كاد أنْ يقضي سقاماً ونحولا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
كاد أنْ يقضي سقاماً ونحولا | إذ عصى في طاعة الحبّ العذولا |
دنفٌ لولا هواكم ما شكا | كبداً حرّى ولا جسماً نحيلا |
علم العاذل ما لاقى بكم | يوم أزمعتم وإنْ كان جهولا |
من صباباتٍ أذابته أسى ً | وغرام أهرقَ الدمع همولا |
وصبابات الهوى قد سَوَّلَتْ | لدموعي في جفاكم أنْ تسيلا |
لا أرى الصَّبر جميلاً عنكم | ومحال أن أرى الصبر جميلا |
قد ذكرناكم على شحط النوى | فانشنينا عند ذاك الذكر ميلا |
يا لها ذكرى ً أهاجت لوعة | أخذتْ منّي الحشا أخذاً وبيلا |
هبَّتِ الإرواح من أحيائكم | فانتشقناها شمالاً وقبولا |
فكأنّا بالصّبا حينئذٍ | قد شربناها من الراحٍ شمولا |
يا رفيقيّ وهل من مُسْعدٍ | لعليل يشتكي طرفاً عليلا |
بلّ كُميّهِ من الدمع وما | بلّ من أحشائه الدمع غليلا |
لامني العاذل جهلاً بالهوى | وغدا الناصر في الحبّ خذولا |
أنا لولا شغفي فيكم لما | وجدَ الّلاحي إلى العذل سبيلا |
ما على اللائم من مستغرم | يعشق السالف والخدَّ الأسيلا |
راح يلقي -لقيَ السُّوءَ- على | مسمعي في عذله قولاً ثقيلا |
ليتني قبل الهوى لم أتّخذْ | ساحر الطرف من السرب خليلا |
لست أدري إذ رَنَتْ ألحاظهم | ألِحاظاً أَرْهَفُوها أم نصولا |
ظعن الحيُّ وأضحى حبُّهم | يسأل الأرْسُمَ عنهم والطلولا |
ليت شعري أين سارت عِيسُهم | تقطعُ البيداء وَخْداً وذميلا |
ويعاني ما يعاني بعدَهُم | زفرة َ الأشواق والحزنَ الطويلا |
ساهرُ المقلة في الوجد فما | يطعم الغمض به إلاّ قليلا |
أَمَروا بالصبر عنهم ولكم | لذتُ بالصَّبر فما أغنى فتيلا |
صاحبي أنت خبيرٌ بالهوى | أترى مثل الهوى داءً قتولا |
عارضٌ منن عبرة أهرقتها | روَّضَتْ رَوْضَ جوى ً كان محيلا |
إن أردْتُم راحة الروح بكم | فابعثوا الريح إلى روحي سبيلا |
وأَعِدْها مرَّة ً ثانية ً | يا نسيماً هيّج الوجد بليلا |
علمَ الله بأنّي شاعر | لم أقل زوراً ولم أَمْدَحْ بخيلا |
قد كفاني الله في ألطافه | بأبي عيسى نوالاً ومنيلا |
بالزكيِّ الطاهرِ الشَّهْمِ الذي | طابَ في الناس فروعاً وأُصولا |
من يُنيل النَّيْل من إحسانه | والعطاء الجمَّ والمال الجزيلا |
وإذا ما لفحت هاجرة ٌ | كان من رمضائها ظلاًّ ظليلا |
واضح الفخر ومن هذا الذي | يبتغي يوماً على الشمس دليلا |
من فتى ً فيه وفي آبائه | كلّ ما قد قيل في الأنجاب قيلا |
أنجبُ العالم أمّاً وأباً | وأعزُّ الناس في الناس قبيلا |
إنّما آل جميل غرَّة ٌ | ألهموا المعروف والفعلَ الجميلا |
ورثوها عن أبيهم شيماً | تبلُغ العلياءَ والمجد الأثيلا |
قد أحلَّتهم نفوسٌ شرفتْ | بمكان الأنجم الزهر حلولا |
قل لمن يزعم أن يُشْبِهَهُمْ | لم تنلْ بالزعم شيئاً مسحيلا |
وبروحي من يهين المال في | جوده الوافي ومن يحمي النزيلا |
وإذا ما هزّه مستنجدٌ | بعُلاهُ هزَّه عضباً صقيلاً |
طاول الشمّ الرواسي في العلى | وجديرٌ في علاه أنْ يطولا |
وإذا ما سئل الفضل اغتدى | مُبلِغاً من كلّ ما يُسأَلُ سولا |
لم أزل حتى أوارى في الثرى | مقصراً فيهم ثنائي ومطيلا |
أورِنُوها كابراً عن كابر | مكرُماتٍ لم تزل جيلاً فجيلا |
نجموا بعد أبيهم أنجماً | لا أراهم بعد إشراقٍ أُفولا |
خلفٌ عن سالفٍ أخلفهم | للندى بحراً وللوفد مقيلا |
كلُّ فردٍ يلبس الدهر به | غرراً تشرقُ فيه وحجولا |
مظهرٌ من صنعه منقبة | حيَّر الأَفكار فيها والعقولا |
أبدعوا في مكرماتٍ منهم | فعلت آياتها فيهم فصولا |
سَلْهم الفضل فهم أهل له | وسواهم يحسب الفضل فضولا |
وارتقب أنواءهم ممطرة ً | لا ندى ً نزراً ولا وعداً مطولا |
ضمنتْ آمالنا إحسانهم | وتضمَّنْ ولا ريب الحصولا |
يا بني عبد الغنيّ العزّ لي | في معاليكم وما كنتُ ذليلا |
كُلَّما أَلْبَسْتُ شعري مدحكم | سحبَ الشعر من الفخر ذيولا |