مَن لِصَبٍّ مُسْتَطارِ القَلْب هائمْ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
مَن لِصَبٍّ مُسْتَطارِ القَلْب هائمْ | يشتكي المهجة َ من رمحٍ وصارمْ |
عاقدَ الحبَّ على أنْ لا يرى | في التصابي غير محلول العزائم |
إنّما تفتك في أحشائه | نظرات ليس ترقيها التمائم |
رحمة للصبِّ ما يشكو إلى | راحمٍ يوماً وهل للصبّ راحم |
يا خليليَّ کنصفاني من جوى ً | أنا نظلومٌ به الشوق ظالم |
ما لهذا البرق يهفو وامضاً | بات يبكيني نجيعاً وهو باسم |
ويثير الوجْدَ يوري زنده | فاحمَ الليل وفرع الليل فاحم |
أذكرُ العيش وأيّام الحمى | ناعمات العيش بالبيض النواعم |
يا سقى الله الحمى من موطن | يزأرُ الليث به والظبي باغم |
كم وكم قد فتكتْ فکنتصرْت | أعينُ الغزلان بالأسد الضراغم |
وكميٍّ حازمٍ أَصْبَحَ في | قبضة الحبِّ وما ثمَّة َ حازم |
نام عنّي غافلاً عن كمدي | رب ساع ساهِر الطرف لنائم |
ويمجُّ الشَّهدَ من ريقته | ولحظّي منه تجريع العلاقم |
حاربتني الأعينُ النجلُ ومن | مُهْجَتي غُذُّوا ومن لي أَنْ تسالم |
ما أحلَّ القتل إلاَّ عامداً | مستبيحٌ سيفُ عينيه المحارم |
معجبٌ من حسنه مبتسمٌ | يودعُ اللؤلؤ هاتيك المباسم |
قاتلي من غير ذنبٍ في الهوى | أنتَ في قتلي رعاك الله آثم |
سفكت أحداقك اسودَ دمي | أينَ من أحداقك البيض الصوارم |
فِعْلُ أَلحاظك في عُشّاقها | يتعّدى بشباها وهو لازم |
لي على قدّك نوحٌ في الدجى | مثلما ناحت على الغصن الحمائم |
ساغ ما جرَّعتني من غصَّة ٍ | غير أَنّي عن جنى ريقك صائم |
فَضَحَ الحبُّ الهوى في أهْلِهِ | وبدا من كاتمٍ ما هو كاتم |
لا أرى الله عذولي راحة ً | لامني فيك فما أُصغي للائم |
وبلائي كلُّه من لائم | باتَ يلحو وحبيبٍ ولا يلائم |
والهوى داء كمين في الحشا | ليت شعري ما لهذا الداء حاسم |
كان لي صبرٌ فما دام وما | كان صبر الصبّ بعد الصدّ دائم |
كيف يسلو ذاكرٌ عهد الهوى | جدَّدَ الذكر لعهد متقادم |
عَجَباً للشَّوْق يبني ما بنى | يا ترى يهدمه من بعدُ هادم |
وبصدري زفرة ٌ لو كشفت | للصَّبا يومئذٍ هَبَّت سمائم |
غير أَنّي والأماني جمَّة | لا أبالي وأبو سلمان سالم |
سيّدٌ أمَّا نداه فالحيا | مستهلٌّ من سَحابٍ متراكم |
فهو للصّادي إذا بلَّ الصدى | مَوْرِدٌ عذبٌ وبحرٌ متلاطم |
شِمْتُ منه البَرق عُلْويَّ السنا | مُؤْذِنُ العارضِ بالغيث لشائم |
كسَحاب القطر إلاَّ أنَّه | يتبع الساجم منهلاً بساجم |
إنَّ مَن يرويك عنه خبراً | لا كمن يرويك عن كعب وحاتم |
عن رسول الله عن أبنائه | ما رَوَيْنا من أحاديث المكارم |
صفوة الله من الخلق وهم | عالم المعروف والناس عوالم |
هم هداة الخلق لولا جدُّهُم | وهداهم كانت الخلق بهائم |
آلَ بيتٍ خُلِقوا مذ خُلِقوا | للعلى ركناً وللدين دعائم |
فتحَ الله علينا بهمُ | في مفاتيح العطايا والخواتم |
حبّذا نَجْلُ عليٍّ إنَّه | عبقُ الأخلاق عطريُّ النسائم |
قال من أَبْصَرَه مستبشراً | هكذا فلْتَكُ أبناءُ الأكارم |
وارثٌ بعد أبيه في العلى | من بني هاشم ما أَوْرَثَ هاشم |
شرفٌ محضٌ ومجدٌ باذخ | أيُّ فرعٍ من فروع الفخر ناجم |
يرتقي في كلّ يوم رفعة | في المعالي ليس ترقى بالسلالم |
بأبي الأشراف عن بأس لهم | أعربت سمر القنا وهي أعاجم |
وتوالت من يديهم أنعمٌ | فاز من كان لها عاش لائم |
لي ولي منكم وأَنْتم أهْلُها | نعمٌ ترفعني فوق النعائم |
فجزيتم سيّدي عن شاعرٍ | ناثرٍ فيكم مدى الدهر وناظم |
مثلَ ما هَبَّتْ صَباً من حاجر | ترقص الأغصان منها بالكمائم |
ولنعمائك فينا أثرٌ | إنَّ آثارك آثار الغمائم |
هل درى السيّد فيما قد درى | أَمْ هو الآن بما أعْلَمُ عالم |
إنَّ هندواتكم في كربة ٍ | ما له منها سواك اليوم عاصم |
تابَ ممّا قد جنى من ذنبه | وعلى التوبة ِ قد أصبح نادم |
ولهذا أنا بکستعطافكم | قارعٌ باللُّطف أبوابَ المراحم |
إنْ تشأ أنقذته أوْ لا فلا | فَعلَى أيّهما أصبَحْتَ عازم |
فتعطَّفْ سيّدي والطف به | وعليه إنَّه مولاي خادم |
دُمْتَ لي ظلاً ظليلاً وله | وإنَّما ظلُّك للراجين دائم |