أهاج الجوى برقاً أغارَ وأنجدا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أهاج الجوى برقاً أغارَ وأنجدا | أرقت عليه الدمع مثنى ً وموحدا |
وبت وفي قلبي لهيبٌ كنارهِ | تضرّمَ في جنح الدجى وتوقّدا |
تذود الكرى عن مقلتي عبراتها | فتشرق فيها العين والقلب في صدى |
فكيف وكم لي زفرة بعد زفرة | تصيّر مني فضة الدمع عسجدا |
أحاول من سلمى زيارة طيفها | وأنى يزور الطيف جفناً مسهدا |
وما أطولَ الليلَ الذي لم تصل به | كأنْ جعلت ليل المتيم سرمدا |
إلامَ أداري لوعتي غير صابر | وتمنعني يا وجدُ أنْ أتجلدا |
أما آن للنار الّتي في جوانحي | من الوجد يوماً أن تَقَرَّ وتخمدا |
ولو كان غير الوجد يقدح زنده | بأحشاي من تذكار ظمياء أصلدا |
وما هو إلاّ من سنا بارق بدا | أقام له هذا الفؤاد وأقعدا |
يذكرني تبسام سُعدى فلم أجد | على الوجد إلاّ مدمع العين مسعدا |
وأيامنا الّلاتي مَرَرْنَ حوالياً | بعقد اجتماع الشمل حتى تبددا |
وللَّه هاتيك المواقيت إنّها | مضت طرباً فالعمر من بعدها سدى |
وردنا بها ماءَ المودّة صافياً | وكنّا رعينا العيش إذ ذاك ارغدا |
شربنا نمير الماء عن ثغر العس | غداة اجتنينا الورد من خدّ أغيدا |
وما كان عهدُ الخَيف إلاّ صباية ً | فيا جاده عهد المواطر بالجدا |
وصبّت عليه الغاديات ذنوبها | وأبرق فيها حيث شاء وأرعدا |
وساق إلى تلك المنازل باللوى | من المزن ما ليست تميل إلى الحدا |
تجعجع مثل الفحل هاج وكلّما | أُرِيع بضرب السَّوْط أرغى وأزبدا |
فحيّى رسوم الدار وهي دوارس | إلى أن تراها العين مخضلّة الندى |
على الدار أنْ تستوقف الركب ساعة | بها وعلى الأحزان أن تتجددا |
وليل كأنّ الشهب في أخرياته | تمزق جلباباً من الليل أسودا |
أنال وأولاك الجميل وأرفدا | تذرّ به مقلة النجم إثمدا |
هصرت به غضباً من البان يانعاً | وقلت لذات الخال روحي لك الفدا |
يلين إلى حلو الشمائل جانبي | على أنّني ما زلت في الخطب جلمدا |
تقلد أجياد الكرام قلائدي | وتكسو لئيم القوم خزياً مؤبدا |
وإنّي متى ما شئت أن أنل الغنى | وأبلغ آمالي مدحت محمدا |
فتى من قيش لم تجد ما يسره | سوى أنْ تراه باسطاً للندى يدا |
تودّد بالحسنى إلى كلِّ آمل | وشأن كرمِ النفس أن يتودّدا |
إذا جئته مسترفداً نيل بره | أنال وأولادك الجميل وأرفدا |
فلو أنّني خيرّت بالجود موردا | لما اخترت إلاّ جود كفَّيْه موردا |
وما كان قطر المزن يوماً على الظما | بأمرا نميراً من نداه وأبردا |
وما زال يسعى سعي آبائه الألى | مفاتيح للجدوى مصابيح للهدى |
فأضحى بحمد الله لمّا اقتدى بهم | لمن شمل الدين الحنيفي مقتدى |
وما كان إلاّ مثل ماصار بعدما | وما ضرَّ قدرَ العضب إنْ كان مُغْمَدا |
وهب أنَّ هذا البدر يحيكه بالسنا | فمن أين يحكيه نجاراً ومحتِدا |
تنقّل في أوج المعالي منازلاً | وشاهد في كلٍّ من الأمر مشهدا |
فما اختار إلاّ منزل العزّ منزلاً | ولا اختار إلاّ مقعد المجد مقعدا |
له الله مسعود الجناب مؤيداً | زجرت إليه طائر اليمن أسعدا |
يساعدني فيما أروم بلوغه | إذا لم يكن لي ساعد الدهر مسعدا |
وجرّدت منه المشرفيَّ ولم يزل | على عاتق الأيام عضباً مجرداً |
فتى هاشم قد ساجد بالجود والندى | فيا سيّداً لا زال بالفضل سيّدا |
لك الهمة العلياء في كلِّ مطلب | فلو كنت سيفاً كنت سيفاً مهنّدا |
أبى اللَّه إلاّ أنْ تُسرَّ بك العلى | وتحظى بها حتى تغيظ بها العدى |
بلغت الأماني عارفاً بحقوقها | فأرغمت آنافاً وأكبتَّ حسُدَّا |
وصيّرتني بالرقّ فيما أنلتني | وقد تصبح الأحرار بالفضل أعبدا |
فما راح من والاك إلاّ منعّماً | ولا عاش من عاداك إلاّ منكدا |
وهذا لساني مطلق لك بالثنا | عليك وفي نعماك أمسى مقيدا |
يصوغ لك المدح الذي طاب نشره | يخلّد فيك الذكر فيمن تخلّدا |
فمن ثمَّ أقلامي إذا ما ذكرتها | تخرّ له في صفحة الطرس سجدا |
مناقب إحسانٍ حسانٌ ضوامنٌ | لعلياك أنْ تثني عليك وتحمدا |
فدتك الأعادي من كريم مهذّبٍ | غزارٍ أياديه وقلَّ لك الفدا |
نُصِرْتُ على خصمي به ولطالما | خذلت به خصمي علاءً وسؤددا |
وأرغمتُ أنف الحاسدين بمجده | فلا زال في المجد العزيزَ الممجدا |