متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ | ويَقْضي لباناتِه مُغرَمُ؟ |
ويحظى بمطلبهِ آملٌ | بأَحشائه لوعة ٌ تُضْرَم |
لقد قوَّضَ الركب يوم الخليط | فأنجدَ في قلبي المتْهِمُ |
وروَّعني ضيفُ طيفٍ سرى | يُراعُ به كبدٌ مؤلم |
خليليَّ هلْ وقفة في الديار | يسِحّ بها المدمَع المُسَجم؟ |
فإنّا وقفنا عليها ضحى ً | وكلٌّ من الركب مستغرم |
وأفشى بسرّي دمع العيون | وسر الصبابة لا يكتم |
فأَتْرُكُ خوف الوشاة البكا | وقد يترك المرءُ ما يلزم |
إذا ما نسينا عهودَ الغوير | تذكّرنا عهدها الأرسمُ |
فيا حبذا يومُنا بالعقيق | مضى وکنقضى يومُها الألْوَم |
بحيث تلوح شموس الطلا | ولون الدجى فاحمٌ أسحم |
إلى أنْ تبّدى كَميتُ الصباح | وأدبرَ من ليلنا الأدهمُ |
تصرَّمَ عهدُ النّقا بالنوى | فما للتصبُّر لا يصرم |
أتنكر قتلي، غزالَ الصَّريم | ويشهدُ لي خدُّك العندم؟ |
ففيمَ أرقتَ دمي عامداً | وحلَّلت في الحبّ ما يحرم؟ |
حكمتَ عليّ بأمر الغرام | وإنّي لحكمك مستسلم |
وقلتُ لمن لامني في هواك | جَهِلتَ ثكلتك ما أعلم |
وأرّقَني في الدجى بارقٌ | كما استلَّ من غمده مخذم |
وشوّقَني لظِباءِ الحمى | فأَسْقَمَني والهوى يُسْقِم |
عجبتُ وكيف وهنَّ الظباء | يُصاد بأجفانها الضّيغمُ |
ويسلمُ من مرهفات السيوف | ومن لحظهنّ فلا يَسْلَم |
ومن مثلهنَّ أخاف الصّدام | ويصدم مثلي ولا يصدم |
هَوَيتكمُ يا أُهيل الحَطيم | وهذا الهوى كلُّه منكم |
قضيتم على صبّكم بالعباد | وإنَّ قضاءَ النوى مبرم |
فلم يصفُ لي بعدكم مشربٌ | ولا لذَّ لي بعدكم مطعم |
وأصبرُ في مُعضَلات الخطوب | وصبر الفتى للفتى أسلم |
وعرضي نقيٌّ وأنفي حميٌّ | وبأسي كعزميَ لا يُثلم |
ولولا مكارم مفتي العراق | وما غيره المكرمُ المنعم |
لما کعتذر الدهرُ من ذنبه | ولا استغفر الزمنُ المجرم |
مناقبُ محمود محمودة ٌ | وفوق جباه العلى تُرقَم |
رقيق الحواشي كريم الطباع | فهذا هو الأكرم الأشيم |
يُنبّيء عن خَلقِه خُلقُه | ويؤذنُ في سيبه المبسمُ |
فمنْ أمَّل الفضل من كفّه | وُجودَ أياديه لا يحرم |
لأيديهِ في كلّ عنقٍ يدٌ | ومنها أفضيت لنا أنعم |
ببأسك أقسِم لا حانثاً | وفي غير بأسك لا أقسم |
لأنتَ الفريدُ بهذا الزمان | ومنهجُك المنهجُ الأقوم |
وأنتَ الفخارُ ومنك الفخارُ | بمثلك فلْيَفْتَخر آدم |
بنيتَ بنفسك بيتَ العلى | إلى أبد الدهر لا يُهدمُ |
فَهِمْتَ الرموز من المشكلات | وغيرُك من ذا الذي يفهم |
كشفتَ غوامض إشكالها | وفي كشْفكَ اتّضح المبهَمُ |
وإنَّ لك الحُجَجَ البالغاتِ | يقرُّ بها المؤمنُ المسلم |
جوابُك يا سيّدي مُسكِتٌ | ونُصْحُكَ يا سيّدي مُفحِمُ |
يمرُّ بسَخْطك حلوُ المذاق | ويحلو بنائِلك العلقم |
إذا ما كتبتَ فإنَّ اليراع | بأنملكَ السيفُ واللهذم |
ونثرُك يُزري بعِقْد الجمان | قدرّ المعاني بها تنظم |
قليلٌ بحقّك ما نِلتَه | وقَدرُك أكبر بل أعظم |
نَشَرْتُ بحقّك طيَّ المديح | وفي مدحك الدين والدرهم |
لأنّي بحضرتك المستجير | وإنّي بحبلك مستعصم |
وفيك أَسُرُّ الوليَّ الحميمَ | وفيكَ أُنُوفَ العِدى أُرغم |
أهنِّيكَ بالعيد يا عيدَنا | فأنتَ الهناءُ لنا والأعظم |
بفَضْلِك رَغماً يُقِرُّ الحسُود | وينطقُ في مدحكَ الأبكم |
أَجِزني رضاك فثَمَّ الغنى | لأنَّ رضاك هو المغنم |