أرشيف الشعر العربي

يميناً بربِّ النجم والنجم إذ يسري

يميناً بربِّ النجم والنجم إذ يسري

مدة قراءة القصيدة : 5 دقائق .
يميناً بربِّ النجم والنجم إذ يسري ومَن أنزلَ الآيات في مُحكَمِ الذكرِ
لقَد أشرقت بغدادُ مُنذ أتيتُها كم تُشْرِقُ الظلماء من طلعة البدر
فراحَت كما راحَت خميلة ُ روضة ٍ سقتها الغوادي المستهلّ من القطر
وما سرَّها شيءٌ كمقدمك الذي يبدل منها صورة اليسرِ بالعسر
وكم فرح من بعد حزن وراحة من النصب الجاني على العدل بالجور
فلا ذنبَ للأيام من بعد هذه فقدْ جائت الأيام للناس بالعذر
تناءيتَ عنها لا ملالاً ولا قلى ولكن رأيتَ الوصل من ثمر الهجر
وما غِبتَ عنها حين غِبتَ حقيقة وكيف ولم تخرج هنيهة من فكر
رأيت مقاماً لا يرى الفرق عنده من العالم النحير والجاهل الغمر
ولا بد للأشياء من نقدِ عارفٍ يُمَيِّزُ بينَ الصِّفر والذَهَب التّبر
غضبتَ ولا يرضيكَ إلاّ نهوضه إذا رَبَضَ اللَّيثُ الهَصورُ على الضُرِّ
يجرُّ عليها فيك أردية الفخر تَتَبَّعُ آثار الخطوب وتستقري
وأقْلَعْتُ عن دارٍ جديرِ بأنَّها تشينُ أباة الضيَّمْ فيها وإنْ تزري
وما زلت تطوي كلَّ بيداء نفنف وتركبُ منها ظهر شاهقة وعر
وسرتَ إلى مجدٍ وسؤدد فمن منزلٍ عزٍ إلى منزلٍ فخر
إلى الغاية القصوى التي ما وراءها إذا عدَّتِ الغايات مأوى ً لذي حجر
نشرتَ بأرض الرّوم عِلماً طويته بجنبيك حتى ارتاع في ذلك النشر
وسرَّ أميرُ المؤمنين بما رأى ولاحَ وايم الله منشرح الصدر
أشارَ إليك الّدين أنَّك ركنه وقال له الإسلامُ أشددْ به أزري
وما ظنَّت الرُّوم العراق بأنَّه يجرُّ عليهما فيك أردية الفخر
وما شاد قسطنطين ما شدتَ من عُلى ً مؤيَّدة تبقى على أبدِ الدهر
فدتك الأعادي من رفيع محلق كأنَّ يبتغي وصلاً من الأنجم الزهر
كفى الروم فخراً لو دَرَتْ مثلما تدري وهيهات أن تدري وهيهات أن تدري
بما قد حباك الله منه بفضله من الهيبة العظمى ومن شرف النجر
وآيتك الآياتُ جئتَ بما انطوَتْ عليها من الأسرار في السر والجهر
كشفت معمّها وخضت غمارها وأنفَقْتَ في تفسيرها أنفس العمر
وأوضَحْتَ أسرار الكتاب بفطنة ٍ تزيلُ ظلامَ الليل عن غرَّة الفجر
وقفت على إيضاح كلّ عويصة ٍ مواقف لم تُعْرَف لزيد ولا عمرو
وأغنيتُ بالأسفار وهي كوامل ثمانية ً عن ما حوت مائتا سفر
ومَن حاز ما قد حُزْتَ عِلماً فإنَّه غنى ٌّ عن الدنيا مليٌّ من الوفر
إذا احتاجك السلطان تعلم أنَّه بذلك يمتاز المقلُّ من المثري
أرى دولة ً أصبحت من علمائها مؤيدة الأحزاب بالفتح والنصر
أرعْتَ أولي الألباب منها بحكمة بروح أرسطاليس منها على ذعر
