هنِّيتَ بالفرمان والنيشان
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
هنِّيتَ بالفرمان والنيشان | من جانب الملك العظيم الشانِ |
ملكٌ إذا عُدَّ الملوك وَجَدْتَها | من دونه بالعزِّ والسلطانِ |
متفردٌ في العالمين وواحدٌ | بين الأنام فما له من ثان |
وتقول إنْ أبصرته في موكبٍ | فحلالهُ وجمالهُ سيّان |
نعمت بدولته البلاد وأشرقتْ | إشراق دين الله في الأديان |
وأمدَّها من سيرة ٍ نبويَّة | في حكمة ٍ بالأمن والإيمان |
ولقد تلافى الله فيه عبادَه | فالناس منه بحوزة ٍ وأمان |
فالله يعلم والبرية كلُّها | أنَّ المليك خليفة ُ الرحمن |
كالشمس في كبد السماء وضوؤها | يغشى بكلِّ النفع كلَّ مكان |
قد كان سرُّ اللطيف فيه مكَّتمتا | حتى استبان وضاق بالكتمان |
ولقد أراد الله في تأييده | أنْ يرجعَ الطاغين بالخذلان |
وإذا نظرت إلى طوّية ذاته | نظراً إلى المعروف والإحسان |
أيقنتَ أن وجوده لوجودنا | كالماء ينقعُ غلَّة َ الظمآن |
ملك إذا زخرَتْ بحارُ نواله | يُخشى على الدنيا من الطوفان |
فاقت بنو عثمان في سطانها | بالدّين والدنيا بني ساسان |
فَتحوا البلادَ ودَوَّخوها عَنْوَة ً | وجَرَت مدائِحهم بكلَّ لسان |
فهم العباد الصالحون وذكرهم | قد جاءَ بعد الذكر في لاقرآن |
هذا أمير المؤمنين وهذه | آثاره من حازمٍ يقظان |
جعل العراق بنامق في جنة | محفوفة ً بالرَّوح والرَّيحان |
فردٌ من الأفراد بين رجاله | لم يختصم بكماله إثنان |
تعم المشيرُ عليه في آرائه | الصادق العرفات في الثوران |
ما حلّ في بلدٍ وآب لمنزلٍ | إلاّ وآمنَها من الحدثان |
لا تعجبنَّ لنامق في فتكه | ليثُ الحروب وفارس الفرسان |
تروي صوارمه الفخار عن الوغى | لا عن فلانِ حديثها |
يفتضُّها بالمشرفيّة والقنا | بكراً من الهيجاء غير عوان |
ولربّما أغنته شدّة بأسه | عن كلّ هنديٍّ وكل يماني |
أعيانُ من رفعَ الوزارة شأنها | ألفته عينَ أؤلئك العيان |
يا أيها الركن الأشد لدولة | بنيت قواعدها على أركان |
دارتْ بشانيها رحى تدميرها | فكأنها الأفلاك بالدوران |
أحكمتها بالصَّدقِ منك مبانياً | في غاية الإحكام والإتقان |
فحظيت من ملك الزمان بما به | فخرٌ على الأمثال والأقران |
ولقد بلغت من العناية مبلغاً | يسمو برتبتها على كيوان |
سستَ العراق سياسة ملكية | ما ساسها ذو التاج نوشروان |
وسَّعْتَ كل الضيق من أحوالها | حتى من الطرقات والبنيان |
قرَّبتَ أرباب الصلاح بأسرهم | ومحوتَ أهلَ البغي والعصيان |
وكذا الهماوند الذين تنمَّروا | وتمرَّدوا بالظلم والعدوان |
دَمَّرَتهم لمّا عَلِمْتَ فسادَهم | وضرارهم بالأهل والأوطان |
خَلَعوا من السلطان طاعتَه التي | في غيرها نزعٌ من الشيطان |
لله درُّك من حكيم عارف | إنَّ الحسام دواء داء الجاني |
جرَّدتَ من هممِ الرئيس مهنّدا | ما أغمدته القين في الأجفان |
وعلمت ما في بأسه من شدّة ٍ | معْ أنّه في لطفه روحاني |
لبّاك حينَ دعوتَه لقتالهم | لا بالبطيء لها ولا المتواني |
فمضى بأعناق العصاة غرارهُ | والسَّيف لم يقطعْ بكفِّ جبان |
فكسا به منطيب ذاتك نفخة | عطريّة الأنفاس والأردان |
هنيت بالولد الجميل ونيلهِ | رتبَ العلى من حضرة السلطان |
أضحى أميرَ لوائه في عسكر | لا زال منصوراً مدى الأزمان |
وبما حباك الله في تأييده | والفخرُ في نيشانك العثماني |
لاحت أشعَّته عليك لجوهر | كالنجم بل كالشمس في اللمعان |
هذا محلُّ الافتخار فدم به | بالعزِّ والتمكين والإمكان |
فرن المؤيد جوهراً في جوهرٍ | فرأت به بغداد سعْدَ قران |
فرحٌ على فرحٍ يدوم سروره | تجلو القلوب به من الأحزان |