سقانيها معتَّقَة ً عقاراً
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
سقانيها معتَّقَة ً عقاراً | وقد ألْقَتْ يد الفجر الإزارا |
ودار بها مشعشعة علينا | فدار الأنسُ فينا حيث دارا |
إذا ما زفَّها الساقي بَليْلٍ | أعاد الليل حينئذ نهارا |
تشق حشاشة الظلماء كأسٌ | كما أوقدتَ في الظلماء نارا |
جلاها في الكؤوس لنا عروساً | وقد جعل الجمان لها نثارا |
يتوّجها الحباب بتاج كسرى | إذا مزجت ويلبسها سوارا |
فقبل المزج تحسبها عقيقاً | وبعد المزج تحسبها نضارا |
جلاها فانجلت عنّا هموم | وفرت كلّما جُلِبَتْ فرارا |
فأدركت الندامى بالحمّيا | من الهمّ الذي في القلب ثارا |
وكم من لذة ٍ بكميتِ راح | أغرناها فأبعدنا المفارا |
ويعذرني الشباب على التصابي | بصبوة مغرم خلع العذارا |
وما أهنا المدام بكف ساق | كمثل البدر أشرق وکستنارا |
بروحي ذلك الرشأ المفدّى | وإنْ ألفَ التجنّب والنفارا |
وأين الضبي من لفتات أحوى | يضاهيه التفاتاً واحورارا |
رنا فأصابَ بالألحاظ منا | فؤاداً بالصبابة مستطارا |
مليحٌ ما تصبّر في هواه | محبٌّ لم يجد عنه اصطبارا |
وما أنسى غداة الشَّرب أمست | بناظره وريقته سكارى |
أَلا يا ممرضي بسقام طرف | أصاب من الحشا جرحاً جبارا |
فؤادى مثل طرفك بانكسارٍ | فكلٌّ يشتكي منك کنكسارا |
غرامي في هواك بلا کختياري | وما كان الهوى إلاّ اضطرارا |
مضى وتصرَّمَتْ تلك التّصابي | فإنّ عاد الصبا عاد ادّكارا |
فوا لهفي على أوقات لهو | قضيناها وإنْ كانت قصارا |
تركت الشعر لما ألبستني | من الأكدار أيامي شعارا |
ولولا مدح مولانا عليّ | لما جُدْتُ النظام ولا النثارا |
أجلّ السادة الأشراف قدراً | وأرفعهم وأطيبهم نجارا |
وأرأفهم على الملهوف قلباً | وأسرعهم إلى الحسنى بدارا |
جواد في الأكارم لا يبارى | وبحر في المكارم لا يجارى |
إذا نظر الكبار إلى علاه | رأت في المجد أنفسها صغارا |
وقد سَبق الأعالي في المعالي | فما لحقت له فيها غبارا |
وساجله السحاب فكان أندى | يداً منها وأعظمها قطارا |
وكم عام منعنا القطر فيه | فأمطرنا لجيناً أو نضارا |
وكم شاهدت في الأيام عسراً | ولذت به فشاهدت اليسارا |
لنا في فضله غرس الأماني | جَنَيْناها بدولته ثمارا |
وكم أكرومة ٍ عذراءَ بكرٍ | يجيىء ُ بها إلى الناس ابتكارا |
يُهينُ أَعزَّ ما ملكت يداه | بوافر نيله ويعزّ جارا |
أَلَسْتُم في الحقيقة آل بيت | عَلَوْا جُوداً وفضلاً واقتدارا |
عليكم تنزل الآيات قدماً | فحسبكمُ بذالكمُ افتخارا |
أقمتم ركن هذا الدين فيها | وأوضحتم لطالبه المنارا |
جزيتم عن جميع الناس حيراً | وما زلتم من الناس الخيارا |
بنفسي منك قرماً هاشمياً | يجير من الخطوب من کستجارا |
تَقُدّ حوادث الأيام قَدّاً | فأنت السيف بل أمضى شفارا |
بسرّ نداك قام الشعر فينا | فأثنينا عليك به جهارا |
نقلّدُ من مناقبك القوافي | بأحسن ما تَقَلَّدَتِ العذارى |
لبست من الثناء عليك حلياً | لعمرك لن يباع ولن يعارا |
يضوع شميمه في كل نادٍ | كما نشرت صبا نجدٍ عرارا |
فلا زالت لك الأيام عيداً | ولا شاهدت في الدنيا بوارا |