أَبى الله إلاَّ أنْ تُعَزَّ وتُكْرَما
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَبى الله إلاَّ أنْ تُعَزَّ وتُكْرَما | وإنَّك لم تبرح عزيزاً مكرّما |
تذلّ لك الأبطال وهي عزيزة ٌ | إذا اتخدمت يمناك للبأس مخذما |
ويا ربّ يوم مثل وجهك مشرقاً | لبست به ثوباً من النقع مظلما |
وأبزغت من بيض السيوف أهلَّة ْ | وأطْلَعْتَ من زُرقِ الأسنّة أنجما |
وقد ركِبَتْ أُسْد الشرى في عراصِه | من الخيل عقباناً على الموت حوّما |
ولما رأَيتُ الموتَ قطَّب وجهه | وألفاك منه ضاحكاً مبتسّما |
سَلَبْتَ به الأرواح قهراً وطالما | كسوتَ بقاع الأرض ثوباً معندما |
أرى البصرة الفيحاء لولاك أصْبَحتْ | طلولاً عفتْ بالمفسدين وأرسما |
وقالوا وما في القول لسامع | وإنْ جَدَعَ الصّدقُ الأُنوفَ وأرغما |
حماها سليمان الزهير بسيفه | منيع الحمى لا يستباح له حمى |
تحفّ به من أهلِ نجدٍ عصابة | يرون المنايا لا أباً لك مغنما |
رماهم بعين العزِّ شيخٌ مقدَّمٌ | عليهمْ وما کختاروه إلاّ مقدّما |
بصيرٌ بتدبير الأمور وعارف | عليمٌ فما يحتاج أنْ يتَعَلّما |
أأبناءُ نجدٍ أَنْتُم جمرة الوغى | إذا اضطرمت نار الحروب تضرُّما |
وفي العام ما شيدَّتُموها مبانياً | من المجد يأبى الله أنْ تَتَهدَّما |
وما هي إلاَّ وقعة ٌ طار صيتها | وأَنْجَدَ في شرق البلاد وأَتْهما |
رَفَعْتُم بها شأن المنيب وخضتُمُ | مع النقع بحراً بالصناديد قد طمى |
غداة َ دعاكم أمرهُ فأجبتمُ | على الفور منكم طاعة ً وتكرّما |
وجرَّدكم فيها لعمري صوارماً | إذا وصلتْ جمع العدو تصرّما |
ومن لم يجردّ سيوفاًعلى العدى | نبا سيفه في كفّه وتثلّما |
وإنَّ الذي يختار للحرب غيركم | وقد ظنَّ أنْ يُغنيه عنكم توهما |
كمن راح يختار الضلال على الهدى | وعوِّض عن عين البصيرة بالعمى |
ومن قال تعليلاً لعلّ وربّما | فماذا عسى تغني لعلّ وربما |
عليكم إذا طاش الرجال سكينة | تزلزلُ رضوى أو تبيد يلملما |
ولما لَقِيتُم من أَرعدْتُم لقاءَه | رَمَيْتُم به الأَهوال أبْعَدَ مُرتمى |
صبرتم لها صبر الكرام ضراغماً | وأقتحمتموها المرهفات تقحمّا |
وأوردتموها شرعة َ الموت منهلاً | تذيقُهمُ طعْم المنيّة علقما |
وما خاب راجيكم ليومٍ عصبصبٍ | يريه الردى يوماً من الروع أيوما |
وجرّدَكم لِلضَّرب سيفاً مهنّداً | وهزّكم للطعنِ رمحاً مقوّما |
ومن ظنَّ أنَّ العزَّ في غير بأسكم | وهى عزُّه في زعمه وتندّما |
وما العزّ إلاّ فيكم وعليكم | وما ينتمي إلاّ إليكم إذا انتمى |
إذا ما قعدتم في الأمور وقمتمْ | عليها حُمِدْتُم قاعدين وقوّما |
وما سُمِعت منكم قديماً وحادثاً | رواية من يروي الحديث تَوَهُّما |
وإنْ قلتم قولاً وما انثنى | بكم عزمكم إنْ رام شيئاً وصمّما |
ولما أتاكم بالأمان عدوّكم | وعاهدتموه أنْ يَعُودَ ويَسْلَما |
وفيتم له بالعهد لم تعبأوا بمن | أشارَ إلى الغدر الكمين مجمجما |
ولو مدّ من نأيته عنكم يداً | لعاد بحد السيف أجْدَعَ أجْذما |
وفيما مضى يا قوم أكبر عبرة | ومن حقِّه إذ ذاك أنْ يترسَّما |
أَيَحْسَبُ أنَّ الحال تُكْتَمُ دُونكم | وهيهات أَنَّ الأَمْرَ قد كان مبهما |
فأَظْهَرَ مستوراً وأَبْرَزَ خافياً | وأَغَرَب عمّا في الضمير وتَرْجَما |
أَمُتَّخِذَ البيض الصوارم للعلى | طريقاً وسمر الخطّ للمجد سلّما |
نصرت بها هذا المنيب تَفَضّلاً | وأَجْريْتَ ما أَجْرَيْتَ منك تكرما |
على غلمة في الناس لله درُّه | تصرّف فيها همّة وتقدّما |
تأثَّل في أبطاله ورجاله | فلم يُغنِ سِحْرٌ غاب عنه مكتما |
وقلَّبها ظهراً لبطن فلم يجد | نظيرك من قاد الخميس العرموما |
هنالك وَلى الأَمْر من كان أهْلَه | فبخل في كل النفوس وعظما |
وطال على تلك البغاة ببأْسِه | وحكّم فيهم سيفه فتحكما |
وقد يدركُ الباغي النجاة إذا مضى | ولكن رأى التسليم للأَمْر أسْلَما |
وما سبق الوالي المنيب بمثلها | وفاق ولاة الأمر ممن تقدَّما |
سليمان ما أبقيت في القوس منزعاً | ولا تركت يمناك للبذل درهما |
كشفت دجاها بالصوارم والقنا | وقد كان يلفى حالك اللون أسحما |
فأصبحت في تاج الفخار متوَّجاً | وفي عمَّة المجد الأئيل معمّما |
إليك أبا داود نزجي ركائباً | ضوامرَ قد غودرن جلداً وأعظما |
رمتنا فكنّا بالسرى عن قسيها | وقد بريت من شدة السير أسهما |
فأكرمتَ مثوانا ولم تر أعينٌ | من الناس أندى منك كفاً وأكرما |
لأحظى إذا شاهدت وجهك بالمنى | وأشكر من نعماك الله أنعما |
وأُهدي إلى علياك ما أستَقِلُّه | ولو أنَّني أهديتُ درّاً منظما |
فحبُّك في قلبي وذكرك في فمي | ألذُّ منالماء الزلال على الظَّما |