نزلوا بحيثُ السَّفحُ من نعمانِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
نزلوا بحيثُ السَّفحُ من نعمانِ | حَيْثُ الهوى وملاعبُ الغِزلانِ |
هامَ الفؤاد بهم وزادَ صبابة ً | يا شدَّ ما يلقى من الهيمان |
يا ليتَهم علموا على بُعدِ النوى | ماذا ألاقي بعدهم وأعاين |
كيفَ السلوُّ ولي فؤادٌ مغرمٌ | في مَعزِلٍ مني عن السُّلوان |
أصبوا إلى وادي العقيق وأدفعي | لشبيهة ٌ وأبيك بالعقيان |
وبمهجتي نارٌ تشبُّ من الجوى | إنّ الجوى لمهيّجُ النيران |
لا تكثرا عذلي فإنَّ مسامعي | صُمَّت عن اللاّحي إذا يلحاني |
يا صاحبيّ ترفّقا إنّي أرى | فيما أعاني غيرَ ما تريان |
هذا الفؤادُ وهذه أُعلاقُه | ضاق الغرام به عن الكتمان |
فَعَلَ کدِّكاري بي لأيام مَضَتْ | ما تفعل الصهباءُ بالنشوان |
أيامَ كنتُ لهوتُ في زمن الصبا | وطرِبْتُ بين مَثالِثٍ ومثاني |
أَيامَ نادَمْتُ البدور طوالعاً | والشمسُ تشرق من بروج دنان |
راحٌ إذا علَّ النديمُ بكاسها | ما للهموم عليه من سلطان |
بَرَزَتْ لنا منها السُّقاة بقَرقَفٍ | قد كُلِّلت بالدُّرِ والمرجان |
ويُديرها أحوى أغنَّ إذا رنا | سحرَ العقول بناظر وسنان |
ومُهَفْهَفِ الأعطافِ خِلْتُ قِوامَه | من خَوْط بانٍ يا له من بان |
في روضة ٍ تزهو بمنهلِّ الحيا | بتنوُّع الأشكال والألوان |
وتأَرَّجَتْ فيها بأنفاس الصِّبا | زهر الرُّبا بالرَّوْح والرَّيحان |
تترنَّم الأوتار في نغماتها | من غيرِ ألفاظٍ أَتَتْ لمعاني |
فكأنَّما تلك القيانُ حمائمُ | تُملي عليك غرائب الألحان |
زمنَ الشبيبة مُذْ فَقَدْتُك لم أجِدْ | لِلّهو عندي والهوى بمكان |
فارقتُ مذ فارقتُ عَصْرَكَ أوجهاً | طلعتْ علينا كالبدور حسانِ |
تسطو على العشّاق من لحظاتها | بصوارمٍ مشحوذة وسِنان |
وصحوتُ من شكر الشباب وغيهِ | وأرحتُ من قد لامني ولحاني |
وعرفتُ إذ حلَّ المشيبُ بعارضي | أنَّ الهوى سببٌ لكلّ هوان |
كانَ النسيبُ شقيقَ روحي والهوى | في مهجتي وقراره بجناني |
فهجرته هجرَ الخليلِ خليله | من بعدِ ما قد حلَّني وجفائي |
وأَخَذْتُ أُنْشِدُ في الثناء قصائدي | بالسيّد السَنَد العظِيم الشان |
قَلَّدْتُه غُرَرَ الثناء قلائداً | ما لم تكَنْ لقلائد العقيان |
أشفي الصُّدورَ بمدحه، ومديحه | كالماء ينقعُ غلَّة الظمآن |
إنَّ المناقبَ والمعاليَ كلَّها | بِعَليّ هذا العالم الإنساني |
وإذا تعرَّضنا لجود يمينه | عرضتْ لنا بالعارض الهتّان |
شملتْ مكارمه العفاة فلم تجد | غلاّ غريقاً منه بالإحسان |
مُتَفَرِّدٌ بالمجدِ واحدُ عصرِهِ | ما في الرجالِ لمجدِهِ من ثان |
إنْ عُدَّتِ الأعيان من ساداتها | أبْصَرتْ عينَ أولئك الأعيان |
هذا النقيب الهاشميُّ ويا لَه | إنسانُ عين العِزّ من إنسان |
هذا عليُّ القَدْرِ وکبنُ علائِه | المنتمي شَرَفاً إلى عدنان |
كم شنَّفَتْ أذناً مناقبُه التي | تُلِيَتْ محاسِنُها بكلّ لسان |
وإذا شَهِدْتَ جمالَه وجلالَه | أَبْصَرْتَ ما لا تسمع الأُذُنان |
لو يدَّعي فيه الفخارُ مُفاخِرٌ | ما احتاج يومئذٍ إلى برهان |
حازوا الرئاسة والسيادة والعلى | أبناء عبد القادر الكيلاني |
شيخُ الطريقة والحقيقة مقتدى | أهل التقى والدين والعرفان |
مَن أوتيَ الحِكَمَ التي قد أَعْجَزَتْ | لقمانَ عمّا جاء عن لقمان |
كشفتِ له الأسرار وهي غوامضٌ | دَقَّتْ على الأفكار والأذهان |
غوثُ الصَّريخ المستجير ببابه | لا مُعرَضٌ عنهُ ولا متواني |
مذْ فاز حيّاً في كرامة ربّه | ومن الكرامة فاز بالرضوان |
ومن المواهب لا يزالُ مريده | يعطي مزيد الأمن والايمان |
من زارَ مرقَده الشريفَ أَمدَّه | بالرّوح من إمداده الروحاني |
لا يستطيع الملحدون بزعمهم | إنكارَ ما شهدتْ به الثقلان |
وإذا الفتى شَمِلَتْه منه عناية | أَغْنَتْ عن الأنصار والأعوان |
هو قطب دائرة يدور مدارها | أبد الزمان ومنتهى الدَوَران |
بعوارفٍ ومعارفٍ ولطائفٍ | تُجلى القلوب بها من الأدران |
مولاي أنتَ وأنتَ غاية ُ مطلبي | وإليك منتَجعي وعنك بياني |
قد حُزْتَ من شهر الصيام ثوابَه | وغنمت فيه الأجر من رمضان |
فَليَهْنَكَ العيدُ السَّعيدُ بعوْدِهِ | وکسلم ودُم فينا أبا سلمان |