بِوَخْزِ القنا والمرهفاتِ البواترِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
بِوَخْزِ القنا والمرهفاتِ البواترِ | بلوغُ المعالي واقتناء المفاخر |
وإنّ الفتى من لا يزال بنفسه | يخوض غمار الموت غير محاذر |
يشيد له ما عاش مجداً مؤثلاً | ويبقي له في الفخر ذكراً لذاكر |
إذا كنتَ مِمَّنْ عظّم الله شأنه | فثمِّر ألى الأمر العظيم وبادر |
وإنّي امرؤ يأبى الهوان فلم يَدِن | إلى حكم دهر يا أميمة جائر |
مضت مثل ماضي الشفرتين عزيمتي | وحلَّق في جوّ الأُبوّة طائري |
لئن أنكر الغمر الحسود فضائلي | وأصبحَ بالمعروف أوَّلَ كافر |
فتلك برغم الحاسدين شواردي | يسير بها الساري وتلك نوادري |
فما عرفتْ منّي مدى الدهر ريبة ٌ | ولا مَرَّ ما راب الرجال بخاطري |
وما زلت مذ شَدَّتْ يدي عَقْد مئزري | بعيدَ مناط الهمّ عفَّ المآزر |
صفوتُ فلم أكدر على من يودّني | ولا يتقي من قد صحبتُ بوادري |
وكم مشمخر أنفُه بغروره | يرى نفسه في الجهل جمَّ المآثر |
جدعتُ بحول الله مارنَ أنفهِ | وأوطأتُ نعلي منه هامة صاغر |
ألا ثكلت أمُّ الجبان وليدها | وفازت بما حازته أمُّ المُخاطر |
أحِنُّ إلى يوم عبوسٍ عصبصب | تتوق له نفسي حنين الأباعر |
إلى موقفٍ بين الأسنّة والظبا | ومنزلة ٍ بين القنا المتشاجر |
يكثّر فيه الموت عن حدّ نابه | وتغدو المنايا داميات الأظافر |
ترفعت عن قوم إذا ما خبرتهم | وجدتُ كباراً في صفات الأصاغر |
أخو الحزم من لم يملك الحرصُ رقَّه | ولا ينتج الآمال من رحم عاقر |
شديدٌ على حرب الزمان وسلْمِه | جريءٌ على الأخطار غير محاذر |
خُلِقْتُ صبوراً في الأُمور ولم أكنْ | على الضَّيم في دار الهوان بصابر |
إذا ما رأيت الحيَّ بالذلّ عيشه | فأولى بذاك الحيّ أهل المقابر |
ألا إنَّ عُمر المرءِ ما عاش طوله | كطيف خيال أو كزورة زائر |
تمرّ الليالي يا سعاد وتنقضي | وتمضي بباقٍ حيث كان وبائر |
فكيف يعاني الحرُّ ما لا يسرُّه | ويأمنُ من ريب الزمان بغادر |
ومن يأمنِ الدنيا يكنْ مثل واقف | على غرّة ٍ بالموسيات الصواهر |
أزيد على رزء الحوادث قسوة | وإنَّ معاناتي بها غير ضائر |
كما فاح بالطيب الأريج وضوّعت | شذا المندليَّ الرطبَ نارُ المجامر |
أرانا سليمان الزهيرُ وقومه | رجال المنايا فتك أروع ظافر |
يريك بيوم الجود نعمة منعمٍ | ويوم الوغى واليأس قدرة قادر |
يسير مواليه بعزٍّ وسؤدد | ويرجع شاتيه بصفقة خاسر |
لقد ظفِرت آل الزهير بشيخها | بأشجع من ليث بخفّان خادر |
يشقّ إلى نيل المعالي غبارها | ومن دونها إذ ذاك شقّ المرائر |
فذا سيفه الماضي فهل من مبارز | وذا فخره العالي فهل من مفاخر |
ففي الحرب إنْ دارتْ رحاها وأصبحَتْ | تدور على فرسانها بالدوائر |
تحفّ به من آل نجد عصابة | شبيهة ما تأتي به بالقساور |
وكم برز الأعداء في حومة الوغى | وثغر الردى يفتر عن ناب كاشر |
فأوردها بالمشرفيّة والقنا | وارد حتف ما لها من مصادر |
وكم أنهلَ الوّاردَ منهلَ جودِهِ | فَمِنْ واردٍ تلك الأكُفِّ وصادر |
ألا إنَّ أبناء الزهير بأسرهم | أوائلهم متلُوَّة ٌ بالأواخر |
سلِ الحرب عنهم والصوارم والقنا | وما كان منهم في العصور الغوابر |
فهم شيدوها في صدورهم عليَّ | وهم أورثوها كابراً بعد كابر |
أكابرُ يعطون الرئاسة حقّها | ومعروفهم يسدى لبرٍّ وفاخر |
وما برحت في كل مكرمة لهم | مناقب تورى بين بادٍ وحاضر |
قد کستودعت أخبارُ ما فتكت لهم | صدور المعالي في بطون الدفاتر |
يميناً بربّ البيت والركن والصفا | ومن فاز في تعظيم تلك المشاعر |
بأنَّ سليمان الزهير محلُّه | محلٌّ سما فوق النجوم الزواهر |
يقرّ لعيني أن ترى منه طلعة ً | ترى العين فيها قرة ً للنواظر |
فأسمعُ منه ما يشنّف مسمعي | وأنظر فيه ما يروق لناظري |
كريم أكاسير الغنى بالتفاته | فهل كان إلاّ وارثاً علم جابر |
يصحّ مزاج المجد في رأي حاذق | طيب بأدواء الرئاسة قاهر |
يمرّ بنادي الأكرمين ثناؤه | كما مرّ نجديُّ النسيم بعاطر |
وقد نطقت في مدحه ألسُنُ الورى | فمن ناظمٍ فيه الثناء وناثر |
أحامي الحمى بالبأس ما ينوبه | وصنديدها المعروف بين العشائر |
إليك من الداعي لك الله مدحة | مقدَّمة ً من حامد لك شاكر |
فلا زلت في رزق الأسنة تحتمي | وتحمي بحدّ البيض سود الغدائر |