قضَتْ عجباً منها العقول بما رأت وما بصرتْ يوماً بمثلك في عصر
برزتَ مع البرهان في كلّ موطن من البحث لا يبقي اللباب مع القشر
فَأفْسَدْتَ للإلحاد أمراً دَحَضْتَه فليسَ له فيها وليٌّ من الأمر
عذوبة ُ لفظ في فصاحة منطقٍ وعينيك لولا حرمة الخمر كالخمر
ورُبَّ بيانٍ في كلامٍ تصوغُه إذا لم يكن سحراً فضربٌ من السحر
وما زالت بالحسّاد حتى تركتها وقد طُوِيَتْ منها الضلوعُ على الجمر
فتكتَ بها فتك الكميّ بسيفه كما يفتك الإيمانُ في مِلّة الكفر
وكنتُ أُمَنِّي النفسَ فيك بأنْ أرى صَديقَك في خير وخصمَك في شر
وما زال قولي قبل هذا وهذه لعلّي أرى الأيامَ باسمة َ الثغر
فللّه عندي نعمة ٌ لا يفي بها بما قد بلغت اليوم حمدي ولا شكري
وما نلتَ مقدار الذي أنت أهلُهُ على عظم ما نَوَّلْت من رفعة القدر
كأنّي بقوم فارقوك فأصبحو ولَوْعتُهم تذكو وعبْرَتُهم تجري
تحنُّ إلى مرآك في كلّ ساعة ٍ فتأسفُ إنْ سافرت عنهم مع السفر
وإنْ سَمَحَتْ منهم بمثلك أنفسٌ فما هي إلاّ أسْمَحُ الناس بالبرّ
وما صبرت عنك النفوس وإنّما يصبّرها تعليلُ عاقبة الصبر
تَغَرَبْتَ عاماً طال كالشهر يومه ويا ربَّ يوم كان أطول من شهر
تكلّفْتَ أمرً للحلاوة بعده ولا تخطب الحسناء إلاّ على مهر
وإنّي بتذكاريك آناً فمثله صريع مدام لا يفيق من السكر
مللتُ الثوى حتى طربت إلى النوى وحتى رأيت الأرض أضيق من شبر
ولو أنّني أسطيعُ عنه تتزحزحاً قذفتُ إليك العيسَ في المهمة القفر
وليس لنفسي عنك في أحدٍ غنى ً وكيف يُرى الظامي غنياً عن البحر
بعثت إلينا بالحياة لأنفسٍ على رَمَقٍ يدعو إلى البعث والنشر
فَضَمَّ إلينا من يعيد حياتنا كما ضُمَّ شطرُ الشيء يوماً إلى شطر
فيا كثرَ ما قد نوَّلتنا يد المنى وعادَتُها الإمساك بالنائل النزر
لتصفو لنا الدنيا فقد طاب عيشنا وضاء محياها بأيامك الغر
أعادَتْ علينا العرف من بعد فقده فلا قابَلَتْنا بعد ذلك بالنكر
نشيرُ إلى هذا الجناب كأنَّنا نشيرُ إلى رؤيا الهلال من الفطر
وما كان يوم العيد بمثله إذا كان في فطر وإنْ كان في نحر
وذلك يومٌ يعلمُ الله أنَّه ليذهَبَ تعبيسُ الحوادث بالبشْرِ
لك الفضل والحسنى قريباً ونائياً وأيدٍ لأيد من أناملها العشرِ
ولو حصدت أيديك فينا حصرتها ولكنها ممّا يجلُّ عن الحَصْر

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (عبد الغفار الأخرس) .

أبا مصطفى إنّا ذكرناك بَيْنَنا

إلى العزّ خوري يا نياقي وأنجدي

شامَ برقاً راعهُ مبتسما

أَبى الله إلاَّ أنْ تُعَزَّ وتُكْرَما

دمتَ بالنيشان والعيد سعيدا


مشكاة أسفل ٢