جسدٌ أشبهُ شيءٍ بالخيال
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
جسدٌ أشبهُ شيءٍ بالخيال | وفؤادي عن هَواكم غيرُ سالِ |
وعيونٌ نَثَرَتْ أدمُعَها | لثغورٍ نُظِمَت نَظْمَ اللآلي |
دَنِفٌ لولا هواكم ما کغتدى | معَ حسن الصبر في أسوأ حالِ |
قد يراه الشوق فيكم فانبرى | وهو لا يُمتاز من عُود الخلال |
مُعرِضاً عن عاذلٍ في حبّكم | لم يَكَدْ يُصغي إلى قيل وقال |
سادة ِ الدنيا وأعلام الهدى | لشجٍ أصبحَ مشغوفاً بخالي |
هل ترتحون محبّاً من جوى ً | أو تُبِلّون غليلاً ببلال |
وخيالٍ زَارني منكم فما | زادَني إذ زارني غيرَ خيال |
هيَّجَ النار التي أعهدها | ذات إيقاد بقلبي واشتعال |
ضاربٌ لي مثلاً منكم وما | لوجوه أَجْتَلِيها من مثال |
وبذكراكم على شحط النوى | كيف لا أشرقُ بالماء الزلال |
إنَّ بالشّعب سقى الشّعبَ الحيا | آل بيت المصطفى من خير آل |
نَظَمَتْنا الراحُ في أسلاكه | في ليال مثل أيّام الوصال |
كان للّهو به لي منزلٌ | غرّة في الأعْصُر الدهم الأوالي |
سنحتْ فيه الظّبا واقتنصت | مهجَة الضيغم أَحداقُ الغزال |
سحرتني يا ترى من ذا الذي | علّم الأحداق بالسحر الحلال |
ورَمَتْني فأَصابت مَقْتَلي | يا سلمى ما لعينك وما لي |
كم أرتني لا أرتها راحة ً | غيرَ ما يخطرُ منهنَّ ببالي |
نظراتٌ كنتُ قد أرسلتها | وبها يا سعد قد كان وبالي |
ليتَ شعري يومَ صَدَّت زَينَبٌ | لملالٍ كان منها أمْ دلال؟ |
موقف التوديع كم أَجْرَيْتَ لي | عبراتٍ رخصت وهي غوالي |
لم أجد فيك التفاتات إلى | كبدٍ حرّى ولا دمعٍ مذال |
أينَ لا أينَ لنوقٍ أَصْبَحَتْ | تتراءى بين حلٍّ وارتحال |
قد ذكرنا عهدكم من بعدكم | فتعلَّلنا بأنفاس الشمال |
انقضى العهدُ جميلاً وانقضتْ | دولة ٌ كانت لربات الرجال |
كنتُ مشغوفاً فلّما أنْ بدا | وضحُ الشَّيب بفوديَّ بدا لي |
وأراني في خطوبٍ طبّقتْ | أنا والأيام في حربٍ سجال |
من رآني قال لي ممّا أرى | هكذا تصنع بالحر الليالي |
لَسْتُ منحطّاً بها عن رتبة | ومقامي من عليّ القدر عالي |
من مُثيبي سَعَة العيش وإنْ | كنتُ منها اليوم في ضيق مجال |
مَوْرِدٌ أَصْدُرُ عنه بالذي | أَبْتَغيه منه في جاه ومال |
إنْ تَقَدَّمْتُ إليه فالمنى | من نداه والعطاء المتوالي |
وإذا أبصرتُ منه طلعة ً | راعني بين جمالٍ وجلال |
لم تَطِشْ دهياءُ ما وقَّرها | من حُلومٍ راسيات كالجبال |
ومزيلٍ كلَّ خطبٍ فادحٍ | للرزايا غير مرجوّ الزوال |
لم تكد تحصى سجاياه التي | رفعَ الله بها بيتَ المعالي |
وخلالٍ يُشْرِفُ المجدُ بها | يُعْرَفُ المعروف من تلك الخلال |
مُتْبِعُ الحسنى بحسنى مثلها | يصلُ الدهر بها والدهر قال |
رجلٌ أوتي من خالقه | صولة ترغمُ آناف الرجال |
يتوالى مُنْعِماً إحْسانَه | وأجلُّ الغيث ما جاءك تالي |
ولهُ الله فغايات العلى | نال أقصاها على بعد المنال |
آل بيتٍ كلّ خير فيهمُ | منقذي العالم من هلك الضلال |
بأَبي من سادة أذخرهم | لمعاشي ومعادي ومآلي |
قَوَّموا الدينَ وشادوا مجده | ثَقَّفوا السؤدد تثقيف العوالي |
دوحة ٌ شامخة ٌ منها الذرا | أنا منها أبداً تحت ظلال |
كَمُلَ الفَضل بهم بهجته | أين بدر التم من هذا الكمال |
شغل الشكر لساني ويَدي | بعليٍّ بعد محمود الفعال |
رُحْتُ أسْتَحلي قوافيَّ به | وهيَ فيه أبدَ الدهر حوالي |
لعطاءٍ غيرِ ممنونٍ ولا | يحوج العافي إليه بالسؤال |
إنَّ لي فيه وربّي أملاً | منجز الميعاد من غير مطال |
فكأنّي روضة ٌ باكرها | صيّبُ المزن وحالاً بعد حال |
لا أرى منفصلاً عن ثروة | وبعليائك مولاي اتصالي |
نِلتُ فيك الخير حتى إنّني | صرتُ لا أطمع إلاّ بالمحال |
منعمٌ في كلِّ يومٍ نعمة ٍ | وكذاك المفضل العذب النوال |
لا براحٌ عن مغاني سيّد | ولدى عليائه حطّت رحالي |
جزتَ أجرَ الصَّوم فاهنأ بعده | سيّد الاسدات في هذا الهلال |