مَنْ لصبٍّ في هواكم مُستهامِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
مَنْ لصبٍّ في هواكم مُستهامِ | دَنِفٍ نهبَ وُلُوعٍ وغَرامِ |
فعلى خديّ ما تسقي الحيا | وعلى جسميَ ثوب من سقام |
فسقاكم غدقاً من أدمعي | مستهلّ القطر منهل الغمام |
عبراتٍ لم أزَل أهرقها | أو بيلّ الدمع شيئاً من أوامي |
زفرة رَدَّدْتها فکضْطَرَمَتْ | في حشا الصبّ أشدَّ الاضطرام |
هل عَلِمْتم بعدما قوَّضتمُ | أنَّ لي من بعدكم نوح الحمام |
فارقت عيناي منكم أوجهاً | أسفرت عن طلعة البدر التمام |
في عذاب الوجد ما أبقيْتُمُ | من فؤادي في غرام وهيام |
مهجة ذاهبة فيكم وما | ذهبت يوم نواكم بسلام |
عرضت واعترض الوجد لها | ورماها من رماة السرب رامِ |
قل لمن سدّد نحوي سهمه | من أَحَلَّ الصَّيْدَ في الشهر الحرامَ |
طالما مرّ بنا ذكركمُ | فتثنّى كلُّ ممشوق القوام |
وبما أتحفَ منأخباركم | ربّما کستغنيت عن كل مدام |
أو كانت عنكم ريح الصبا | نسمت بين خزامى وثمام |
أين ذاك العهد في ذاك الحمى | والوجوه الغر في تلك الخيام |
إنَّ أيّامي في وادي الغضا | لم تكن غير خيالٍ في منام |
من مُعيرٌ ليَ منها زمناً | يرجع الشيخ إلى سنِّ الغلام |
وأَحبّاء كأنْ لم يَأْخذوا | من أبيّاتِ المعالي بخطام |
فرَّقتْ شملهم صرفُ النوى | وَرَمَتْهُم بعواديها المرامي |
ولقد طالت عليهم حَسْرتي | فکقصرا إن تُنْصفاني من ملام |
لستُ أنسى العيش صفواً والهوى | رائقاً والكأسُ ناراً في ضرام |
بينَ ندمان كأَنْ قد أصْبَحوا | من خطوب الدّهر طرّاً في ذمام |
ينثر اللؤلؤ من ألفاظهم | فترى من نثرهم حسن النظام |
تفعل الراح بهم ما فعلت | هذه الدنيا بأبناء الكرام |
إنّما كانت علاقات هوى | أصْبَحَتْ بعد کتّصالٍ بکنصرام |
وکنقضى العهد وأيّام الصبا | أدفلتْ من بعدُ إجفال النعام |
أسفاً للشعر لا حظّ له | في زمان الجهل والقوم اللئام |
فلقوم حلية ٌ يزهو بها | ولأقوام سمامٌ كالسهام |
والقوافي إنْ تصادفْ أهلها | کنسجمت في مدحهم أَيَّ کنسجام |
وقوافيَّ التي أنزلتها | من عليِّ القدرِ في أعلى مقام |
أبلج من هاشم لأوضحَ من | وضح الصبح بدا بادي اللثام |
إنْ يَجُدْ كان سحاباً ممطراً | أو سطا كان عزيزاً ذا انتقام |
يعلم الوارد من تيّاره | أيَّ بحرٍ ذا من الأبحار طامي |
يا لقوم أرهبوا أو أرغبوا | من كرامٍ بحسامٍ أو حطام |
فهمُ الأشراف أشرف الورى | وهمُ السادات سادات الأنام |
هم ملاذ الخلق في الدنيا وهم | شفعاء الخلق في يوم القيام |
نشأوا في طاعة الله فمن | قائمٍ بالقسط أو حبرٍ همام |
رضعوا دَرَّ أفاويق العلى | وغذوا بالفضل من بعد انفطام |
وإذا ما أرهفوا بيض الظبا | أغمدوها في الوغى في كلّ هام |
بأكفٍّ من أياديهم هوامي | وسيوفٍ من أعاديهم دوامي |
ظَلْتُ أروي خَبَراً عن بأسهم | عن سنان الرّمح عن حد الحسام |
وإذا كانتْ سماوات العلى | فهمُ منها سواريها السوامي |
يا ربيع الفضل فضلاً وندى ً | وحياة الجود في الموت الزؤام |
أنتَ للرائد روضٌ أنُفٌ | وزلال المنهل العذب لظامي |
فإذا رمت بَلالاً لصدى ً | ما تعدّاك إلى الماء مرامي |
يا شبيه الشمس في رأد الضحى | ونظير البدر في جنح الظلام |
لم يزدني الشكر إلاّ نعمة | قرنت منك علينا بالدوام |
نبَّهت لي أعين الحظ الّتي | لم تكن يومئذ غير نيام |
بسطت أيديك لي واقتطفتْ | بيد الإحسان أزهار الكلام |
قد تجهَّمْنا سحاباً لم تكن | منك والخيبة ، ترجى بالجهام |
فثناء بالذي نعرفه | وکمتداح بکفتتاح وکختتام |
عادك العيد ولا زلت به | بعدما قد فزتَ في أجر الصيام |
فابقَ واسلم للعلى ما بقيت | سيّدي أنت ودُم في كل عام |