ما لها مفرية ً بيداً فبيدا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ما لها مفرية ً بيداً فبيدا | تَقْطَعُ الأَرضَ هبُوطاً وصُعودا |
كلّما لاح لها برق الحمى | نثرت من لؤلؤ الدمع عقودا |
لستُ بالمنكر منها عبرة | إنّها كانت على الحبّ شهودا |
فإلى أين سُراها ولمن | تطس البيداء أو تحشو الصعيدا |
أَوْقَدَ الشوق بها نيرانه | فَتَلَظَّتْ بلظى الوَجد وقودا |
تخمد النارُ وما لي لا أرى | للجوى من مهجة الصبِّ خمودا |
يا أخلاّئي وأعلاقُ الهوى | جاوزتْ من شغف القلب حدودا |
أَخْلَقَتِ بالصَّبر عنكم لوعة | تبعثُ الشوق بها غضاً جديدا |
ووهى يوم نأيتم جلدي | بعدَ ما كنتُ على الدهر جليدا |
خنتمُ عهدَ الهدى ما بيننا | ورَعَيْنا لكمُ فيها عهودا |
من معيدٌ لي في وادي الغضا | زَمَناً مَرَّ ومن لي أَنْ يعودا |
في زرودٍ وقفة أذكرها | فَسقى الله حيا المزن زرودا |
ومن السّربِ مهاة ٌ لحظها | يَصْرَع اللّبَّ ويصطاد الأسودا |
وبروحي شادنٌ من ريقه | لا أعافُ الخمرَ والماء البرودا |
سلب الغصن رطيباً قدُّه | والظِباءُ العُفْرُ ألحاظاً وجيدا |
لامني اللائم عن جهلٍ به | والهوى يأَنَفُ إلاَّ أن يزيدا |
أيّها العاذل يبغي رشدي | خَلِّني والغيّ إنْ كنتَ رشيدا |
إنَّ مَن كانت حياتي عنده | طالما جرَّعني الحتفَ صدودا |
وحرامٌ أنْ أرى سلوانه | ولو أنّي متُّ في الحبِّ شهيدا |
غَلَبَتْني منه أجناد الهوى | إنَّ لمحبِّ على الصبِّ جنودا |
من يريني البانَ والورد معاً | في تَثَنّيه خدوداً وقدودا |
يمّمي أيّتها النوق بنا | سيّدَ السادات والركن الشديدا |
فلئن سِرْتِ بنا حينئذٍ | لعليٍّ كان مسراك حميدا |
لا ترى وجهاً عبوساً عنده | حين تلقاه ولا صدراً حقودا |
منعمٌ سابغة ٌ نعمتهُ | ومفيد من نداه المستفيدا |
كلّما قرَّبتُ من حضرته | فرَّبتْ لي أملاً كان بعيدا |
حيثُ طالعنا فأَبْصَرْنا به | طالعاً من ذلك الوجه سعيدا |
أسرعُ العالم وعداً منجزاً | وإذا أوعدَ أبطاهم وعيدا |
آل بيت سَطَعَتْ أنوارهم | لم تدعْ للغيّ شيطاناً مريدا |
وإذا أعربتَ عن أبنائهم | فاذكر الآباء منهم والجدودا |
تأْخُذُ الآراء عنه رشدها | فيُريها الرشدَ والرأي السديدا |
ليّن الجانب فيه شدّة ٌ | قد أذابت من أعاديه الحديدا |
قُيِّدَتْ عادية الخطب فما | تضع الأغلال عنها والقيودا |
ببنيهِ حفظ الله بهم | مهجة َ المجد طريفاً وتليدا |
رافعٌ راية أعلام الهدى | عاقدٌ للدين بالعزّ بنودا |
في بيوت أذِن الله لها | أنْ نراه في مبانيها عمودا |
من سيوف الله إذ ما جردتْ | قطعت من عنق الشرك الوريدا |
سيّدٌ برٌّ رؤوفٌ محسنٌ | ترك الأحرار بالبرّ عبيدا |
فترى الأشراف في حضرته | قُوَّماً بين يديه وقعودا |
أمطرتْ من يده قطرَ النّدى | في رياض الفضل يُنْبِتْنَ الورودا |
فترى الأقلام في أمداحه | رُكّعاً تملي ثناه وسجودا |
يا ابن قطب الغوث والغيث الذي | لم يزلْ يهلُّ إحساناً وجودا |
أنتم البحر وما زلتُ بكم | مستمدّاً منكم البحر المديدا |
إنْ وَرَدْنا منهلاً من نَيلكم | ما صدرنا عنكم إلاّ ورودا |
ما سواكم مقصد الراجي ولا | في سوى شكرانكم نملي القصيدا |
يا مريد الخير والخير به | |
ليس بالبدع ولا غرو إذا | همتُ في مدحك نظماً ونشيداً |
جُدْتَ لي بالجود حتى خِلْتَني | بندى وابلك الروض المجودا |
وقليلٌ فيك لو أنظمها | في مزاياك لها دُرّاً نضيدا |
فاهنا بالنيشان من سلطاننا | مبدئاً للفخر فيه ومعيدا |
ذلك اليوم الذي وافى به | كان للأشراف في بغداد عيدا |
ملكٌ أرسله مفتخراً | وبه أرسلَ مولاي البريدا |
لم تزل ترقى إليها رتباً | نكبت الشانىء َ فيها والحسودا |