عادَ المتَّيم في غرامكَ داؤهُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
عادَ المتَّيم في غرامكَ داؤهُ | أهُوَ السليمُ تَعودُهُ آناؤهُ |
فتأججت زفراته وتاهَّبتْ | جمراتهُ وتوقّدت رمضاؤه |
حسبُ المتَّيم وجدهُ وغرامه | وكفاه ما فعلت به برحاؤه |
بالله أيّتها الحمائم غرّدي | ولطالما أشجى المشوقَ غناؤه |
نوحي تجاوبك الجوانح أنة ً | وتظلّ تندب خاطري ورقاؤه |
هيهات ما صدق الغرام على امرىء | حتى تذوب من الجوى أحشاؤه |
إن كان يبكي الصبّ لا من لوعة | أخذت بمهجته فممَّ بكاؤه |
بترقرق العبرات وهي مذالة | سرٌّ يضرّ بحاله إفشاؤه |
لا تذهبنّ بك المذاهب غرة | آرام ذياك الحمى وظباؤه |
وبمهجتي من لحظ أحور فاتنٍ | مرض يعزّ على الطبيب شفاؤه |
هل يهتدي هذا الطبيب لعلتي | إن الغرامَ كثيرة أدواؤه |
والليل يعلم ما أجَنَّ ضميره | من لوعتي وتضمَّنَتْ أرجاؤه |
ما زلت أكتحل السواد بهجركم | أرقاً ويطرف ناظري أقذاؤه |
حتى يشق الصبح أردية الدجى | وتحيل صبغة ليله ظلماؤه |
زعم العذول بأنّ همي همّه | ومن البلية همّهُ وعناؤه |
يدعوة الفؤاد إلى السلو ودونه | للشوق داع لا يرد دعاؤه |
لا يطمئن بيَ الملام فما له | منّي سوى ما خاب فيه رجاؤه |
حكم الغرام على ذويه قضى | ومضى عليهم حكمه وقضاؤه |
يا رحمة للمغرمين وإنْ تكنْ | قتلى هواك فإنهم شهداؤه |
ما كان داء الحب إلاّ نظرة ً | هي في الصبابة داؤه ودواؤه |
في الحيّ بعد الظاعنين لما به | مَيْتٌ بكته لرحمة أحياؤه |
أحبابه النائين عنه أأنتم | أحبابه الأدنون أم أعداؤه |
حفظ الوداد فما ضيّعتموا | ووفى بعهدكم فدام وفاؤه |
وجزيتموه على الوفاء قطيعة | أكذا من الإنصاف كان جزاؤه |
ما شرع دين الحب شرعة هاجر | صدق الخلوص لودّه شحناوه |
خاصمت أيامي بكم فرغمتها | والحرُّ أوغادُ الورى خصماؤه |
سفهاً لرأي الدهر يحسب أنّني | ممن يراع إذا دهت دهياؤه |
ألقى قطوب خطوبه متبسماً | وسواي يرهب في الخطوب لقاؤه |
إني ليعجبني ترفُّعُ همَّتي | ويروق وجهي صونه وحياؤه |
لا تعجبنَّ من الزمان وأهلِهِ | هذا الزمان وهذه أنباؤه |
ليس المهذب من تطيش بلبّهِ | نعماؤه يوماً ولا بأساؤه |
تمضي حوادثه فلا ضرَّاؤه | تبقى على أحد ولا سراؤه |
لا بد من يوم يسرّ به الفتى | وتزول عن ذي غمة غماؤه |
ولربما صدئ الحسام وناله | قين فعاد مضاؤه وجلاؤه |
أوَ ما تراني كيف كنت وكان لي | من كان أفخر حليتي نعماؤه |
عبد الغني أبو جميل وابنه | وكذا بنوه وهكذا آباؤه |
نسب أضاء به الوجود وأشرقت | في مشمخر علائه أضواؤه |
جعل الاله لنا نصيباً وافراً | من إسمه فتقدستْ أسماؤه |
هذا القريب من العُفاة عطاؤه | هذا الرحيب بمن ألمَّ فناؤه |
ضربت على قلل الفخار قبابه | وبدا لمشتطِّ الديار سناؤه |
إن كان يُعرَف نائلٌ فنواله | أو كان يعلمُ باذخ فعلاؤه |
شيخ إذا الملهوف أمَّ بحاجة | في بابه نشطت لها أعضاؤه |
يفدي النزيل بما له وبنفسه | نفسي ونفس العالمين فداؤه |
متنِّمرٌ إن سيم ضيماً أدميت | منه الرائن واستشاط إباؤه |
فيه من الضرغام شدة بطشه | ومن المهنَّد بأسه ومضاؤه |
يا قلب كيف علقت في أشراكهم | وأحاط بالبحر المحيط رداؤه |
حدِّث ولا حرجٌ ولست ببالغ | ما تستحق لها به آلاؤه |
بهر العقول جميله وجمالُه | وجلاله وكماله وبهاؤه |
هذي معاليه فما نظراؤه | غير النجوم على ً ولا أكفاؤه |
تالله لم تظفر يداه بثروة | إلاّ ليفتك جوده وسخاؤه |
راحت ذوو الحاجات يقتسمونها | فكأنهم في ماله شركاؤه |
وجدانه فقد الثراء لنفسه | ولغيره أبداً يكون ثراؤه |
يمسي ويصبح بالجميل ولم يزل | يثني عليه صبحه ومساؤه |
لله منبلج السَّنا عن غرَّة ٍ | لا الصبح منبلجاً ولا أضواؤه |
لو تنزل الآيات في أيامه | أثنى عليه الله جل ثناؤه |
لا بدلَ الله الزمانَ بغيره | حتى تُبدَّلُ أرضهُ وسماؤه |
ما في الزمان وأهلِهِ مثلٌ له | إذ لم تكن كرماءَه لؤماؤه |
وَقْفٌ على الصنع الجميل جنابه | فكأنَّما هو لو نظرت غذاؤه |
وطعامه وشرابه وسماعه | ومرامه ورجاؤه وصفاؤه |
ولربما لمعت بوارق غيثه | فانهلّ عارضه وأهرق ماؤه |
ولقد تجود بكل نَوْءٍ مُزْنُهُ | جود السحاب تتابعت أنواؤه |
إني أؤمل أن أكون بفضله | ممن يؤمَّل فضله وعطاؤه |
بيتُ المروءة والأبوة والندى | ومحلَّه ومكانه ووعاؤه |
سبحان من خلق المكارم كلَّها | في ذلك البيت الرفيع بناؤه |
أصبحت روض الحزن من سقيا الحيا | راقت محاسنه وراق هواؤه |
يسري إليه نسيم أرواح الصبا | فتضوع في نفحاتها أرجاؤه |
يمري عليها الريّ كل عشية | وتجودها من صيّب أنداؤه |
عهد الربيع بفصله وبفضله | أبداً يمر خريفه وشتاؤه |
ما زال يوليني الجميل تكرماً | مولى ً عليَّ من الفروض ولاؤه |
وكأنما اصطبح المدامة شاعر | بمديحه فقريضه صهباؤه |
فالله يبقي المكرمات وها هما | متلازمان بقاؤها وبقاؤه |