تَذَكَّرَ عَهداً بالحمى قَد تَقَدَّما
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
تَذَكَّرَ عَهداً بالحمى قَد تَقَدَّما | فأجرى عليه الدَّمعَ فرداً وتوأما |
ولاسيما إذ شاهد الربع لم يدع | له أهله إلاّ تلالاً وأرسما |
وآثار ما أبقى الخليط بعهده | ونؤياً كمعوجِ السّوار مهدَّما |
منازل كانت للبدور منازلاً | وإنْ شئتَ قل كانت محاريب للدمى |
لهونا بها والعيش إذ ذاك ناعم | فلّله عيشٌ ما ألذَّ وأنعما |
زمان مضى في طاعة الحب وانقضى | وصلنا به الّلذات حتّى تصرَّما |
خَليليَّ عُوجا بي على الدار إنّني | أشدُّ بلاءاً بالمنازل منكما |
خليليَّ هذا الحبّ ما تعرفانه | خَليليَّ لو شاهدْتُما لعرفتما |
خَليليَّ رِفقاً بي فقد ضرّني الهوى | ألمْ موجعَ القلب مؤلما |
ونمَّتْ على وجدي دموعٌ أرقتها | ولم يبق هذا الدمع سرّاً مكتما |
فلا تمنعاني وقفة ً أنَا سائل | بها الدارَ عن حيّ نأى أين يممَّا |
وَقَفْنا عليها يا هذيم وكلّنا | حريصٌ على الأطلال أنْ تتكلما |
نعالج فيها لوعة ً بحشاشة ٍ | على الرسم منّا نمزج الدمع بالدما |
فلم نرتحل يوماً لنسقي معاهداً | من الدار في سلع وفي الدار من ظما |
بعبرة مشتاق إذا لم تجد لها | من الدمع ما يروي اتلديار بكت دما |
أحِبّاءَنا شَطَّتْ بهم شطط النوى | فأتبعتهم منّي فؤاداً متّيما |
هبوا لعيوني أنْ يحلَّ بها الكرى | وإنْ كان نومُ العاشقين محرّما |
أَلا رُبَّ طَيْف زَارَ ممَن احِبُّه | وما زار إلاّ من سليمى وسلَّما |
سرى من زرود منعماً بوصاله | وما كان إلاّ في الحقيقة منعما |
فأرَّقني والليلُ يسحبُ ذيله | وفارق صبّاً لا يزال متيما |
وبرقٍ كنار الشوق توقد بالحشا | تلهَّبَ في جنح الدجى وتضرّما |
بليلٍ كحظّي منه قطَّبَ وجهه | فما زلتُ أبكي فيه حتى تبسّما |
أساهرُ فيه كل نجم يمرُّ بي | إلى أعين باتت عن الصبّ نوَّما |
سقى الله أيّاماً خَلوْنَ حوالياً | على الجزع بالجرعاء من أَيْمَنِ الحمى |
ولا بِدْعَ أنْ يسمو وها قد سما | رواء إذا ما ساقها الرعد أرزما |
كراحة عبد القادر القرم لم تزل | تهامي على العافين فضلا وأنعما |
يصبّ الحيا في صَوْبه مثل سَيْبهِ | كأنْ علمَ الغيثَ الندى فتعلّما |
إذا جئتُه مسترفداً رِفْدَ فضله | غَدَوْتُ إذَنْ في ماله متحكما |
وَرَدْتُ نداه ظامئاً غير أنَّني | وردتُ إليه البحر والبرح قد طمى |
ولولا جميل الصنع منه لما رأَتْ | عيوني وجه العيش إلاّ مذمما |
من القوم يولون الجميل تَفَضُّلاً | ولم يحسنوا الإحسان إلاّ تكرّما |
أطرتُ لديه طائرَ اليمن أسعداً | وكنّا أطرنا طائر النحس أشأما |
ودَّخرِ الذكر الحميد بفضله | ولم يدَّخرْ يوماً من المال درهما |
رأيتُ يَساري كلَّما كان موسراً | ولم يرض إعدامي إذا كان معدما |
فما يجمع الأموال إلاّ لبذلها | ولا يطلب النعماء إلاّ لينعما |
برغم الأعادي نال همَّة نائل | فجدَّعَ آناف العداة وأَرْغما |
ولو رام أنْ يرقى إلى النجم لأرتقى | ويوشك ربّ الفضل أنْ يبلغ السما |
فلا غروَ أنْ يعلو وها هو قد علا | |
عزائِمُهُ كالمَشْرِفيَّة ِ والظُّبا | وآراؤه ما زِلْنَ بالخَطب أَنْجُما |
يُصيبُ بها الأغراض ممّا يرومه | ولا يخطىء ُ المرمى البعيدَ إذا رمى |
وكم من خميسٍ قد رماه عرمرم | فقرَّقَ بالرأي الخميسَ العرمرما |
فلو أَبْرَزَتْ آراؤه غَسَقَ الدجى | لحثّ الدجى عن أشقر الصبح أدهما |
وأَثْقَلَ بالأيدي لساني وعاتقي | أَلَمْ تَرَني لا أستطيع التكلما |
وإنّي وإنْ لم أقضِ للشكر واجباً | بمستغرم أصبحت في المجد مغرما |
سكتُّ وأنطقت اليراع لشكره | فأعربَ عما في ضميري وترجما |
جرى وكذا لا زال يجري بمدحه | فغرَّدَفي مدحي له وترنّما |
وأوْلى الورى بالشكر من كان محسناً | وأوْلى الورى بالحمد من كان منعما |
لك الله مطبوع على الجود والندى | فلو رام إقداماً على البخل أحجما |
شكرتك شكر الروض باكره الحيا | سحاباً عليه آنهلَّ بالجود أو همى |
لك القلم العالي على البيض والقنا | جرى فجرى رزقُ العباد مقسّما |
ففي القلم الحادي وصاحبه النهى | عَلَوْتَ به حتى ظننّاه سُلّما |
وسيَّرتَ ذكرَ الحمد في كلّ منزلٍ | فأَنْجَدَ في شرق البلاد وأَتْهَما |
أضاءَ بكَ الأيامَ لي وتبلَّجتْ | وأشْرَق فجرٌ بعدما كان مظلما |
رفعتَ مقامي مرغماً أَنْفَ حاسدي | فأَصْبحتُ إذ ذاك العزيزَ المكرّما |
صفا لي منك الجود عذبٌ غديره | فجَّرعْتُ أعدائي من الغيظ علقما |
أطلتَ يدي في كلّ أمرٍ طلبته | وغادرتَ شاني عبدِ نعماكِ أجذما |
وبلَّغتني أقصى الرجاء فلم أَقُلْ | عسى أبلغُ القصدَ القصيٍّ وربّما |
وعظَّمتني في نفس كلِّ معاند | فلا زِلْتَ في نفس المعالي مُعَظَّما |