طَرَقَتْ أسماءُ في جُنْح الظلام
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
طَرَقَتْ أسماءُ في جُنْح الظلام | مرحباً بالغصنِ والبدر التَّمامِ |
وتحرَّتْ فرصة ً تمكنها | حذر الواشي فزارت في المقام |
بتُّ منها والهوى يَجْمَعُنا | بکعتناق وکلتثام وکلتزام |
مستفيداً رشفاتٍ من فمٍ | لم تكن توجد إلاّ في المنام |
حبّذا طيفُ حبيبٍ زارني | والضيا يعثر في ذيل الظلام |
بات حتى كَشَفَ الفجرُ الدّجى | وبدا الصُّبحُ لنا بادي اللثام |
ونَظَرْنا فرأَيْنا كَرَّة ً | لبني سامٍ على أبناء حام |
يصرَعُ الزقَّ ويُدمي نَحْرَه | ويروِّيني بجام بعد جام |
بات يهدي بارد الريق إلى | كبدٍ حرّى وقلب مستهام |
بابليّ اللحظ معسول اللمى | ليَّن الأعطاف ممشوق القوام |
وترشفت سذى ً من مرشف | عنبريّ الطيب مسكيّ الختام |
أنا بالسَّفح وما ادراك ما | كان بالسفح وفي تلك الخيام |
زَمَنٌ مَرَّ لنا في ظلِّه | يَرْقُصُ البان لتغريد الحمام |
والندامى مثل أزهار الرُّبا | يجتنى من لفظها زهرُ الكلام |
والظِّباء العُفْرُ من آرامها | ما بعينها بجسمي من سقام |
سنحتْ أسرابها قانصة ً | ورماني من ظباء الغيد رام |
طاعنات بقدود من قَناً | راميات من لحاظٍ بسهام |
حَدَّثَ الرّكبُ وَهَلْ يخفى الهوى | عن ولوعي بالتصابي وغرامي |
حين ألفاني وألفى مهجتي | في ضِرامٍ ودموعي بکنسجام |
يا خليليّ کكُففا لَوْمَكُما | وکذهبا عنّي ومّرا بسلام |
فلقد أعطيتُ من دونكما | طاعة َ الحب وعصيانَ الملام |
أينَ حيٌّ بالفضا نعهده | صدعوا بعد التئام والتيام |
لا جزى الله بخير أينقاً | قذفتها بالنوى أيدي المرامي |
كلَّما أَسْمَعَهَا الحادي الحدا | أَجْفَلَتْ بالسَّير إجفال النعام |
ذهبت يا سعد أيامُ الصبا | ومَضَتْ بعدَ وِصال بکنصرام |
وصحا من سَكرة ٍ ذو نشوة | لا يسوغ الماءَ إلاّ بالمدام |
لا أَذُمُّ الشَّيْبَ ينهاني به | ورَعي حين بدا عن كلّ ذام |
وبمدحي واليَ البصرة قد | راق بالصِّدق نثاري ونظامي |
وثناءً طيّباً ننشره | بالمنيب العادل القرم الهمام |
ألبسَ الناس وقاراً حكمهُ | فهي في أبهى وقار واحتشام |
ما رآى البصرة َ من إنصافه | إذ أتاها غيرَ أطلال رمام |
فسعى بالجهد في تعميرها | سَعْيَ من يَبْلُغُ غايات المرام |
لا تشيمُ البرقَ منه خلباً | لا ولا تسأل وبلاً من جهام |
فعسى أنْ يُنجِزَ الله به | عدة َ اللُّطف لخاص ولعام |
فرع سادات المعالي في العلى | علويُّ الأصل علويُّ المقام |
كَرُمَتْ أعراقُه في ذاتها | وكرامُ الناس أبناءُ الكرام |
من أناسٍ خلقوا مذْ خلقوا | سادة َ الدنيا وأشراف الأنام |
تنقضي أيّامه موصولة ً | بصِلاتٍ وصَلاة ٍ وصيام |
وإذا ما کضطرمت نارُ وغى ً | يصطفي منها أشدَّ الاضطرام |
وإذا کستلَّ ظُباً أغْمدها | ثمَّ في قمّة مقدام وهام |
وعلى مِنْبرِ هامات العدى | خطبت بالحتف والموت الزؤام |
بطل يفتك في آرائه | غيرما يفتك في حدّ الحسام |
كم وكم أَدْمَتْ بقومٍ مهجة ً | هذه أقلامه السمر الدوامي |
ما جرت إلاّ بمجرى قدر | بحياة ٍ لأناسٍ وحِمام |
كم له من كلماتٍ في النهى | نبّهت للرشد أبصار النيام |
قرّت البصرة عيناً بالذي | حلّ بالبصرة بالشهر الحرام |
كلّ دارٍ حلّ فيها ابتهجت | وحلتْ حينئذٍ دار السلام |
فسقاها من نداهُ عارضٌ | مستطيرُ البرق منهلُّ الركام |
وحماها بمواضيه ولا | خيرَ بالملك يُرى من غير حام |
أصبحتْ آثر أيديه بها | مثلما تصبحُ آثار الغمام |
حَسُنَتْ أحوالها وانتظمَتْ | لو تراها بعد هذا الانتظام |
رَدَّ بالسيف بغاة ٍ جَمَحَتْ | ردَّك المهرَ جموحاً باللجام |
وقضى بالعدل فيما بينها | فمضت في غيّها لدُّ الخصام |
واليد الطولى له من قبلها | أخذتْ من كلّ آب بزمام |
عِمْ صباحاً أيُّها المولى ودُمْ | وابق واسلم والياً في كل عام |