الإنعام والشكر أثقال |
إذا نحن أثنينا عليك فإنّما | لكلِّ نسيجٍ من ثنائك منوال |
يصحُّ رجائي في علاك مريضه | ومن اسمك العالي لقد صدق الفال |
تُبشِّرُ بالنَّعْماء منك بشاشَة ٌ | وعطفٌ على من يرتجيك وإقبال |
تغيثُ بغوثٍ من دعاك لكربه | وللغيث من جدوى يمينك إخجال |
وما زال بي من جود فضلك نعمة ٌ | تسرُّ بها نفسي وينعمُ لي بال |
إذا ما کستقى العافون من يدك النوى | سقاها الأيادي عارضٌ منك هطال |
وفيك أبا سلمان بالناس رأفة ٌ | يُنالُ بها قصدٌ وتُدْرَكُ آمال |
يخبِّرُ عنك الفضل أنَّكَ أهلُهُ | ويشهدُ فيك البأس أنَّك رئبال |
تبلَّجَ صُبحُ الحقّ بالصِّدق ظاهراً | فلا کحتال بعد اليوم بالزُّوِر مُحتال |
أما وجميلٍ من صنيعك سالفٍ | عليَّ به منٌّ وفضلٌ وإفضال |
وآباؤك الغرُّ الميامين إنَّهم | غيوثٌّ إذا جادوا ليوث إذا صالوا |
لقد كذبَ الحسّاد فيما تقوَّلوا | عَلَيَّ وأَيم الله ما قلتُ ما قالوا |
أعيذُك أنْ تُصغي إلى قولِ كاذبٍ | ويثنيك عنّي ذلك القيل والقال |
ألمْ أقضِ عمري في ثنائك كلّه | ولي فيك من غُرِّ المدائح أقوال |
خدمتُك في مدحي ثلاثين حِجَّة ً | وصوبك منهّلٌ وجودك سيّال |
أباهي بك السادات شرفاً ومغرباً | وأَرْفُلُ في بُرد النعيم وأختال |
أنالُ بك الآمال وهي بعيدة | وأَفتَحُ أبواباً عَليهنَّ أقفال |
ولإنّي لأرعى الناس بالشكر ذمّة ً | وما في خلوصي بالمودّة إشكال |
وأَنْتَ الذي ترجى من الناس كلّها | وتُضْرَبُ في نعماك للناس أمثال |
إذا ما القوافي أَقْبَلَتْ بثنائها | عليك فمأمولٌ بها الجاه والمال |
وقافية ٍ تتلى ويحلو نشيدها | وكم تتحلّى في ثنائك معطال |